قال علماء وكالة الفضاء الاميركية "ناسا" إنهم لاحظوا مياهًا تسيل داخل اخاديد وعلى سفوح حفر فوق سطح كوكب المريخ خلال اشهر الصيف، وهو ما يعطي الامل بالعثور على شكل من اشكال الحياة على سطح الكوكب.

وتكون هذه المياه بقعًا داكنة على سطح المريخ، وهي تنساب على مسافة مئات الامتار خلال اشهر الصيف لتجف بحلول الخريف ومع انخفاض درجات الحرارة.

وأظهرت صور التقطت من مدار المريخ منحدرات واخاديد على سفوح حفر وفوهات على سطح الكوكب.

ما مصدر المياه؟

ليس بمقدور العلماء التأكد من اين تأتي هذه المياه. ولكن الاحتمالات هي ان تكون مياهاً جوفية جامدة أو مالحة أو ان يكون مصدرها الغلاف الجوي للكوكب نفسه.

وقال ميخائيل ماير الذي يعمل في برنامج المريخ في وكالة ناسا لصحيفة الغارديان البريطانية، "هناك ماء يسيل على سطح المريخ ولذا نعتقد بامكانية العثور على بيئة ملائمة للحياة على الاقل".

تدفق المياه هذا قد يدل ناسا ووكالات فضاء اخرى على اماكن فيها حياة، وعلى مواقع يمكن انزال مركبات مأهولة فيها في المستقبل ويمكن الحصول فيها على مياه من مصدر طبيعي.&

وقال جيم غرين "المريخ ليس كوكبًا جافًا ووعرًا كما كنا نظن في الماضي إذ عثرنا على ماء سائل على سطحه".

الماء ترك آثاره على سطح المريخ

وكانت ناسا قد اكتشفت في وقت سابق أن مياهًا كانت تغطي سطح الكوكب في ما مضى، حيث اظهرت صور سابقة ارسلتها مركبات فضائية في سبعينات القرن الماضي آثار انهر وآثار سهول كانت مغمورة بمياه بحيرات قديمة.

وفي وقت سابق من هذا العام، عثرت ناسا على ادلة على ان نصف القطب الشمالي لكوكب المريخ كان مغطى بمياه محيط في الماضي السحيق.

بعد ذلك أظهرت معلومات ارسلتها المسبارات المرسلة الى المريخ، اشارات الى أن الكوكب&لا يزال رطبًا. فقبل عقد تقريبًا التقط مسبار Mars Global Surveyor صورًا لما بدا انه ماء ينبثق من جدار فوهة وينحدر حول صخور واحجار.

وفي عام ٢٠١١ التقطت كاميرات متطورة في مسبار Mars Reconnaissance Orbiter&ما بدا انه مجرى ماء ينحدر من جدران فوهة اعتبارًا من اواخر فصل الربيع حتى اوائل فصل الشتاء. وفضل العلماء توخي الحذر في تخميناتهم فاطلقوا على هذه الظاهرة اسم "خطوط منحدرة متكررة" او RSL.

الادلة عديدة

بعد ذلك لجأ الباحثون الى آلة اخرى يحملها مسبار Mars Reconnaissance Orbiter&وذلك بتحليل التركيبة الكيمياوية لهذه المجاري المائية.

وقام لوجيندرا اوجها من معهد جورجيا التكنولوجي في اطلنطا وزملاؤه بتحليل الاشعة تحت الحمراء التي تعكسها جدران المنحدرات الصخرية عند ظهور هذه المجاري المائية ثم عند نهاية فصل الصيف في المريخ.

ونشر الفريق نتائج تحليلاته وملاحظاته في مجلة علوم الجيولوجيا الطبيعية حيث كشفوا عن عثورهم على ادلة عن وجود املاح رطبة وهذه الاملاح دليل واضح على وجود مياه في المواقع الاربعة، التي تمت دراستها وهي: فوهات هيل وباليكير وهوروفتز ثم اخدود كوبريتز تشازما.

وقال الفريد ماكوين وهو مختص بجيولوجيا الكواكب في جامعة اريزونا وأحد اهم واضعي هذه الدراسة، "ربما تكون هذه اهم الاماكن للبحث عن حياة قرب السطح الخارجي للمريخ"، ثم اضاف "من المهم جدا العثور على دليل على حياة سابقة في المريخ ولكن سيكون من الصعب معرفة الكثير عنها على الصعيد البيولوجي. اما العثور على حياة حالية فسيوفر لنا معلومات قيمة جدًا".&

الماء يسيل تحت درجة الصفر المئوي

ولاحظ العلماء أن هذه المجاري المائية تظهر فقط عندما تزيد درجة الحرارة في الكوكب على - ٢٣ درجة مئوية. ويمكن للماء ان يسيل في هذه الدرجة لان الاملاح تخفض درجة الانجماد وهذا يعني ان الماء يبقى سائلاً ولو تحت درجة الصفر بكثير.

وقال ماير "كانت لدينا تساؤلات كثيرة ولكننا ندرك الان ان هذا الدفق هو عبارة عن ماء متفاعل مع املاح".

إياكم ونقل الميكروبات

ويقول جون بريجز المختص في علوم الكواكب في جامعة لايسيستر إن الدراسة رائعة ولكنها قد تثير قلق وكالات الفضاء. إذ يمكن استخدام هذه المجاري المائية للحصول على مصدر للمياه على سطح المريخ وللبحث عن شكل من اشكال الحياة ولتنظيم رحلات مأهولة الى المريخ في المستقبل. ولكن هناك مشكلة وهي ان جميع وكالات الفضاء مطالبة ببذل كل الجهود الممكنة لتجنب تلويث مناطق مكتشفة بميكروبات من الكرة الارضية، وهذا ما يجعل من زيارة مثل هذه المناطق امرًا صعبًا للغاية.

مصادر المياه

يركز الباحثون حاليا على معرفة من اين تخرج المياه. ومن الاحتمالات هي ان مصدرها صخور مسامية تقع تحت سطح الكوكب وتحتفظ بمياه جامدة ما تلبث أن تتحول الى الحالة السائلة خلال اشهر الصيف ثم تتسرب الى السطح.&

الاحتمال الثاني هو ان هناك مياهاً جوفية مكثفة الملوحة منتشرة في مناطق معينة تحت سطح الكوكب في شكل صخور رملية مشبعة وليس في شكل بحيرات تحت الارض.

وهذا قد ينتج تدفقًا للمياه في بعض المناطق، ولكنه لا يفسر انبثاق المياه من اعلى سفوح الفوهات والحفر.

اما الاحتمال الثالث وهو المفضل لدى ماكوين فهو أن الاملاح الموجودة على سطح المريخ تمتص الماء من الغلاف الجوي حتى تصل حالة التشبع فيخرج الماء منها متدفقًا الى المنحدرات.&

هذه الظاهرة لوحظت في صحراء اتاكاما في اميركا الجنوبية، وهي تؤدي الى ظهور بقع رطبة لتكون الاماكن الوحيدة التي تعيش فيها ميكروبات.&

وقال بريجز إن هذه الدراسة رائعة وقد غيّرت الطريقة التي ننظر بها الى المريخ، ومن المؤكد اننا سنظل نناقش هذه المستجدات لفترة طويلة مقبلة".