height=360

الرئيس الأسد ما زال في منصبه، بالرغم من مقتل 250 ألف شخص في الحرب الأهلية

قبلت الحكومة السورية والمظلة الرئيسية لمجموعات المعارضة بنود الاتفاق الأمريكي الروسي لوقف الأعمال العدائية بداية من السبت المقبل.

وشكك الرئيس السوري بشار الأسد في إمكانية تنفيذ وقف إطلاق النار من الناحية العملية.

وقد ساعدت الغارات الجوية الروسية والدعم الإيراني الرئيس الأسد على حسم المعارك الرئيسية. وعلى الصعيد الدولي، فإن تهديد ما يسمى بتنظيم "الدولة الإسلامية" وتنامي دور الجماعات الجهادية داخل المعارضة السورية جعل البلدان التي كانت تريد رحيل الأسد تعيد النظر فيما إذا كان هذا يعد سياسة قابلة للتطبيق على الأرض.

وتحدث ثلاثة خبراء لبي بي سي قبل موافقة الحكومة السورية على بنود الاتفاق الأخير، عما إذا كان الرئيس الأسد قد حقق الانتصار فعليا في الحرب.

جينيفر كافاريلا، متخصصة في الشأن السوري بمعهد دراسات الحرب في واشنطن

اكتسب الرئيس الأسد بالتأكيد قوة دفع كبيرة في ميدان المعركة. وتحشد المعارضة المسلحة كل قوتها بشكل ملحوظ من أجل إيقافه، لكن سيتمكن الأسد على الأرجح من محاصرة مدينة حلب، وبعد ذلك نتوقع أن نرى حملة حصار وتجويع.

قد يكون إعادة الاستيلاء على مدينة حلب كافيا لتشجيع العديد من مقاتلي المعارضة السورية على وقف القتال والتخلي عن الحرب ضد الأسد.

تكمن استراتيجية الأسد حتى الآن في استعادة المناطق الاستراتيجية الرئيسية، فضلا عن تدمير جيوب المعارضة التي تشكل تهديدا للمناطق الأساسية التي يسيطر عليها النظام. لا يحاول الأسد استعادة كل المناطق الريفية التي تسيطر عليها المعارضة، لكنه يحاول التأكيد على ديمومة المكاسب التي يحققها وأن يكون ذلك بمثابة دعم عسكري لموقفه في أماكن مثل حلب وحمص ودمشق.

&

أما نقطة العجز الأساسية التي تعاني منها المعارضة فهي افتقارها لقوة جوية، إذ أن قدرة الأسد على استخدام الضربات الجوية الروسية، فضلا عن إلقاء البراميل المتقجرة، لا يمكن للمعارضة تعويضها من دون الحصول على أنظمة صواريخ أرض جو محمولة على الكتف لاسقاط الطائرات.

وأعتقد أن الأسد كان من الممكن أن يخسر الحرب قبل ذلك بكثير لولا الدعم الإيراني، ولذا فإن استمرار نشر قوات برية إيرانية هو ما يبقي النظام على قيد الحياة.

وللمرة الأولى بدأنا نرى دعوات لحشد مقاتلين أجانب للقتال نيابة عن المعارضة داخل سوريا، وهو مؤشر خطير للغاية يعكس الحالة البائسة للمعارضة السورية.

ويعد منفذو العمليات الانتحارية التابعين لتنظيم القاعدة أداة عسكرية قوية بشكل لا يصدق، إذ أن التنظيم يستخدمهم لاختراق القواعد العسكرية أو نقاط التفتيش: يمكن أن يدمر الانتحاري الأماكن التي لا تستطيع المعارضة الوصول إليها واستهدافها.

ولطالما كان هذا التكتيك فعالا للغاية بالنسبة للمعارضة، وهذا هو أحد الأسباب التي تجعل المعارضة تستمر في الاعتماد على تنظيم القاعدة مع استمرار الحرب.

بالتأكيد الأسد في موقف قوي للغاية، وأعتقد أنه سيستفيد على المدى الطويل من تطرف المعارضة.

لو وصل الأسد بالوضع في سوريا إلى النقطة التي يتعين علينا عندها أن نختار (نحن الغربيون) بين الدفاع عن اوطاننا وبين رحيله، أعتقد أنه من الممكن أن يخرج منتصرا في تلك المعادلة.

رامي خوري، محلل بمعهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية بالجامعة الأمريكية في بيروت

يعتمد الرئيس الأسد في حقيقة الأمر على عدد قليل للغاية من الأشخاص لمساعدته على البقاء في السلطة، وهذا بالنسبة لي علامة على الضعف وليس القوة.

