بدا مشهد إحياء المصريين للذكرى الخامسة لثورة 25 يناير، هزيلاً، وخالياً من أية مظاهر تشير إلى أنهم يشعرون بتحقق أهداف ثورتهم الشعبية. لا سيما مع عدم إيمان النظام الحاكم الحالي بالثورة، وخشيته من أن يؤدي تحرك&هؤلاء الشباب إلى إسقاط البلاد، وأن تتحول إلى النموذج السوري أو الليبي.


&

القاهرة: مع إحياء المصريين الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير، التي أطاحت بنظام حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، تشتت رموز الثورة الشعبية الأهم في تاريخ المصريين، وتعددت مصائرهم، ما بين السجون والخارج أو الإنغلاق على النفس في الداخل، خشية التعرض للسجن أو الاعتقال، لا سيما مع عدم إيمان النظام الحاكم الحالي بالثورة، وخشيته من أن يؤدي حراك هؤلاء الشباب إلى اسقاط البلاد، وأن تتحول إلى النموذج السوري أو الليبي.
بدا مشهد إحياء المصريين للذكرى الخامسة لثورة 25 يناير، هزيلاً، وخالياً من أية مظاهر تشير إلى أنهم يشعرون بتحقق أهداف ثورتهم الشعبية. ومع انتشار قوات الأمن والجيش في الشوارع والميادين، وغياب مظاهر الاحتفاء في وسائل الإعلام، وبروز كلمات المؤامرة والتخوين بحق الثورة والنشطاء، ظهر جلياً أيضاً أن رموز تلك الثورة من الشباب غير موجودين، وجرت عملية تغييب لهم عن عمد من المشهد السياسي.
وتعددت مصائر نشطاء ورموز ثورة يناير من الشباب، ما بين السجون بتهم مختلفة أهمها التظاهر بدون ترخيص، أو العيش في الخارج، خوفًا من العودة للبلاد، وإلقاء القبض عليهم بالتهم نفسها، أو الحياة على الهامش في الداخل، ومواجهة حملات التشويه في الإعلام والتضييق في العمل.
السجون هي المأوى الحالي لمجموعة من رموز ثورة يناير، ومنهم: أحمد ماهر مؤسس حركة 6 أبريل، التي كان لها الفضل في التمهيد للثورة منذ أحداث إضراب عمال الغزل والنسيج في مدينة المحلة الكبرى في يوم 6 إبريل/ نيسان 2008، وخاضت الحركة نضالاً طويلاً ضد نظام حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، وساهمت بشكل واضح في فضح ممارسات النظام الديكتاتورية ضد حقوق الإنسان. وكان شباب الحركة في مقدمة صفوف المصريين أثناء اندلاع الثورة الشعبية منذ يوم 25 يناير/ كانون الثاني 2011. وبعد نجاح الثورة استمرت الحركة وشبابها في النضال، من أجل تحقيق أهدافها، وواجهوا اتهامات بالعمالة للخارج والتخوين والحصول على تمويلات من الخارج، إلا أن تلك الإتهامات لم تفلح في إثنائهم عن التظاهر والإنتقاد، إلى أن اسقطت ثورة شعبية أخرى حكم جماعة الإخوان، في 3 يوليو/ تموز 2013، وتعرض أحمد ماهر مؤسس الحركة، ومنسقها الحالي عمرو علي، وأعضاء سابقون فيها منهم: محمد عادل، وأحمد دومة، إضافة إلى علاء عبد الفتاح، إلى السجن بتهمة التظاهر بدون ترخيص أو تهديد نظام الحكم، كما تعرض للسجن أيضاً نشطاء آخرون أقل شهرة يقدر عددهم بالآلاف، منهم سناء عبد الفتاح، ويارا سلام، وأفرجت السلطات عنهما مؤخراً.
يعاني باقي النشطاء ممن هم خارج السجون من حالات التضييق الأمني الشديد، أو التضييق في مجال العمل، وغلق المجال الإعلامي والسياسي أمامهم، ومنهم إسراء عبد الفتاح، محمود عفيفي، خالد تليمة، هيثم الخطيب، وائل عباس، وزهرة سعيد، شقيقة أيقونة الثورة خالد سعيد، الذي تعرض للموت تحت وطأة تعذيب رجال الشرطة، وتسبب موته في اندلاع تظاهرات عارمة، تكللت بثورة 25 يناير.
خشية&التعرض للسجن أو الإنغلاق والتضييق خارجه، فضل نشطاء آخرون العيش في الخارج، ومنهم وائل غنيم، الذي قاد حملة إلكترونية ضخمة ضد انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، ودشن صفحة "كلنا خالد سعيد"، وبدأ من خلالها في توجيه النقد الشديد لنظام حكم مبارك، وحشد مئات الآلاف من المصريين للتظاهر ضده في 25 يناير.وغاب غنيم لسنوات بعد ثورة 30 يونيو/ حزيران 2013، ثم عاد مؤخراً للتدوين عبر صفحته على الفايسبوك، وكتب عدة تدوينات عن مراحل مختلفة من عمر الثورة منذ 2011 وحتى 2013.
