بعد ساعات على فوز دونالد ترامب في انتخابات ولاية نيفادا التمهيدية في الأسبوع الماضي شاعت تكهنات بأن فوزه في انتخابات الثلاثاء التي تجرى في 11 ولاية سيفتح أمامه الطريق للفوز بترشيح الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية، وربما تسليم قيادة الولايات المتحدة إلى ديماغوجي بكل معنى الكلمة. &

&
واشنطن: مما يؤكد صفة الديماغوجية أن صعود ترامب اتسم بإطلاق الوعود الرنانة والاستعلاء على الآخرين وبقدرة استثنائية على الاستدراج تكتسح&في طريقها أشد المنتقدين حدة. من الأمثلة على ذلك خبير الاستطلاعات الجمهوري فرانك لونتز، الذي قال إن "سيقاني ترتجف" بعد الاستماع إلى ترامب يتحدث في فعالية انتخابية.
&
تباهى ترامب في مطلع العام بالقول انه يستطيع ان يطلق النار على شخص وسط مدينة نيويورك من دون ان يفقد اصواتًا. وحين خُدع ترامب على تويتر بحيث اعاد في احدى تغريداته قولا مقتبسا من الزعيم الايطالي الفاشي بنيتو موسوليني، لم يكترث قط بالحادثة، بل علق قائلا ان سلفه في الديماغوجية "موسولويني كان موسوليني" وان القول الذي اقتبسه منه "كان جيدا".&
&
وكتب عمدة مدينة شارلوتسفيل في ولاية فرجينيا والمحاضر في جامعتها مايكل سيغنر في صحيفة واشنطن بوست ان ما يبعث على القلق ان كثيرا من الناخبين قد لا ينتبهوا الى اربعة اخطار حقيقية في مجيء شخص مثل ترامب الى الحكم إلا بعد فوات الأوان على وقفه.&
&
عدوانية خارجية
الخطر الأول يتمثل في ان الديماغوجي يعرّض بلده نفسه للخطر في الساحة الدولية. على سبيل المثال ان موسوليني ترجم نزعته القومية الشعبوية الى سياسة خارجية عدوانية حين زعم ان لايطاليا الحق في الاستيلاء على اراضي الغير عبر البحر المتوسط ممهدا لمشاركة ايطاليا في غزو فرنسا واليونان والبانيا في الحرب العالمية الثانية.&
&
وكان ترامب دعا في عام 2011 الى تحرك الولايات المتحدة لتغيير النظام الليبي. كما أكد للاميركيين ان التعذيب اسلوب مجدٍ لانتزاع المعلومات. وتعهد باستخدام الاغتيالات الموجهة ضد "الجهاديين" وعائلاتهم ايضا. ودعا الى حظر "شامل وكامل" على سفر المسلمين الى الولايات المتحدة لفترة غير محددة عاملا كل ما بوسعه لنسف سنوات من العلاقات الطيبة مع بلدان عربية مثل الاردن ومصر. &
&
دعم بوتين والأسد
تبجح ترامب بأنه سيعمل بانسجام مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي ضم شبه جزيرة القرم، بالقوة، ويواصل دعمه لنظام بشار الأسد الدموي في سوريا.&
&
وإذا وصل ترامب الى البيت الأبيض فالأرجح انه سيزيد حدة التوترات في العالم، ويثير عداوات خطيرة اميركا في غنى عنها. وأيّد ترامب أخيرا استخدام اساليب في التعذيب أقسى بكثير من "الايهام بالغرق"، حتى ان المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية مايكل هايدن قال ان الجيش الاميركي يمكن ان يرفض تنفيذ اوامر ترامب، كما اشارت "ايلاف" في تقرير عن تصريحات هايدن. وباختصار فإن ترامب في البيت الأبيض وصفة للفوضى في العالم. &