كانت سوريا تتمتع بعلاقات جيدة للغاية مع تركيا في وقت من الأوقات، ثم انقلب الأتراك عليها تماما. وكانت هناك علاقات وثيقة للغاية أيضا بين سوريا والسعودية، لكن كل هذا ذهب هباء الآن.

وهذا شيء مهم لأن ما نراه الآن هو أن السعوديين والأتراك وغيرهم يقولون إنهم سيرسلون طائراتهم المقاتلة وقوات برية خاصة لشمال سوريا لدعم المعارضين الذين يحاولون التخلص من الأسد.

&

وهناك مؤشرات خطيرة على حرب عالمية مصغرة تدور رحاها الآن في شمال سوريا. إنها حالة استثنائية، وكثير من الأطراف المختلفة - محلية وحكومية وقوى إقليمية وقوى أجنبية – تطلق النيران والقذائف والصواريخ على بعضها البعض، وهذا شيء غير مسبوق بالمرة.

ويعتقد كل طرف أن هذه معركة وجودية وأنه سيُمحى من وجه التاريخ إذا خسرها. وهذا هو السبب الذي يجعلهم يفعلون هذا.

وتفعل جماعة حزب الله وروسيا وإيران ما تفعله لأنها ترى أنه إذا فقد الأسد سوريا فإن هذه ستكون ضربة استراتيجية كبيرة لمصالحها. والإيرانيون وحزب الله على وجه التحديد يرون سوريا كحلقة وصل بينهما. أما الروس فيرون هذا الوضع الخطير على أنه وسيلة لاستعادة دورهم ومصداقيتهم الدولية في المنطقة.

لا أعتقد أن الأسد يمكن أن يبقى في سدة الحكم لفترة طويلة، وأفضل شيء يمكنه القيام به هو التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار، وبعد ذلك مرحلة انتقالية يكون جزءا منها في أول عام أو عامين، ثم يغادر في نهاية المطاف.

ولو كان محظوظا، سوف يتوصل إلى اتفاق مماثل لاتفاق الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، وهو أن يرحل عن الحكم من خلال صفقة سياسية، ولا يحال إلى المحكمة الجنائية الدولية. أعتقد أن هذا هو اقصى ما قد يتمناه.

حسن حسن، ولد في سوريا ويعمل محللا بمعهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط في واشنطن

عندما جاء الروس إلى سوريا، حصل النظام على بعض الطمأنينة بأنه سيتمكن من البقاء وأن البلاد تتجه نحو شيء أكثر إيجابية. ولهذا حصل الأسد على بعض الثقة بعدما أيد الروس مشروعه وبقاءه.

وعندما بدأ تنظيم الدولة الإسلامية يتقدم نحو مدينة السلمية الواقعة الى الشرق من حماة، بدأ الناس يقولون "ربما يرتبط مستقبلنا بالنظام، وسيكون من الأفضل لو أصبحنا تحت حماية النظام". ولذلك، تم تأمين هذه المدينة من قبل النظام، ولم يعد لديها اتصال بالمعارضة، وأصبحت السلمية معقلا من معاقل النظام.

أما السؤال الذي يتداول على نطاق واسع في العواصم الغربية فهو: هل يتعرض الأسد للخيانة من شخص في حاشيته الداخلية؟ ولكن أعتقد أن هناك أسبابا عملية تجعل هذا غير ممكن.

أحد أنصار النظام شرح لي هذا بطريقة جيدة وقال لو أراد بشار الأسد أن يرفع سماعة هاتفه ويتصل بشخص ما ويقول "إطلق سراح هذا السجين"، فسوف يجد من يستمع إليه ويطيعه. هناك هرم قيادي يلتزم به الجميع. ولو قام شخص آخر بذلك، فهناك احتمال كبير ألا يستمع له الآخرون.

بشار الأسد يمكنه إنجاز الأمور، وهو ما يدفع الناس إلى التمسك به – الأشخاص الذين يُعدون جزءا من القاعدة الموالية له أو في طهران أو موسكو. إنهم يعتقدون أنه لا يمكن لأي شخص أخر أن يحل محله، ليس لأنه يملك شيئا من العبقرية، ولكن لأنه، من الناحية النفسية، يمثل النظام القديم.

لقد انتصر الأسد بمعنى أن هدفه الاستراتيجي للبقاء في السلطة قد تحقق إلى حد كبير، ما لم تتغير الأمور، لكن الحرب لم تنته بعد.

&