تصاعدت انتهاكات أمناء الشرطة في مصر، وتسببت في إثارة غضب المصريين، لا سيما مع إستمرار جرائمهم بحق المواطنين، فيما طلب الرئيس عبد الفتاح السيسي من وزير الداخلية ضرورة اتخاذ اجراءات للحد من تلك الإنتهاكات وردعهم، وفي المقابل تظاهر العشرات منهم، إحتجاجاً على إعتقال سبعة زملاء لهم، كانوا في طريقهم للحديث في برنامج تلفزيوني.

صبري عبد الحفيظ من القاهرة: تتواصل أزمة أمناء الشرطة في مصر، وتسببت في إثارة غضب وسخط المصريين، لا سيما مع إستمرار إنتهاكاتهم، وإطلاق النار على المواطنين من أسلحتهم بشكل عشوائي، أو لتصفية خلافاتهم الشخصية.
&
ولا تزال أصداء مقتل مواطن مصري على يد أمين شرطة، بسبب الخلاف حول أجرة ركوب السيارة، تتوالى، وقرر النائب العام إحالة رقيب الشرطة، مصطفى محمود عبدالحكيم، المتهم بقتل السائق محمد عادل إسماعيل، والشهير بـ"دربكة"، بمنطقة الدرب الأحمر في القاهرة،&الى النيابة العامة، التي وجهت اليه تهمة القتل العمد.
&
وقال الشرطي المتهم في التحقيقات، إنه توجه بصحبة أحد اصدقائه لشراء كمية من الأحذية من منطقة الغورية، مشيرًا إلى إنه يمتلك محل أحذية في منطقة العمرانية بالجيزة، وأضاف أنه اتفق مع المواطن القتيل على توصيل الحمولة بمبلغ ١٥٠ جنيهًا، ولكن أثناء سيرهم بالسيارة طلب الضحية مبلغ ٣٠ جنيهًا زيادة على الأجرة المتفق عليها، لافتاً إلى أنه رفض، فحاول الضحية إنزال البضاعة من السيارة، وعلى إثر ذلك، وقعت مشادات بينهما تطورت إلى إخراج سلاحه، ولوح به في وجه القتيل لإثنائه عن موقفه. وقال: "لم أقصد قتل السائق، وهدفي من إخراج السلاح هو إرهابه، وفي أثناء المشاجرة خرجت طلقة منه دون قصد واستقرت في رأسه".
&
واستطرد: "الأهالي تدخلوا لفض المشاجرة، وبعد إطلاق النار أمسكوا بي واعتدوا عليّ بالضرب حتى فقدت وعي وسقطت على الأرض"، فيما أظهر تقرير الطب الشرعي عن تشريح جثة الضحية، أنه توفي نتيجة اختراق طلق ناري الرأس، ووفقاً لما ورد في التحقيقات على ألسنة شهود العيان، فإن الشرطي أطلق النار على المجني عليه بعد توجيه السباب والشتائم إليه، وذكر أحد الشهود أن المتهم قال للضحية: "انت مش عارف أنا مين، وأخرج سلاحه الميري ووضعه على رأسه وأطلق عليه عيارا ناريا واحداً".
&
وقال شهود العيان في التحقيقات أيضاً: "في أثناء المشاجرة حاول الأهالي احتواء الموقف إلا أن المتهم تهور وأطلق النار على القتيل، بعدها سقط المجني عليه على الأرض غارقًا في دمائه، وأمسك الأهالي بالمتهم واعتدوا عليه بالضرب".
&
وتابعت التحقيقات: "حضر ضابط شرطة وحاول اصطحابه إلى القسم لتحرير محضر، إلا أن الاهالي رفضوا تسليمه لحين حضور إحدى القيادات الأمنية والتعهد بمحاكمة المتهم، وأنه تم تسليم الضابط السلاح الخاص بالمتهم، وفي أثناء ذلك تمكن صديق الرقيب من الهروب".
&
تجاوزات
&
وأثار الحادث الغضب في أوساط المصريين، وخرجت مظاهرات حاصرت مديرية أمن القاهرة، ورغم ذلك استمرت انتهاكات أمناء الشرطة، وبعد أقل من يوم على الحادث، أطلق شرطي آخر، أمس السبت، النار من سلاحه "الميري" على جاره، بسبب خلافات شخصية. وتقول تفاصيل القضية، إن خلافات وقعت بين جارين في منطقة الخصوص بمحافظة القليوبية على أطراف القاهرة، وتشاجرت سيدتان بسبب تساقط "مياه غسيل الملابس" في شرفة أحدهم، وتدخل الزوجان وأحدهم شرطي، وأطلق النار على جاره، فأصابه بكسور مضاعفة، وتهتك في الساق. وألقي القبض عليه، بعد أن أشبعه الأهالي ضرباً.
