أثارت "أوراق بنما" أزمة سياسية بين الجزائر وفرنسا، وذلك بعد أن تداولت وسائل إعلام فرنسية اسم الرئيس الجزائري ضمن المتورطين بهذه الفضيحة المالية.
&
الجزائر: تعيش العلاقات الجزائرية الفرنسية عشية انعقاد اللجنة المشتركة للبلدين رفيعة المستوى المنتظر اجتماعها السبت المقبل مرحلة توتر جديدة، فقد استدعت الخارجية الجزائرية سفير باريس لديها، وأبلغته "احتجاجا شديد اللهجة"،عقب ما اعتبرته "حملة صحافية معادية" ضد المسؤولين الجزائريين، والذين وردت أسماؤهم في مقالات الاعلام الفرنسي حول وثائق بنما رغم أنهم غير معنيين بهذه القضية.
&
&وأفاد بيان للخارجية الجزائرية أن وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي رمطان لعمامرة أبلغ سفير فرنسا في&الجزائر &برنار ايميي &الذي استدعي &الأربعاء إلى مقر وزارة الشؤون الخارجية احتجاجا "شديد اللهجة"، على أثر الحملة الصحفية المعادية للجزائر ومؤسساتها في فرنسا عبر مختلف وسائل الإعلام وكذا نشاطات عامة أخرى.
&
وقال لعمامرة &للسفير الفرنسي إن "هذه الحملة ذات النوايا السيئة والمضللة - والتي لا يمكن إطلاقا تبريرها بحرية الصحافة- قد بلغت أوجها من خلال مناورات قذف موجهة عن قصد ضد مؤسسة الرئاسة".
&
وبحسب بيان الخارجية، فإن الوزير "أكد في هذا الصدد على الواجب الأخلاقي والسياسي بأن تعرب السلطات الفرنسية المختصة صراحة عن استنكارها لهذه الحملة التي لا تتلاءم ونوعية ومستوى العلاقات الجزائرية الفرنسية".
&
استنكار شديد
&
بدوره، عبّر حسين خلدون، عضو المكتب السياسي المكلف بالإعلام في حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، عن استنكار الحزب "الشديد" للتصرفات التي يقوم بها الاعلام الفرنسي، والتي صنفها في خانة "غير المقبولة".
&
وطالب خلدون &في تصريح خص به " إيلاف" الإعلام الفرنسي " بالحذر الشديد &عند تناوله &قضايا الجزائر، لأن العلاقات بين الجزائر وفرنسا حساسة جدا بالنظر للماضي التاريخي بين البلدين"، وقال: "ندين بشدة ما تقوم به الصحافة الفرنسية من تشويه لصورة الجزائر"، واصفًا الخرجة الإعلامية الاخيرة بـ"غير المسؤولة".
&
واحتجت الجزائر &قبل استدعائها&السفير الفرنسي لدى الخارجية الفرنسية مباشرة، حسب ما ذكره موقع "كل شيء عن الجزائر"، وجاء الاحتجاج بعد نشر صحيفة "لو موند" الفرنسية صورة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة ضمن مقال يتحدث عن وثائق بنما، رغم عدم ورود اسمه ضمن التسريبات التي نشرت في مختلف وسائل الإعلام العالمية.
&
وتضمن عدد "لو موند" يوم الاثنين مقالا حمل عنوان &"وثائق بنما: الأموال المخفية لقادة دول" مرفوقا بصورة بوتفليقة وعدد من رؤساء الدول.
&
&تضليل واعتذار
&
ووصفت الجزائر ما جاء في الصحيفة بـ" المعلومات التضليلية"&
&
واضطرت الصحيفة الفرنسية ان تقدم الثلاثاء توضيحا أشارت فيه &الى أن نشر صورة الرئيس الجزائري فهم بالخطأ، مؤكدة أن اسم بوتفليقة لم يرد في وثائق فضيحة "وثائق بنما".&
&
وجاء في التوضيح &الذي نشر في الصفحة السابعة من عدد الثلاثاء &أنه على عكس ما قد يوحيه نشر صورة الرئيس الجزائري في الصفحة الأولى لعدد الإثنين الذي تطرق لنشر وثائق فضيحة وثائق بنما، فان اسم الرئيس الجزائري لم يرد فيها، بل "مقربون منه تحوم الشكوك حولهم أنهم حولوا جزءًا من موارد البلاد".
