أظهر إعلان وزارة الداخلية توقيف أربعة من طلاب جامعة الأزهر شاركوا في عملية اغتيال النائب العام السابق هشام بركات، اختراق الفكر المتشدد لعقول طلاب جامعة الأزهر، واستمرار توغل وسيطرة جماعة الإخوان المسلمين على الحرم الجامعي الديني العريق.


القاهرة: أظهر إعلان وزارة الداخلية&توقيف منفذي عملية اغتيال النائب العام السابق هشام بركات، عبر استهداف موكبه في القاهرة بعبوة ناسفة بلغ وزنها 80 كيلوغرامًا في حزيران (يونيو) الماضي،&اختراق الفكر المتشدد لعقول طلاب جامعة الأزهر على نحو خطير وصل إلى حد تنفيذ منسوبين إليها أكبر عملية اغتيال لمسؤول في الدولة منذ عزل مرسي، لافتًا إلى أن المتهمين الذين أقرّوا في تسجيلات الشرطة بمسؤوليتهم عن اغتيال النائب العام، وكلهم طلاب في جامعة الأزهر، قد تعرفوا إلى الجماعة في أروقتها، وانتسبوا إليها حديثًا، وشاركوا جميعًا في اعتصام "رابعة العدوية"، ثم شاركوا في التظاهرات التي قادتها الجماعة في جامعة الأزهر قبل أن ينخرطوا في "اللجان النوعية"، التي شكلتها الجماعة، بحسب اعترافاتهم، لاستهداف قوات الأمن والمرافق الخدمية للدولة.

إجراءات حاسمة&
وأصدر الدكتور إبراهيم الهدهد قرارًا بإحالة الطلاب المتورطين في اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات على الشؤون القانونية للتحقيق في هذا الأمر بشكل عاجل لتطبيق المادة 74 وتوقيع أقصى عقوبة.

ووفقًا للتحريات، فإن الطلاب المتورطين في هذه القضية هم: (محمود الأحمدي عبد الرحمن في الفرقة الثالثة في كلية اللغات والترجمة قسم عبري، ومحمد أحمد السيد إبراهيم في الفرقة الرابعة في كلية اللغات والترجمة، والطالب أبو القاسم أحمد علي منصور في الفرقة الرابعة في كلية الدعوة. أما الطالب الرابع المتورط في القضية فقد تخرج بعد عزل الرئيس المصري السابق محمد مرسي في تموز (يوليو) 2013م.

منهج وسطي&
في السياق عينه، فقد قلل الأزهريون من مخاوف انتشار الفكر المتشدد في الأزهر، بعد كشف وزارة الداخلية تلك المعلومات، مؤكدين أن الأزهر يحمل المنهج الوسطي في الإسلام، وما حدث من جانب الطلاب لا يمثل توجهًا عامًا في مناهج الدراسة في الأزهر.&

وأكد الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، أن الأزهر قامت بأكبر عملية تطهير داخل مؤسساتها التعليمية منذ ثورة يونيو وعزل مرسي، حيث استبعدت جامعة الأزهر جميع الطلاب وأعضاء التدريس الذين شاركوا في أعمال العنف بعد الأحداث التي شهدتها البلاد في أعقاب عزل مرسي، لافتًا إلى أن من تراجع من الطلاب عن الفكر المتشدد وتجنب الزجّ بالجامعة في الخلافات السياسية سُمح له بمواصلة الدراسة، أما من تمسك بأفكاره فتم فصله.

تنقيح مناهج
وقال وكيل الأزهر الشريف ﻠ"إيلاف": إن "أعداد الطلاب الذين يعتنقون الفكر المتشدد لا يمكن أن تمثل نسبة خطورة أو تثير أي مخاوف، فهم قلة وسط جموع طلاب جامعة الأزهر، وخلال الفترة الماضية تمت تنقية جميع مناهج الأزهر، وحذف كل ما يدعو إلى التشدد، مقابل وضع مناهج جديدة تدعو إلى التسامح مع الآخر".

مشيرًا إلى أن طلاب الأزهر مازالوا يتميزون بوسطية الفكر، ومرحّب بهم في جميع دول العالم، بل إن الكثير من الدول الغربية تعتمد على الأزهريين في مواجهة تنظيم داعش.

الجمود سهل الخرق
من جانبه، اعتبر الدكتور عبد الغني سعد، أستاذ الفقه في جامعة الأزهر، أن تورط بعض طلاب جامعة الأزهر في قتل النائب العام السابق أمر طبيعي، مؤكدًا أن الأزهر شهد في السنوات السابقة حالة اختراق فكرية وتنظيمية كبيرة من جماعة الإخوان والحركات المتطرفة والجماعات السلفية المتشددة في ظل عدم تطور مناهج الأزهر، حتى أصبح معظم طلاب الأزهر لا يميلون إلى فكر الأزهر، وعدد كبير من أساتذة الأزهر انتسب إلى جماعة الإخوان والسلفيين، فساعدوا على نشر أفكارهم "الإرهابية" داخل الجامعة عبر الكتب التي كانوا يوزعونها على الطلاب، وسط غفلة من المسؤولين عن الأزهر والأجهزة الأمنية في الدولة.

وقال الدكتور عبد الغني سعد ﻠ"إيلاف": إن "الوضع داخل جامعة الأزهر في تحسن كبير عقب ثورة يونيو وسقوط حكم الإخوان، حيث تم التضييق على طلاب وأعضاء التدريس المنتمين إلى الجماعات المتشددة، وفرضت رقابة شديدة على تحركاتهم وكتبهم، كما إنه تم الحكم على بعض الأساتذة وطلاب الإخوان بالسجن قضائيًا، وتم فصل بعضهم الآخر، والتخلص من الجماعات المتشددة في الأزهر سوف يأخذ بعض الوقت، ولكن الأهم أن الدولة بدأت اتخاذ خطوات جادة في هذا الأمر.

استغلال عبارات&
وكشف الدكتور محمد الفيشاوي، الباحث في الشؤون الإسلامية، عن استخدام جماعة الإخوان المسلمين طلاب جامعة الأزهر والوافدين في مدينة البحوث الإسلامية في ارتكاب جرائم "إرهابية"، والخروج في تظاهرات عقب ثورة يونيو مباشرة، ولهذا لم تكن مفاجئة مسألة تورط طلاب الأزهر في قتل النائب العام السابق.

وأشار إلى أن لجنة تطوير مناهج الأزهر كشفت في تقريرها أن الجماعات "الإرهابية"، ومن بينها تنظيم داعش، تستخدم بعض العبارات داخل مناهج الأزهر، التي تشجّع على العنف لتبرير ما ترتكبه من جرائم.

وأكد في الختام على أن الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر قام بغربلة لمناهج الأزهر، ومن ثم بدأت أولى خطوات انحسار الجماعات المتطرفة داخل الأزهر الشريف، ولكن الأمر قد يأخذ بعض الوقت، في ظل توغل إخواني سلفي داخل الأزهر على مدار الثلاثين عامًا الماضية.&
&