باتت الفصائل المقاتلة في محافظة حلب في شمال سوريا بين فكي كماشة قوات النظام والمقاتلين الاكراد الذين حققوا تقدما ميدانيا سريعا في هذه المنطقة الحدودية مع تركيا، وحيث لتنظيم "داعش" نفوذه ايضا.
بيروت: بعد اسبوع على بدء هجومها في ريف حلب الشمالي بدعم من الغارات الجوية الروسية، تمكنت قوات النظام من استعادة السيطرة على بلدات عدة في المنطقة وباتت على بعد نحو عشرين كيلومترا عن الحدود التركية.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس "للمرة الاولى منذ العام 2013 تصبح قوات النظام في منطقة حلب قريبة بهذا الشكل من الحدود التركية".
وتمكنت قوات النظام مدعومة بغطاء جوي روسي من التقدم باتجاه مدينة تل رفعت، وهي واحدة من المعاقل الثلاثة المتبقية للفصائل المقاتلة في ريف حلب الشمالي،الى جانب مدينتي مارع واعزاز. وتبعد تل رفعت عشرين كيلومترا عن الحدود التركية.
وتلقت الفصائل المقاتلة ضربة موجعة الاسبوع الماضي بعدما تمكنت قوات النظام من قطع طريق امداد رئيسي يربط بين مدينة حلب وريفها الشمالي باتجاه تركيا.
وقال هيثم حمو، مدير المكتب الاعلامي لـ"الجبهة الشامية" احدى الفصائل المقاتلة في ريف حلب الشمالي، لوكالة فرانس برس "الثوار يعيدون اليوم تجميع قواهم والتخطيط للمعركة في ظل غياب أي دعم من حلفائهم، فيما يتلقى النظام كافة أنواع الدعم من حلفائه".
واضاف "هذا هو الفارق بين الطرفين وهو ما ادى الى خسارة الثوار لمناطقهم".
نحو الحدود التركية
وتسعى قوات النظام بحسب مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن، الى التقدم باتجاه الشمال للسيطرة على تل رفعت ومن بعدها اعزاز التي تبعد خمسة كيلومترات عن الحدود التركية، في محاولة للوصول الى الحدود التركية بهدف "منع اي تسلل للمقاتلين او دخول السلاح من تركيا".
وتسيطر الفصائل المقاتلة على المدن الثلاث منذ العام 2012.
وبحسب عبد الرحمن، "باتت الفصائل المقاتلة بين فكي كماشة قوات النظام التي تتقدم شمالا والمقاتلين الاكراد الذين يتقدمون من ناحية الغرب".
ويتواجد تنظيم الدولة الاسلامية في ريف حلب الشمالي الشرقي، حيث مدينة الباب، ابرز معاقله في المحافظة.
ونجحت وحدات حماية الشعب الكردية، الجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا والتي تقاتل بشكل مستقل عن الفصائل وقوات النظام، في السيطرة خلال الايام الماضية على قرى وبلدات عدة في ريف حلب الشمالي. وكان آخرها الاحد قريتا مرعناز والعقلمية القريبتان من مطار منغ العسكري بالاضافة الى قرية دير جمال.
وبحسب عبد الرحمن، فان "اشتباكات محدودة كانت تدور بين الاكراد ومقاتلي الفصائل تنتهي باتفاق على انسحاب الفصائل بطلب من اهالي القرى المعنية تجنبا لاستهدافها من قبل الطيران الروسي" الداعم لقوات النظام.
ويسعى كل من الاطراف الثلاثة الى توسيع مناطق سيطرته، إذ يريد الاكراد ربط مناطق الادارة الذاتية التي اعلنوها العام 2013، وهي عفرين وكوباني (عين العرب) والجزيرة (الحسكة).
وفي حين تجهد الفصائل المقاتلة للحفاظ على سيطرتها على اخر معاقلها التي باتت مهددة، يهدف النظام وفق عبد الرحمن الى "عزل مناطق سيطرة الفصائل في الريف الشمالي عن مناطق سيطرتها في الريف الغربي" المتصل بمحافظة ادلب، التي باتت منذ الصيف الماضي تحت سيطرة شبه كاملة للفصائل المقاتلة والاسلامية.
وتعزز قوات النظام مواقعها شمال مدينة حلب التي تشهد منذ صيف 2012 معارك مستمرة بين قوات النظام الموجودة في الاحياء الغربية والفصائل المسيطرة على الاحياء الشرقية.
وباتت قوات النظام تطوق الاحياء الشرقية من الجهات الجنوبية والشرقية والشمالية باستثناء منفذ واحد لمقاتلي الفصائل من الجهة الشمالية الغربية، لكنه يتعرض لقصف كثيف من الطائرات الروسية التي بدات في 30 ايلول/سبتمبر حملة جوية مساندة لقوات النظام.
قتلى في حلب
ويعيش حوالى 350 الف مدني، وفق المرصد السوري في الاحياء الشرقية من حلب والتي تتعرض لقصف جوي كثيف من قوات النظام ومؤخرا من الطائرات الروسية.
وتسبب القصف الروسي الاثنين، بحسب المرصد، بمقتل عشرة مدنيين على الاقل في حي الصالحين.
ويرى المحلل الفرنسي ستافان مانتو ان "حلب مهددة بالسقوط بالكامل اذا نجح النظام في تطبيق استراتيجية الحصار" وفصل مناطق سيطرة الفصائل تزامنا "مع قصف جوي مركز".
ويقول ابو احمد المقيم في شرق حلب بانفعال "عن أي مؤتمر ومصالحة يتحدثون والنظام يقتل ويحول البشر الى اشلاء"، في اشارة الى محادثات جنيف المعلقة حتى 25 الشهر الحالي.
وبخلاف الوضع في حلب، باتت الطرق سالكة الى بلدتي نبل والزهراء المواليتين اللتين كانتا محاصرتين من الفصائل المقاتلة منذ العام 2013.
ويقول عبدالله، احد سكان بلدة الزهراء لوكالة فرانس برس "لم اكن اتوقع يوما ان الطريق سيُفتح مجددا وكنا نعتبر ذلك حلما لكنه يتحقق اليوم".
وعلى رغم فك قوات النظام الحصار عن البلدتين الاسبوع الماضي وسيطرتها على بلدات عدة في محيطهما، أفاد المرصد الاثنين بمقتل ثلاثة اشخاص جراء سقوط قذائف على الزهراء.
وفي منطقة اللاذقية(غرب)، قتل شخصان واصيب خمسة اخرون بجروح جراء سقوط اربعة صواريخ على بلدة القرداحة ومحيطها، بحسب المرصد.
ونادرا ما تتعرض البلدة التي تتحدر منها عائلة الرئيس السوري بشار الاسد لقذائف مصدرها الفصائل المقاتلة في الريف الشمالي.
التعليقات