&
ولم يرد في وثائق بنما سوى اسم مسؤول جزائري وحيد هو وزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب، غير أن مؤسسة الدراسات والاستشارة (CEC) التي تولت إنشاء شركة "روايال أريفل كورب" التي يمتلكها نفت ما جاء في وثائق بنما.
&
&وقالت المؤسسة في بيان إنها "المبادرة بإنشاء شركة روايال أريفل كورب والتي تم تأسيسها في شفافية تامة".&
&
وأضافت أن بوشوارب "طلب فور إطلاعه على مساعينا تجميد أي نشاط لهذه الشركة طيلة مدة ممارسة عهداته العمومية، وبالتالي فإنه لم يتم فتح حساب مصرفي لدى البنك السويسري "NBAD" في&جنيف".&
&
وقال غي فيتي الوكيل المعتمد لروايال أريفل كورب إن "موضوع الشركة يتمثل في تسيير الذمة المالية لبوشوارب قبل استلام مهامه".
&
و أكدت مؤسسة الدراسات والاستشارة أن الشركة "لم تدخل أبدا في النشاط في أي بلد كان" و "لم يكن لها أي حساب لدى البنك السويسري باعتبار أنه تم إلغاء إجراءات فتح الحساب".&
&
وبحسب &"لو موند"، فإن بوشوارب "كان يملك شركة في بنما&هي "روايال أريفل كورب" التي أنشئت في أبريل 2015 عن طريق مكتب توطين المؤسسات الناشطة ما وراء البحار "موساك فونسيكا".&
&
وجاء في الصحيفة ذاتها أن "الفرنسي غي فيتي الوكيل المعتمد لروايال أريفول كورب أكد في بريد الكتروني موجه بتاريخ 6 أبريل 2015 لمكتب موساك فونسيكا في لوكسمبورغ أن المستفيد الحقيقي من الشركة هو بالفعل الوزير المتولي لمهامه منذ أبريل 2014 &وحاول الطمأنة بشأن هذه الشخصية السياسية".&
&
وذكرت اليومية نفسها أن الغاية من إنشاء روايال أريفل كورب كانت "تسيير محفظة قيم عقارية بقيمة 700 ألف يورو ممتلكة حاليا بشكل شخصي".&
&
ابتزاز
&
ويصنف البعض ما ورد في الصحيفة الفرنسية ضمن خانة الابتزاز الذي عهدت فرنسا ممارسته تجاه الجزائر للفوز بمشاريع اقتصادية.
&
وبعد "لوموند"، نشرت "لو فيغارو" هي الأخرى مقالا حول مشروع &مسجد الجزائر الأعظم انتقدت فيه هذا المشروع الذي بادر به بوتفليقة.
&
لكن حسين خلدون رفض في حديثه مع "إيلاف" تصنيف ذلك في خانة "الابتزاز"، وركز على الاستهجان الشديد الذي يعبر عنه حزبه الذي يرأسه الرئيس بوتفليقة، مضيفا أنه " من المؤكد أن الدور الذي تلعبه الجزائر في المنطقة يزعج كثيرا &الاطراف الغربية".
&
&وحاولت "لوموند" استدراك خطأ الاثنين بتقديم توضيح يبين وجهة نظرها، غير أن الكاتب الصحافي الجزائري أمين لونيسي المختص في الشأن المغاربي يعتبر تبرير "لو موند" القائل إن الخطأ لم يكن مقصودا بـ"غير المقنع".
&
وقال لـ"إيلاف" إن "الاعتذار عن نشر صورة بوتفليقة لا يكفي لمحو آثار خطأ&قيل انه غير مقصود، لأن الصورة لا تزال لصيقة بعدد الثلاثاء، بل إن الاعتذار استخفاف بالملتقي خصوصا وان بعض الزعماء وردت أسماؤهم في وثائق بنما لكن لم ترد صورهم بصدر الصحيفة".
