هافانا: بدأ اول حفل تأبيني "للقائد" فيدل كاسترو الاثنين في هافانا حيث احتشد الاف الاشخاص للمرور امام صور بالاسود والابيض لابي الثورة الكوبية الذي توفي الجمعة عن 90 عاما.
بدأ الحفل باطلاق 21 طلقة مدفعية من القلعة التي تشرف على خليج هافانا، فكانت بداية اسبوع من التكريم على ان يبلغ ذروته بالجنازة الاحد. وينتظر وصول مئات الاف الاشخاص الى ساحة الثورة في هافانا التي تبلغ مساحتها 72 الف متر مربع، حيث غالبا ما صدح فيها صوت فيدل كاسترو خلال خطاباته المدوية والطويلة. وخلافا لما كان متوقعا، فان الصندوق الذي يحتوي على رماد الرئيس الكوبي السابق لم يعرض للجمهور.
في صف الانتظار كان يقف بيدرو الفاريز، الاستاذ الجامعي الذي يبلغ السادسة والثلاثين من العمر، مع والدته المنهارة. وهو يحمل بتأثر شديد صورة لفيدل كاسترو. وقال "نعرف ان قائدنا قد انتقل الى الخلود".
وبعد يومين من التكريم في العاصمة، سينقل رماد فيدل من هافانا الى سانتياغو دي كوبا جنوب شرق البلاد خلال مسيرة ستجتاز الف كيلومتر من الاربعاء الى السبت مع احتمال مشاركة مئات الالاف. وسيبلغ هذا التكريم ذروته بجنازة "القائد" في سانتياغو، مهد الثورة.
وقال خورخي غويلارتي سائق دراجة تاكسي ومعجب بفيدل كاسترو الذي طبع الحرب الباردة ورسم مصير بلاده وشعبه، "سترى كيف هو شعب كوبا (...) سترى كيف يعاني الكوبي، وما يشعر به تجاه شخص عزيز على قلبه".
وفي مارس الماضي، كان باراك أوباما اول رئيس أميركي وطأت قدماه تلك الساحة التي تحمل قيمة رمزية كبرى منذ 1928، في سياق التقارب الذي بدأ في نهاية 2014 مع نظيره راوول كاسترو، وامتنع فيدل عن انتقاده أو تشجيعه علنا.
ورغم بساطة الترتيبات، الا ان العديد من الكوبيين الذين لم يعرف قسم كبير منهم سوى فيدل وشقيقه راوول في السلطة، ابدوا حزنا على "القائد" الذي جسد في شخصه الجزيرة الكاريبية الكبيرة قبل ان يسلم صلاحياته الى شقيقه الأصغر لأسباب صحية عام 2006.
"فيدل هو الشعب"
تقول إرنستينا سواريز (67 عاما) انها لن تغيب عن هذا التكريم مهما كلف الأمر. وتضيف ربة العائلة "فيدل هو الشعب، الكل هنا يحبه، اتوقع ان تغص الساحة، كما حين كان يلاقي الشعب فيها. سيكون الوداع لفيدل مهيبا".
وعلقت لجنة تنظيم الحفل مساء الاحد صور عملاقة للزعيم "صاحب اللحية" (باربودو) غطت بشكل شبه كامل واجهة مبنى المكتبة العامة الذي يذكر بصرامته بحقبة ستالين، من الجهة الشمالية للساحة.
لويس مودستو غارثيا (77 عاما) هو من آخر من تبقى من الثوار الذين حملوا كاسترو الى السلطة عام 1959، كان في الـ19 من العمر حين انضم الى أتباع فيدل في جبال سييرا مايسترا (جنوب). يقول "فيدل كان أبا لجميع المقاتلين، ولطالما اعتبرناه كذلك. كل ما تعلمته، أدين به له"، مؤكدا أن حضوره حفل تكريمه "واجب".
"سنطبع التاريخ"
والغيت كل التجمعات والحفلات من الجمعة وحتى الرابع من ديسمبر، فعلقت مباريات البيسبول واغلقت المراقص وحظر بيع الكحول وحدت معظم المطاعم من ساعات استقبال الزبائن. ومن الممكن رؤية وجود محدود للشرطة في هافانا.
غير ان معظم المنشقين الذين عانوا من القمع في عهد فيدل كاسترو سيبقون بمنأى عن هذا التكريم، وقد قرروا عدم اتخاذ موقف خلال فترة الحداد من باب احترام مشاعر الكوبيين، انما كذلك خوفا من رد شديد من السلطات.
وقال خوسيه دانيال فيرير احد المنشقين "التاريخيين" والسجين السياسي السابق "سنبقى هادئين حتى لو ان (فيدل) هو المسؤول الرئيسي عن البؤس وغياب الحقوق السياسية في كوبا".
وبعد انقضاء الأيام التسعة، يؤكد المعارضون بمعظمهم أنهم سيستأنفون كفاحهم ضد نظام راوول كاسترو. ويؤكد فيرير "سنواصل مقاتلة النظام الذي أنشأه (فيدل). هذا هو عدونا الحقيقي".
ودانيال مارتينيز، وهو طاه عمره 33 عاما، لا يؤيد فيدل، لكنه لا يوافق بالمقابل على مظاهر الفرح التي ابداها قسم من الجالية الكوبية في فلوريدا جنوب شرق الولايات المتحدة.
يقول "ليس لدي اي مأخذ شخصي على فيدل، لكنني لست من أنصار كاسترو. لا أعتبر نفسي معارضا، لكنني ببساطة لا احب هذا النظام، لا مع فيدل، ولا مع راوول. لأن لا شيء يتغير هنا، لا شيء يتحرك".
على صعيد اخر، بدات شركات الطيران التجارية رحلاتها الاولى المقررة بين الولايات المتحدة وهافانا منذ اكثر من 50 عاما صباح الاثنين. وللمفارقة، يأتي تسيير الرحلات بعد ثلاثة أيام من وفاة كاسترو، الذي قاتل "الامبريالية الاميركية".
واقلعت طائرة من تابعة لشركة "اميركان ايرلاينز" من ميامي الساعة 7:30 (1230 ت غ) في اتجاه مطار خوسيه مارتي الدولي في هافانا. وبعد قرابة ساعتين، توجهت طائرة تابعة لشركة "جت بلو" من نيويورك الى العاصمة الكوبية.
وقد بدأت شركات طيران عديدة منذ الصيف تسيير رحلات منتظمة من الولايات المتحدة الى مدن كوبية، باستثناء هافانا. وكانت شركة "جت بلو" وللمرة الاولى منذ عام 1961 بدات وسط ضجة كبيرة في 31 اغسطس اول رحلة تجارية من مطار فورت لودرديل في ولاية فلوريدا (جنوب شرق) الى مدينة سانتا كلارا وسط الجزيرة.
التعليقات