يعتبر السياسيون والإعلاميون أن "أوراق بنما" تبقى أهم بكثير من وثائق ويكيليكس سابقًا، ومن المحتمل أن تأتي هذه الوثائق بأسماء كثيرة لبنانيّة متورطة ستكشف عنها النقاب قريبًا.
بيروت: "وثائق بنما" كما بات معروفًا هي وثائق سرية تم تسريبها، ويصل عددها إلى 11.5 مليون وثيقة سرية تابعة لشركة موساك فونسيكا للخدمات القانونية في بنما، التي تملك منظومة مصرفية، تجعلها ملاذًا ضريبيًا مغريًا، وتم كشف تسرب تلك الوثائق عبر عمل صحافي إستقصائي، لأن الشركة تقدم خدمات تتعلق بالحسابات الخارجية لرؤوس الدول وشخصيات عامة وسياسية أخرى، إضافة إلى أشخاص بارزين في الأعمال والشؤون المالية والرياضية.&
تقول الوثائق إن مكتب موساك فونسيكا ساعد رؤساء دول وشخصيات بارزة أخرى على التهرب الضريبي عبر إنشاء ملاجئ ضريبية غير شرعية في الغالب.
فما هي الغاية من تلك الوثائق والهدف منها؟
يعتبر النائب اللبناني فريد الخازن في حديثه لـ"إيلاف" أن "أوراق بنما" مبنية على تحقيق واسع في تعاملات مالية خارجية لعدد من الأثرياء والمشاهير والشخصيات النافذة حول العالم، أزاح هذا التحقيق الستار عن وثائق سرية حصلت عليها صحيفة "تسود دويتشه تسايتونغ" الألمانية من مصدر مجهول، وتعود إلى شركة "موساك فونيسكا"، الرائدة في مجال الخدمات القانونية على مستوى العالم، ومقرّها بنما.&
وبرأي الخازن لم تأتِ هذه الوثائق لتلهي الناس عن المشاكل التي يعيشها العالم، وليست أصلًا لصرف النظر عن تلك المشاكل، لأن أزمات المنطقة لا تزال طاغية، ومعروفة ومكشوفة، والخلافات في العالم، وخصوصًا في الشرق الأوسط، لا يمكن غضّ النظر عنها، من خلال إثارة فضائح أوراق بنما، بل بالعكس قد تضيء على تلك المشاكل أكثر من خلال الإعلاميين الذين أثاروا وثائق بنما.
يلفت الخازن إلى أن المتلقي، أي الشعب، يستهلك الإعلام، وما يأتي منه، ولكن يطرح السؤال حول مدى اقتناعهم وتصديقهم لكل هذا الكم من الفضائح التي يثيرها هذا الإعلام، ويعتبر الخازن أن "أوراق بنما" ليست الأولى، فقد سبقتها وثائق ويكيليكس، رغم أن وثائق بنما تبقى أكثر أهمية.
إعلام من الطراز الأول
أما الإعلامي ساطع نور الدين (رئيس تحرير صحيفة المدن الإلكترونية) فيؤكد في حديثه لـ"إيلاف" أن هناك مجموعة إعلاميين قاموا بعمل إعلامي من الطراز الأول، وهو عمل تحقيق استقصائي ممتاز، من دون أي خلفيات سياسية، وهناك بعض الأسئلة التي تطرح في هذا الخصوص، ومنها أن أميركا وإسرائيل، وإلى حد ما إيران، كلها شبه غائبة عن تلك الوثائق، ولكن بعد فترة قد يظهرون بشركات أخرى، هناك فضيحة بالنظام النقدي العالمي، وهي شركات الأوفشور، فقامت "أوراق بنما" بكشفها، هناك من يتصرف بطريقة واعية كثيرًا ومهنية إلى أقصى الدرجات تمثلت في كشف أوراق بنما.
تابع نور الدين قائلًا: "لا يجوز أن يبقى هذا النظام خارج المؤسسات الرقابية، فالفضيحة التي جعلت قراءتها أكثر جاذبية، تكمن في أن كبار شخصيات العالم السياسيين والإقتصاديين والرياضيين، متورطة في التهرب من الضرائب، وكلنا على علم بذلك، والملاحظة الأولى التي يمكن أن تتغيّر هي أن التركيز كان على الرئيس الروسي فلاديمبر بوتين ومحيطه، لأنه ربما الأكثر تورطًا في عمليات التهرب من الضرائب، أو هناك أولويات وضعها الإعلاميون في الصحافة الإستقصائية التي بنيت عليها أوراق بنما".
ويرى نور الدين أن هناك إعلاميين يعملون على الموضوع منذ سنوات وفترة طويلة كي يتوصلوا إلى ما توصلوا إليه في "أوراق بنما"، وحصلوا على وثائق وإثباتات، ومن الخطأ اليوم - بحسب نور الدين - القول إن تلك الوثائق أتت لكي تلهي الناس عن القضايا العالمية الأساسيّة.
يؤكد نور الدين أن الإعلام منذ القدم حتى اليوم يعتبر مصدر ثقة لدى الناس، وهناك حالات إستثنائية، كإعلام الفضائح وإعلام الإثارة، وكل شعوب العالم المحترمة تقدر دور الصحافة وتتعاطى معها كسلطة حقيقية.
السلة اللبنانية
ردًا على سؤال بأنه على الصعيد اللبناني ذكرت المعلومات من "أوراق بنما" أن رئيس لبنان السابق أميل لحود متورط في سرقة أموال إعمار لبنان من أجل تمويل شبكات حزب الله، إلى أي مدى سيتفاعل هذا الموضوع في لبنان؟.&
يجيب نور الدين أن هناك أسماء لبنانية كثيرة ستأتي على ذكرها "أوراق بنما"، واليوم نتساءل من هي الأسماء التي يمكن أن تكشفها تلك الوثائق، ولكن أهمية هذا النوع من الوثائق، هي ليست من خلال إثارة اهتمام الجمهور، لكن من خلال أنها تتوجه إلى المحاكم، وبدأت فرنسا وبريطانيا تطرحان أسئلة حول أوراق بنما، ومن هنا الدور الحقيقي للصحافة في العالم، وهو فتح الملفات للتحقيق فيها.
بنما وويكيليكس
هل وثائق بنما اليوم بأهمية وثائق ويكيليكس نفسها سابقًا؟، يعتبر نور الدين أن وثائق بنما أهم بكثير من ويكيليكس، أوراق بنما هي وثائق شركة عمرها 40 عامًا، هرّبت أموالاً وضرائب في كل دول العالم.
التعليقات