&
&وأضاف لونيسي: "قائمة بنما ستُتبعتها فرنسا بفتح تحقيق قضائي سيمس عشرات المسؤولين العرب المقيمين في فرنسا أو من غير المقيمين، ما يؤكد فرضية التلويح بالجزرة والعصا ضد هؤلاء لتحقيق مآرب سياسية واقتصادية، لا سيما وان معظم الجزائريين المسؤولين اختاروا فرنسا لشراء ونقل ممتلكاتهم، والخوف يتربصهم من أن تطالهم لعنة بنما مثلما لحقت الوزير بوشوارب".
&
تعاون مستمر
&
لكن لونيسي يرى أن الاحتجاج الجزائري لن يؤثر على اجتماع اللجنة المشتركة العليا للبلدين المقررة يومي 9 و10 إبريل الجاري التي يرأسها رئيسا حكومتي البلدين.&
&
وأكد أن "لقاء عبد المالك سلال ومانويل فالس سيثمر اتفاقات اقتصادية، ولنا في حوادث أخرى عرضت وزراء جزائريين لمواقف محرجة عبرة، حيث لم تؤثر على مسار اقتناص فرنسا عقودًا استثمارية في الجزائر".
&
&أما حسين خلدون فرفض الخوض في هذا الموضوع، وأشار الى أن ذلك يبقى من صلاحيات الحكومة الجزائرية.
&
لكن خلدون أكد أن " الجزائر تمارس مصالحها مع فرنسا بمنطق الند للند ، ووفق معادلة رابح رابح ، لان الاتفاقات المبرمج توقيعها يوم السبت والأحد تصب في مصلحة الجزائر أولا&ونحن لا نقدم صدقات لباريس".
&
وكان وزير الشؤون الخارجية والتنمية الدولية الفرنسي جون مارك أيرو &قد أعرب خلال زيارته الجزائر في 29 مارس/ آذار الماضي عن أمل بلاده في أن يكلل الاجتماع المقبل للجنة الحكومية الثنائية رفيعة المستوى الجزائرية-الفرنسية بالتوقيع على عديد اتفاقات التعاون.&
&
وقال: "إننا نحرز تقدما في التعاون الثنائي سيما في المجال الاقتصادي وآمل ان يتم التوقيع على عديد الاتفاقات بمناسبة هذا الاجتماع".&
&
وبحسب ايرو، فإنه "علاوة على الميدان الاقتصادي هناك عديد من المجالات التي من شانها تعزيز التعاون الجزائري الفرنسي على غرار التكوين المهني والثقافة والصحة والتربية".&
&
وأكد رئيس الدبلوماسية الفرنسية ان "الأمور تتقدم بشكل جيد وتتعزز شيئا فشيئا وهناك إرادة مشتركة لتعزيز علاقاتنا بشكل اكبر وستكون هناك آفاق مستقبلية تشكل معالم للأجيال الشابة لكلا البلدين".&
&
وأشار إلى "نوعية العلاقات بين الجزائر و فرنسا" التي عرفت تقدما ملموسا سيما بفضل "الشراكة المثالية" التي بادر بها الرئيسان عبد العزيز بوتفليقة وفرانسوا هولاند.&
&
و أكد أن الاجتماع المقبل للجنة الحكومية رفيعة المستوى الجزائرية الفرنسية سيشكل فرصة للتطرق إلى عدة مواضيع اقتصادية، مثل دور المجمعات الفرنسية مثل شركة "بيجو الجزائر-سيتروين" و رونو وألستوم.&
&
وأردف قائلا: "يمكننا تماما توسيع تعاوننا المشترك في الوقت الذي تلتزم فيه الجزائر بمسار هام لتنويع اقتصادها وعلينا اختيار هذا المسلك وهو نفسه الذي ننتهجه منذ عدة سنوات".&
&
&

&