فتحت حلقة الأسبوع الماضي من البرنامج الأميركي الشهير "جي بي اس"، النار على سياسات طهران وإدارة الرئيس الأميركي باراك اوباما تجاه الشرق الأوسط، حيث أوضح غالبية المحللين الذين استضافهم مقدم البرنامج فريد زكريا، بان طهران تسعى لإحداث توتر طائفي، وزيادة نفوذها في البلدان العربية في ظل غياب أي دور أميركي، وهو ما حدى بتحرك سعودي حازم كونها الدولة الأقوى بين الدول العربية، والتي مازالت تقف على قدميها، لانتزاع الدور الريادي الذي يسمح لها بالتفاوض والبدء بسحب النفوذ الإيراني من العالم العربي.

واستضاف البرنامج الذي يعرض على قناة "سي ان ان" بشكل أسبوعي كل من "روبين رايت"، الكاتبة في صحيفة "ذا نيويوركر"، زميلة معهد الولايات المتحدة للسلام، وأيضا "فالي نصر" الأستاذ بمعهد جون هوبكينز للدراسات الدولية المتقدمة، ومستشار سابق في وزارة الخارجية، إضافة إلي "مارتن إنديك"، نائب رئيس معهد بروكينغز بواشنطن، و كان قد شغل منصب المبعوث الأميركي للسلام في الشرق الأوسط،، أيضا الكاتب الصحفي "نواف عبيد" و زميل مركز هارفارد بيلفر للعلوم الدولية.
&
أسباب تغير سياسية الرياض
&
وفي تساؤل طرحه مقدم البرنامج فريد زكريا، حول أسباب تغير سياسات الرياض تجاه المنطقة والتي عرفت بالهدوء، قال "نواف عبيد" إن ما تقومه به السعودية من سياسية أكثر حزما في سياستها الخارجية هو بغرض الدفاع عن نفسها مما تعتبره محاولات إيرانيه للتعدي عليها والإضرار بمصالحها ومناطق نفوذها، في ظل تخاذل إدارة اوباما وأضاف: "هناك غياب للدور الأميركي وللقيادة الأميركية في المنطقة، وكان من الضروري بالتالي أن تتحرك الدولة الأقوى بين الدول العربية، والتي مازالت تقف على قدميها، لانتزاع الدور الريادي الذي يسمح لها بالتفاوض والبدء بسحب النفوذ الإيراني من العالم العربي، و هذا ما يجري حاليا وهذا التوجه سيتزايد في السنوات المقبلة.
&
الكاتبة "روبين رايت" وفي توصيفها للوضع الراهن قالت إن التوتر الذي تشهده المنطقة بين السعودية وإيران يعتبر أكبر انقسام بالعالم الإسلامي منذ 14 قرنا بحسب وصفها، وأشارت إن تأثيره طال أربعة عمليات بالغة الأهمية في منطقة الشرق الأوسط، وهي جمع المعارضة والحكومة في سوريا للحوار، ودفع مختلف الفصائل المتقاتلة في اليمن إلى جولة حوار ثانية بعد انهيار المبادرة الأولى، ومساعدة العراق على الصعيدين السياسي والعسكري لحل الأزمة مع تنظيم داعش، وأخيرا الملف النووي الإيراني.
&
خرق في الاستراتيجية
&
من جهته، قال "فالي نصر" انه بمجرد أن بدأت واشنطن بالتفاوض مع إيران غيرت الاستراتيجية الجغرافية بأكملها في المنطقة، فعلي على مدى 40 عاما كان هناك تحالف متين بين السعودية وأميركا لاحتواء إيران، والآن هناك ثغرة في هذا التحالف، حيث بدت واشنطن أنها غير ملتزمة باحتواء إيران بالطريقة التي توقعتها الرياض، وتابع: "لكن المشكلة الآن ليست في احتواء إيران، بالقدر إن هناك الكثير من الشيعة في الشرق الأوسط ،عليهم القبول بالعيش تحت النظام السياسي الذي كان قائما قبل غزو العراق في العام 2003 ، وهو نظام الحكم سني أو النظام الذي لا تملك فيه إيران أي نفوذ مطلقا، وفيه لا يمكن للشيعة الاعتماد على إيران".
&
وفي تساؤل طرحه فريد زكريا، حول إن مدى استخدام إيران لللشيعة في منطقة الشرق الأوسط لنشر نفوذها، و ما هو هدفها بالتحديد، قالت الكاتبة "روبين رايت" إن إيران دولة كبيرة و وتريد أن يكون لها نفوذ في المنطقة، لكن من المفارقة انه في يناير، وهو الشهر الذي اقتربت فيه طهران من إنهاء عزلتها عبر رفع العقوبات، وتحسين علاقتها مع جميع دول العالم، هاجمت فيه سفارات السعودية، لتبدأ أزمة قطع العلاقات الدبلوماسية بين الخليج وإيران، وهي رسالة سلبية من طهران مفادها إن لم تقيموا معنا علاقات جيدة، فإننا سنهاجم سفارتكم، وهذا سلوك سياسي سيء للغاية، فضلا عن مهاجمة السفارة".
&
وقوف المتفرج
&
وحول ما يقال عن تسرع السعودية بالدخول في حرب في اليمن، والقيام بتحركات معادية لإيران، قال نواف عبيد إن الملك سلمان عندما جاء إلى السلطة كان يواجه عددا من التحديات، أحدها كان اليمن، وكان هناك التحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الأميركية، وكان بين خيارين إما الاستماع إلى الأفكار والسياسات التي لا تجدي نفعا، أو أن يأخذ المرء الأمور على عاتقه.
&
وقال عبيد ان إيران دعمت النظام السوري الذي قام بقتل 400 ألف شخص، وهي في العراق أيضا تمول ميليشيات شيعية وعليه كيف أستطيع الجلوس على الطاولة والتوصل إلى اتفاق، وأيضا في اليمن كان لا بد من اتخاذ القرارات والمضي قدما بها، حيث لا يمكن ان نقف مكتوف الأيدي ورؤية ما يجري من حولنا ومحاولات السيطرة على العالم العربي بانتظار وصول تعليمات أو توجيهات من أميركا، والوقت وحده هو الكفيل بتحديد مدى صحة تلك القرارات.