بيّنت "أوراق بنما" علاقة "موساك فونسيكا" بمسؤولين رسميين فاسدين في الصين، ساعدهم على إنشاء ثلث شركات أوفشور العاملة في عام 2015 في هونغ كونغ والبر الصيني.
&
إيلاف - متابعة: كان مكتب "موساك فونسيكا" للمحاماة معروفًا جدًا لدى السلطات الصينية قبل فضيحة "أوراق بنما"، وكان يتعاون بصورة وثيقة مع السلطات والمصارف الرسمية لتحقيق استثمارات دولية. فمكتب المحاماة البنمي المتخصص في تأسيس شركات "أوفشور"، والذي كان وراء الفضيحة الأخيرة، ناشط في الصين منذ عام 2000، حيث أقام علاقات وثيقة على أعلى المستويات مع ثاني اقتصاد عالمي، بحسب نسخ قديمة من موقعه على الانترنت، متوافرة على موقع المحفوظات الالكترونية "اركايف دوت كوم".
&
ولهذا المكتب حاليًا فرع في هونغ كونغ، وسبعة مكاتب في البر الصيني، فيما فتح في السنوات الـ16 الاخيرة 11 مكتبًا على الاقل في الصين التي تشكل سوقه الرئيسية، اغلق بعضها لاحقًا.
&
أعلى المستويات
&
لكن، قبل انكشاف الفضيحة، كان اسم المكتب مجهولًا في اوساط مكاتب المحاماة الدولية للاعمال في الصين، بحسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن مصادر تنشط في هذا القطاع. وعلق المحامي ادوارد ليمان على ذلك قائلًا إن عدد مكاتب الشركة "مذهل، لكن في خلال عملي في الصين منذ 29 عامًا، لم ألجأ إلى خدماتهم يومًا، ولم اتصل بهم أبدًا".
&
في المقابل، نجح مكتب "موساك فونسيكا" في الوصول إلى أعلى مستويات في الدولة، فنظم "مؤتمرات مستثمرين" لصالح وزارة التجارة ومركز البحوث التابع لها، بحسب صفحات قديمة على موقعه لم يعد تصفحها ممكنًا اليوم.
&
وفي 2014، دعت وكالات حكومية ممثلين عن "موساك فونسيكا: كي يوضحوا للشركات كيف تستطيع شركات أوفشور تيسير الاستثمار في الخارج.
&
تجاوز القيود
&
اما مجلة "تشاينا إيكونوميك" الاسبوعية، التابعة لصحيفة "الشعب" الناطقة بلسان الحزب الشيوعي، فنشرت في عام 2007 مقابلة مع مسؤول عمليات آسيا في المكتب البنمي زهانغ تشياودونغ، الذي تحدث عن منافع الايداع اوفشور لتجاوز القيود التي يفرضها عدد من الدول، من خلال إخفاء مصدر الاموال المستثمرة.
&
خص زهانغ بالذكر فشل "شركة النفط الوطنية الصينية أوفشور" في الاستحواذ على شركة يونوكال الاميركية للطاقة، لأسباب معلنة تتعلق بالامن القومي.
&
وقال: "تجيز شركات أوفشور النفاد من هذا النوع من المخاطر، فمن الصعب بالنسبة إلى جهة ثالثة التحديد إن كان المستثمرون من الصين فحسب".
&
ثم روى لاحقًا كيف ساعد مكتب المحاماة البنمي زبونًا صينيًا على شراء شركة اوروبية من خلال تركيبة معقدة تشمل شركة أوفشور ومؤسسة مصلحة عامة وشركة موطنة في لوكسمبورغ.
&
ثلثها من إنشاء موساك فونسيكا
&
وبحسب تقرير نشرته وكالة الصحافة الفرنسية، شدد مكتب المحاماة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2008 على "علاقاته الجيدة" مع مؤسستين ماليتين تابعتين للسلطات الصينية: "بنك التجار الصيني" وبنك "شنغهاي بودونغ للتنمية"، إذ ساعدهما على الاشراف على حسابات زبائن أوفشور.
&
بين كانون الاول (يناير) 2007 وايلول (سبتمبر) 2009، ولخمس مرات على الاقل، درّب موفدون من المكتب البنمي موظفي المصارف او شاركوا في مؤتمرات رعتها، بحسب المكتب.
&
واشار الكونسورسيوم الدولي للصحافيين الاستقصائيين إلى أن موساك فونسيكا أنشأ أكثر من 16300 شركة اوفشور في الصين، أي ما يوازي ثلث شركات أوفشور "الناشطة" في عام 2015، تعود إلى عملاء في هونغ كونغ والبر الصيني، وتم توطين حسابات اغلبها في الجزر العذراء البريطانية.
&
رسميون فاسدون
&
لكن الاستثمارات الواردة من الصين تحت صلاحية قضائية كاريبية، في جنة ضريبية ذائعة الصيت، ارتفعت من 1,88 مليار دولار في عام 2007 إلى نحوا 4,57 مليارات دولار في عام 2014، بحسب ارقام حكومية صينية.
&
ونظرًا إلى أن شركات أوفشور نفسها ليست بالضرورة مخالفة للقانون، لم يكن "موساك فونسيكا" المكتب الوحيد الذي عرض خدمات توطين على الزبائن الصينيين، حيث سعت مكاتب محاماة أخرى أكثر شهرة إلى جذبهم، مثل "أو آي أل" او "سوفرين تراست" او "أو سي آر آيي".
&
غير أن الاستاذ في جامعة بكين بول غيليس، الخبير في التدقيق، قال: "لم أرَ المكتب مرة واحدة مرتبطًا بصفقات شراء فعلية، فشركات أوفشور هدفها إخراج الأموال من الصين، حيث يتعذر تعقب مصدرها، ما جعلها قناة مفضلة لاخراج اموال غير شرعية".
&
وفي 2011، أقرّ البنك المركزي الصيني بأن أكثر من 120 مليار دولار مودعة في الخارج تعود إلى مسؤولين رسميين فاسدين.
&
وكشف الكونسورسيوم الدولي للصحافيين الاستقصائيين أن مقربين من اعضاء حاليين أو سابقين في اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب الشيوعي يملكون اموالًا في جنات ضريبية.