كما يعيش في الخارج الناشط عمرو عبد الهادي، لا سيما بعد أن انضم إلى ما يعتبرون عزل الرئيس السابق محمد مرسي، إنقلاباً عسكرياً، وشارك في تأسيس جبهة الضمير، التي تضم بعض رموز جماعة الإخوان، ونشطاء آخرين ممن يعتبرون عزل مرسي إنقلاباً عسكرياً ومنهم الدكتور أيمن نور، زعيم حزب الغد، والمرشح الرئاسي السابق في مواجهة حسني مبارك في العام 2005.
وقال عمرو عبد الهادي، لـ"إيلاف" إن "رموز ثورة يناير بين مسجون وبين تائه وبين بائع". وأوضح أن &"أشرفهم وأوضحهم من يقبع في السجون لدى الدولة المصرية"، مشيراً إلى أن&"التائه& لا يعرف ماذا يفعل و ماذا يريد و لا يزال يقف في مساحه رمادية وبين مطرقة السلطة وسندان القمع".
وأضاف أن "الوجه الأخير لرموز الثورة هو من باع أمثال&محمود بدر وحسن شاهين، فهؤلاء لا ذكر لهم لدى الجميع"، لافتاً إلى أن "من&لا يزال يتمسك بالثورة في خارج السجون&فهم مستهدفون مثل شادي الغزالي حرب& ومالك عدلي وسناء سيف، ولكنهم باقون على حلم الثورة".
بينما يرى محمود عفيفي، القيادي السابق في حركة 6 أبريل، أن النظام الحالي غير مؤمن بثورة يناير، ويعتبرها ضده، وأضاف لـ"إيلاف" أن النظام الحالي هو امتداد لنظام حسني مبارك، ويسعى للإنتقام من شباب ثورة يناير. وأوضح أنه يعتمد على سياسة القمع والتضييق والتنكيل بالشباب المؤمنين بالثورة عموماً، سواء من شاركوا فيها أو قادوها أو من يعتنقون أفكارها.
وذكر أن النظام يعمل على اعتقال رموز الثورة ويلقي بهم في غياهب السجون، بتهم مختلفة، مشيراً إلى أن من هم خارج السجون يتعرضون للتضييق الأمني.ولفت إلى أن بعض الشباب أضطر للسفر إلى الخارج، بحثاً عن الحرية والعيش الكريم، وأشار إلى أن النظام الحالي يعيش في حالة ذعر من ثورة يناير وشبابها، لا سيما أن الثورة المضادة هي&التي تحكم مصر حالياً.
يعتبر هيثم الحريري، عضو مجلس النواب، أفضل شباب ثورة يناير حالاً، لا سيما بعد أن فاز في الإنتخابات بمقعد والده الناشط السياسي اليساري أبو العز الحريري، ولم تستطع السلطات الأمنية حجبه، نظراً للشعبية الجارفة التي كان والده يتمتع بها في مدينة الإسكندرية، وقال هيثم الحريري لـ"إيلاف" إن "رموز ثورة 25 يناير المجيدة ما زالوا موجودين ولم يختفوا"، مضيفا أن "عددًا كبيرًا منهم يقبع الآن داخل السجون بتهم غير مبررة".
ولفت الحريري إلى أن "البعض الآخر من رموز الثورة ما زالوا يناضلون فى الحياة السياسية فى مصر من أجل تحقيق أهداف الثورة"، مشيرا إلى أن "عددًا كبيرًا من رموز الثورة عزفوا عن المشاركة فى الحياة السياسية بعد فشل الثورة فى تحقيق أهدافها".
وتابع: هناك عدد كبير ممن شاركوا فى ثورة 25 يناير من الشباب موجدون الآن داخل مجلس النواب من أجل تحقيق حلم الثورة.فيما يقول جمال عيد، مدير الشبكة العربية لحقوق الإنسان، إن "رموز ثورة 25 يناير بعضهم توفى أثناء نضاله لتحقيق أهدافها والبعض الآخر يقبع الآن داخل السجون".
وأضاف عيد أن "عددا كبيرا من رموز الثورة تركوا مصر، وسافروا إلى الخارج، خوفا على انفسهم من بطش السلطة، وتلفيق تهم ليس لها أساس من الصحة كما حدث مع الآخرين".
وأفاد أن "من يوجد من رموز الثورة داخل البرلمان هم عدد ضئيل جدا بالمقارنة برموزها"، موضحاً أن "الشباب الموجودين حاليا فى البرلمان لديهم نية حسنة، لافتا إلى انه سيتم استخدامهم من أجل اظهار ان البرلمان فيه عدد من رموزها من أجل خدمة النظام الحاكم حالياً".

&