&
ولم تقف تجاوزات فئة أمناء الشرطة عند حد الخلافات الشخصية وقتل المواطنين، بل هدد شرطي آخر المواطنين بسلاحه الناري، اليوم الأحد، أمام مقر النائب العام بالقاهرة، فيما قرر النائب العام المستشار نبيل صادق، اليوم الأحد، توقيفه، كما أمرت السلطات القضائية، بالتحفظ عليه، ووجهت إليه اتهامات تتعلق باستعراض القوة أمام دار القضاء العالي.
&
وفي مدينة طنطا بمحافظة الغربية، أصاب أمين شرطة آخر، أمس السبت، مواطنين إثنين بالمستشفى الفرنسي، وضربهما بكعب سلاحه الناري، وأصابهما بجروح سكين، بسبب رفضهما دخوله إلى المستشفى، فيما تظاهر المواطنون وألقت السلطات القبض على الشرطي. وتبين أن الضحية الأول مصاب بجرح قطعي بالرقبة، والآخر مصاب بجروح وكدمات في أعضائه التناسلية.
&
وألقت قوة مكونة من أربعين ضابطاً القبض على سبعة أمناء شرطة، قبيل الدخول إلى مقر مدينة الإنتاج الإعلامي، للظهور في برنامج "العاشرة مساء" مع الإعلامي وائل الإبراشي، ووُجهت إليهم تهم تتعلق بالإساءة إلى وزارة الداخلية.
&
وفي المقابل، تظاهر العشرات من الأمناء صباح اليوم الأحد، أمام مبنى مديرية أمن الشرقية، احتجاجاً على إعتقال زملائهم.
&
يأتي هذا في الوقت الذي تواصل فيه&نقابة الإطباء الاجراءات التصعيدية ضد الحكومة، بسبب عدم محاكمة مجموعة من أمناء الشرطة اعتدوا بالضرب على الأطباء في مستشفى المطرية العام منذ أكثر من شهر، وقد تصل الاجراءات إلى الإضراب العام.
&
وقال أحمد إمام المتحدث الإعلامي لحزب مصر القوية، إن انتهاكات جهاز الشرطة ضد المواطنين، والتي أصبحت تتكرر بشكل يومي هي نتاج أفكار نظام يضع جهاز الشرطة فوق القانون والمحاسبة، قولاً وفعلًا، وأضاف، في تصريح لـ"إيلاف"، أن الوضع الذي يتعامى عنه النظام أصبح خطيرًا، وأن استمراره يُنذر بعواقب وخيمة.
&
قوانين رادعة
&
ومع تصاعد الأزمة وزيادة الاحتقان لدى المصريين، عقد الرئيس عبد الفتاح السيسي اجتماعاً مع وزير الداخلية، اللواء مجدي عبد الغفار وزير الداخلية. وقال السفير علاء يوسف المتحدث الرسمي باِسم رئاسة الجمهورية، إن الرئيس أكد بأن "السلطات الممنوحة لبعض أعضاء الجهات الأمنية إنما تُعنى في المقام الأول بتمكينهم من الحفاظ على أرواح وممتلكات ومصالح المواطنين، بهدف إرساء قواعد الأمن والنظام في البلاد وذلك في إطار من التقدير والاحترام المتبادل بين الجانبين".
&
وقال السيسي: "على الرغم من عدم انسحاب بعض التصرفات غير المسؤولة لعدد من أفراد جهاز الشرطة على هذا الجهاز الوطني الذي قدم العديد من التضحيات والشهداء من أجل حماية الوطن والدفاع عن المواطنين، إلا أنه تتعين مواجهة تلك التصرفات بالقانون لوقفها بشكل رادع ومحاسبة مرتكبيها".
&
وطلب السيسي "إدخال بعض التعديلات التشريعية أو سن قوانين جديدة تكفل ضبط الأداء الأمني في الشارع المصري، بما يضمن محاسبة كل من يتجاوز في حق المواطنين دون وجه حق". كما وجه بعرض هذه التعديلات التشريعية على مجلس النواب خلال ١٥ يومًا لمناقشتها.
&
وذكر الرئيس أن مصر وشعبها يقدرون تضحيات وجهود رجال الشرطة الشرفاء الذين يسهرون على تحقيق الأمان والاستقرار لمصر وشعبها، ويساهمون في تحقيق نهضتها وتقدمها، بل ويرفضون أي تجاوزات فردية بحق المواطنين.

&