شيرزاد شيخاني:&قال المستشار الأمني السابق للرئيس العراقي الفريق الركن وفيق السامرائي إن المفاجأة في كركوك كانت في الإختراقات التي حصلت"، طارحًا أسئلة عدة إستخبارية مهمة حول أهداف العملية.
وأشار الى" أن القدرة تتوافر حاليًا لتطهير جميع مناطق كركوك من دون التأثير على عمليات نينوى". وبيّن السامرائي الذي تولى رئاسة الإستخبارات العسكرية في عهد الرئيس العراقي السابق صدام حسين، ثم تحول الى أحد أهم رموز المعارضة العراقية في الداخل، وحاول بالتنسيق مع حركة المؤتمر الوطني العراقي إعلان الثورة ضد ذلك النظام في منتصف التسعينات"، أن تقديم الاسناد العسكري التركي للبيشمركة يتطلب وجود ضباط ارتباط ورصد، لذلك يقتضي التحرك من قبل القيادة المشتركة ومطالبة البيشمركة بالرد علنًا. فعلاقة بهذا المستوى أخطر كثيرًا من قصة التخابر الفردي (التجسس) مع دولة تمارس دورًا عدائيًا".
والى نص الحوار:
١- كخبير استراتيجي، هل كنت تتوقع هجمة كركوك، وما هو تحليلك لعملية القيادة وإدارة المعارك؟
- من الطبيعي ان تترتب على عملية تحرير الموصل ردود&فعل للدواعش تتراوح بين عمليات انتحارية وهجمات منظمة في اتجاهات مختلفة، وهذا يفترض أن يكون ضمن الحالات المتوقعة. هجمات الدواعش في الرطبة وكركوك لم تكن حالات مفاجئة، لأن مثل هذه العمليات يفترض أن تدخل ضمن حدود ردود الفعل المتوقعة، غير أن المفاجئ أن تحدث اختراقات.
وما كنت أتحسس منه في كركوك هو توجهات البارزاني والنظام التركي وحساسيتهما المفرطة تجاه قيادة محافظة كركوك، مع ذلك فإن العراق يمتلك اليوم قوات ضخمة ويمكنه معالجة كل الحالات في آن واحد وعلى محاور عدة. ما حدث هو اختراق مجموعات من انتحاريي داعش يصل عددهم الى 50 لإجراءات الأمن، معظمهم من خارج المدينة، وعدد قليل من خلايا داخلية. كيف تمكنوا من ذلك؟، ومن مهد لهم، ومن خطط وقيادتهم العليا منشغلة بمعارك مصيرية في نينوى؟ وأين كانت استخبارات رئاسة إقليم كردستان التي تسحب نفط كركوك بسلام إلى تركيا؟. هذه جملة أسئلة بحاجة الى إجابات شافية من خلال دراسة الموقف.
٢- ما موقع كركوك من المعادلة الامنية العراقية؟
- لكركوك أهمية كبيرة في معادلات الأمن الوطني العراقي، فهي محافظة مهمة من الناحية الإقتصادية باعتبارها غنية بالنفط، وكذلك أهميتها في تنوعها الديموغرافي باعتبارها الصورة المصغرة عن النسيج العراقي، وأمنها مهم جدًا بالنسبة إلى العراق ككل، ولذلك إستهدفه الإرهابيون دومًا وحاولوا إحتلالها..الآن تتوافر القدرة على تحرير الحويجة من دون التأثير على عمليات نينوى، وتحريرها سيعزز أمن كركوك وديالى وصلاح الدين.
٣- هل ترى موقعًا لكركوك في المعادلة الامنية الاقليمية خاصة في الصراع الدائر بين تركيا وايران؟
- انتقال التنافس بين إيران وتركيا أو أي من الدول في كركوك يصعب توقعه في ظل الموقف المعقد في الموصل وأطرافها.