&
الخطر الثاني ان الديماغوجي سيحيط نفسه بمستشارين غير أكفاء وخطيرين. وكان الرئيس ريتشارد نيكسون احاط نفسه بمستشارين، خبرتهم تنحصر في صناعة الاعلان، وليس السياسة أو الحكم، فانتهى به المآل الى الاستقالة ومغادرة البيت الأبيض مكللًا بالعار.&
&&
تردّد في المستشارين
يتقدم ترامب على منافسيه للفوز بترشيح الحزب الجمهوري منذ اشهر، ولكنه ما زال يتردد في القضايا المتعلقة بالمستشارين الذين سيختارهم. ومنذ اكثر من اسبوعين وعد بإعلان فريقه من المستشارين في غضون اسبوع، ولكنه نكث بوعده. &&
&
في هذه الاثناء، ارتدت كاترينا بيرسون المتحدثة باسم ترامب عقدًا تتدلى منه رصاصة خلال مقابلة مع شبكة "سي ان ان"، في اشارة الى ان الاستفزاز سيكون ركنا اساسيا في سياسة ادارة يرأسها ترامب.&
&
الخطر الثالث ان الديماغوجي الذي يصل الى الحكم باستغلال مشاعر اتباعه سيقع فريسة مشاعره هو. وعلى سبيل المثال ان رئيس الوزراء الايطالي السابق سيلفيو برلسكوني كان ديماغوجيًا بنى امبراطوريته الإعلامية على ترويج الجنس، ونقل قيمه التجارية هذه الى ادارته. ونال صيتا سيئا بحفلات البونغابونغا الماجنة مع عاهرات في سن المراهقة وأُدين بتهم فساد.
&
عدو النقد
عقب اخيل ترامب هو نرجسيته. فهو يستشيط غضبًا على أي نقد مهما كان خفيفا لشخصه. يكفي ان نتخيل كيف سيتصرف بنرجسيته هذه مع خصوم اشداء في الكونغرس يهاجمونه علنا ويتحدون سياسة ادارته أمام الرأي العام. &
&
الخطر الرابع ان ديماغوجيين مثل ترامب يهددون الخصوم في محاولة لإسكاتهم. واستخدم عضو مجلس الشيوخ جوزيف مكارثي صلاحية الاستدعاء لإرهاب مواطنين اميركيين كانوا بنظره اعداء الدولة. وتتحدث حنة اريندت في كتابها عن "اصول التوتاليتارية" كيف ان الأنظمة التي يقودها ديماغوجيون مثل المانيا النازية أو روسيا الستالينية، لا تطيق إلا التفكير الجماعي، الذي يحظى بموافقة الدولة، مع إخماد الأصوات والأفكار الفردية. &
&
تكميم أفواه
ترامب من جهته يشجّع متابعيه البالغ عددهم ستة ملايين على تويتر على ان يستهدفوا منتقيده بالتحرش والمضايقات. وقال ترامب عن محتج حضر احد اجتماعاته الحاشدة "أُريد ان اوجه اليه لكمة في الوجه". ويريد ترامب تعديل قانون معاقبة القذف والتشهير ليتمكن من تكميم افواه الصحافيين الذين لا يتفقون معه.&
&
ويلاحظ مايكل سيغنر عمدة مدينة شارلوتسفيل والمحاضر في جامعة فرجينيا ان شعبية ترامب لا تستند الى الخبرة أو الايديولوجيا، بل تبين الاستطلاعات ان الناخبين يمنحونه اصواتهم، لأنه اقنعهم بأنه المرشح الذي يقول الحقيقة كما هي، في حين انه فعل العكس. &
&
ففي أهم القضايا المتعلقة ببرنامجه في الحكم كان يتهرب من اسئلة الناخبين والصحافيين. وتصرف على نحو لا يليق بقائد دولة كبرى. وفي الفراغ الموجود حاليا لم يبق إلا الافتراض بأن ترامب سيحكم كما حكم ديماغوجيون جاؤوا قبله.&
&
&