٤- ما اهمية موقع كركوك بالنسبة إلى كل من الاتحاد الوطني وبارزاني؟
-هناك حساسية شديدة لدى مسعود بارزاني تجاه نفوذ الاتحاد الوطني الكردستاني في كركوك والشعبية الكبيرة التي يتمتع بها الدكتور نجم الدين كريم. وخلال فترة المفاوضات 1991 كانت مواقف الرئيس طالباني واضحة في مسألة كركوك. وقد أظهرت نتائج آخر إنتخابات موقع الإتحاد الوطني القوي في كركوك.. السؤال المطروح هو هل كان المطلوب تشويه صورة الاتحاد الوطني واظهار عدم قدرته على حماية كركوك؟ أم إن هناك خللاً كبيرًا فعلاً؟، هل بنيت العملية لمعاقبة السليمانية لارسالها تشكيلات قتالية لعمليات الموصل ووقوع أوائل الشهداء منها؟. لماذا لم ترسل رئاسة الإقليم أي قوات مهمة لتعزيز أمن كركوك لمجابهة الموقف؟ وهل يتمنى المهيمنون في أربيل أن تسقط كركوك بيد الإرهابيين فتدعو إلى عملية مركزية، لها دور كبير لاستعادة المدينة، فتفرض وجودها فيتقوقع نفوذ السليمانية شرق طاسلوجة. أي غرب السليمانية مباشرة.&
هل المطلوب احراج بغداد واظهار خلل لديها في قراءة الاحتمالات؟ ولمصلحة من؟ هل لمصلحة فرض وجود سراق النصر في بغداد؟. من عرقل تحرير الحويجة وفرض رأيه على بغداد منذ فترة طويلة؟ اقصد اطرافًا محلية مدعومة اقليميًا. هل استغل الدواعش ما قيل عن الخطة B الإردوغانية؟
٥- هل ترى وجود علاقة بين ما حدث في كركوك أخيرًا وبين الصراعات الداخلية في اقليم كردستان؟
- ما حدث في كركوك أخيرًا ليس بعيدا عن حساسية تركيا ومسعود بارزاني، ولو من جهة تمني سقوط المدينة، أملاً بركوب موجة تحريرها لتغيير المعادلات.
٦- ما هو تقييمك لدور الإتحاد الوطني وقواته لمكافحة الإرهاب في التصدي لهجمات داعش في كركوك والموصل وغيرهما من المناطق المحتلة بالعراق؟ وكيف ترى وضع اقليم كردستان بعد دحر وطرد داعش، هل ستستقر أوضاعه أم تتوقع ظهور تنظيمات جديدة لمحاربته؟
الهجوم الذي تعرضت له كركوك في العام الماضي قوبل ببرود شديد من قبل مسعود، ولولا تدخل قوات الاتحاد الوطني الكردستاني بسرعة لتعرضت المدينة لخطر كبير، وكذلك تغلغل الإرهابيين الأخير، فلولا التدخل الفوري لقوات مكافحة الإرهاب في السليمانية، ولولا شجاعة المحافظ لحدثت مضاعفات خطيرة. قوات مكافحة الارهاب في السليمانية وقوات بيشمركة الاتحاد والتحالف القوي بين كوران والاتحاد وعلاقاتهما القوية بالأحزاب المعارضة لمسعود، ووجود الشيخين لاهور وبولاد، عوامل قوة للأمن والاستقرار لمصلحة الإقليم والعراق. الشعب العراقي يؤيد تمامًا بقاء نفوذ الاتحاد الوطني الكردستاني في كركوك، ويرى في هيمنة مسعود خطرًا يقود الى فرض هيمنة تركية عليها. لذلك، نرى مسعود منزعجًا تمامًا من العلاقة الوثيقة التي تربط بغداد والشعب العراقي بإدارة محافظة كركوك والسليمانية.
٧- هل تتوقع تدخلاً تركيًا لنقل ساحة معركة مكافحة الارهاب الداعشي من الموصل الى كركوك؟
من المستبعد حاليًا حدوث تدخل عسكري تركي كبير في الموصل وكركوك.
٨- كيف ترى سيناريوهات معركة الموصل، هل ستطول المواجهة، وهل ستنقسم الموصل، وما هي توقعاتكم حول زيادة نفوذ تركيا في الموصل؟
فرسان قوات المكافحة والجيش ولواء بيشمركة من السليمانية يواصلون سحق الدواعش على المحور الشمالي لعمليات تحرير نينوى، وقوات الاتحادية والحشد والجيش يواصلون التحرير على المحور الجنوبي.&
وقوات الحشد الشعبي تواصل التدفق بالآلاف باتجاه محور جنوب غرب نينوى وسيحكمون الطوق على الموصل. قوات الحشد تدفع آلاف المقاتلين لسحق الدواعش في الحويجة ولتأديبهم في كركوك بعدما أضاع بارزاني الوقت، ومحافظ كركوك المقاتل الشجاع نجم الدين كريم يثمن دور القائدين العامري والمهندس في دعم أمن كركوك،& العبادي يسجل موقفًا حازمًا ضد التدخل التركي الذي ضاقت خياراته، وموقف نصف حكومات الخليج. ولن يستطيع صاحب حدود الدم محو ذاكرة الناس والانتصارات تبقى لصانعيها في الأيام الصعبة من بداية الحرب. لا دلائل على رغبة للأميركيين في اقتحام القوات المشتركة لمدينة الموصل قبل إجراء الانتخابات في منتصف الشهر القادم تحسبًا لأي انعكاسات صعبة، لكن الأمر بيد العراقيين.
٩- حزب بارزاني يعتبر تحالفه الامني والعسكري والاستخباري مع تركيا امرًا عاديًا لكنه يرفض في المقابل أن تكون علاقة ادارة كركوك مع الحكومة المركزية علاقة طيبة، كيف تفسر هذا التناقض؟
مسعود لن يتخلى عن علاقاته مع تركيا، فقد وقفت معه في عدوانه على الاتحاد في منتصف التسعينات، وكنا نلمس ذلك بوضوح يوم كنا في المعارضة العراقية. اليوم يقول الأتراك إن مدفعيتهم ودباباتهم وهاوناتهم قدمت اسنادًا ناريًا لقوات البيشمركة في منطقة بعشيقة. وهذا تطور خطير للغاية إذا ما كان صحيحًا؛ لأن تقديم الاسناد يتطلب وجود ضباط ارتباط ورصد مع البيشمركة، لذلك يقتضي التحرك من قبل القيادة المشتركة ومطالبة البيشمركة بالرد علنًا. فعلاقة بهذا المستوى أخطر كثيرًا من قصة التخابر الفردي (التجسس) مع دولة تمارس دورًا عدائيًا. كما نقل عن رئيس الوزراء التركي يلدرم قوله إنهم متفقون مع إقليم كردستان على إقامة منطقة آمنة شمال العراق، وهو طرح يمثل تجاوزًا خطيرًا على سيادة العراق وأمنه!
وإذا مرت الأمور وفقًا لما يطرح، فلن يكون مستغربًا أن تقوم الدبابات والمدفعية التركية بالتحرك وتقديم اسناد لحشد بعشيقة وغيره فتتسع دائرة التدخل بما يقود الى تصادم حتمي.
١٠- هل تعتقد بأن معركة الموصل ستحسم قضية وجود داعش؟
تحدثنا سابقًا عن مثلث الفلوجة الرقة الموصل. وفي الوقت المناسب اقتحمت قوات بدر المربع الأخير من مدينة الفلوجة، وكسرت ضلع مثلث الحسم. قوات محور شمال شرق نينوى وحوض جنوب دجلة تخوض معارك تطهير متوازن وحققت نجاحات مهمة. لكن الحدود لا تزال مشرعة أمام الدواعش ويتحركون بحرية. القائد العامري اجتمع ميدانيًا بقادة ألوية بدر والحشد وتشكيلات أمنية من الجيش والشرطة لاستكمال استحضارات الشروع صوب تلعفر التي ستقلب المعادلات على رأس الدواعش. إنها خاصرتهم وظهرهم وطريق إمدادهم وسيواجهون ضربة مفزعة هناك ستؤثر على مقاومتهم على حافات الموصل في شرق دجلة. ستطبق قوات الحشد نظريات الحرب الخاطفة باقتراب سريع من تلعفر، ولن يستطع إردوغان ويلدرم وذيولهما التدخل هناك، بل سيحاولان التأثير والشوشرة في شرق دجلة، ولن يخوضا معارك رئيسة مع مقاتلي الـ PKK في شرق دجلة. الضغط مطلوب بلا توقف، ولن نحسب أيامًا ولا أسابيع، فالحساب لم يعد مهمًا، ما دامت العمليات محتدمة. نريد شبابًا وشيوخًا يتصدون لداعش، فبهذا ينتصر السلام، ويتقهقر التكفيريون إلى جحور الصحراء.
التعليقات