جنيف: تستأنف بعد ظهر الاربعاء جولة جديدة من المحادثات غير المباشرة بين ممثلين عن الحكومة السورية والمعارضة في جنيف، في وقت تشهد المناطق الخاضعة لسيطرة النظام انتخابات تشريعية على وقع انقسامات غير مسبوقة وتصعيد عسكري يهدد بانهيار الهدنة.

ويستهل الموفد الدولي الخاص الى سوريا ستافان دي ميستورا جولة المفاضات الجديدة التي وصفها من دمشق قبل يومين بانها "بالغة الاهمية" باجتماع يعقده الاربعاء مع وفد الهيئة العليا للمفاوضات الممثل للمعارضة السورية.

ولن يصل الوفد الحكومي الى جنيف قبل الخميس او الجمعة بعد انتهاء الانتخابات التشريعية التي يخوضها خمسة من اعضاء الوفد المفاوض.

وانتهت الجولة الاخيرة من محادثات جنيف في 24 اذار/مارس من دون تحقيق اي تقدم حقيقي باتجاه التوصل الى حل سياسي للنزاع الذي تسبب بمقتل اكثر من 270 الف شخص منذ منتصف اذار/مارس 2011.

وقال يحيى العريضي، عضو الوفد الاستشاري المرافق للوفد المفاوض الممثل للمعارضة الى جنيف لوكالة فرانس برس الاربعاء "ان الوفد المفاوض سيعقد جلسة تمهيدية مع السيد دي ميستورا اليوم ولن يتطرق الى عرض موضوع محدد، لكنه سيشدد في الوقت ذاته على ان موضوعا واحدا مدرجا على جدول اعماله وهو الانتقال السياسي، بما يسنجم مع ما يطرحه الموفد الدولي وتتضمنه القرارات الدولية".

واعتبر ان دي ميستورا "في وضع لا يحسد عليه وذهب الى الاماكن الصعبة كروسيا وايران قبل استئناف المفاوضات لعلمه ان هناك طرفا اصعب في دمشق" مضيفا ان الموفد الدولي "اشبه اليوم بمن يسير وسط حقل من الالغام".

وبحسب العريضي، فإن "النظام يدرك جيدا ان انجاح الحل السياسي يعني نهايته ونقطة الخلاف الاساسية اليوم هي اي نهاية تراد لهذا النزاع".

ولا يزال مستقبل الرئيس السوري بشار الاسد نقطة الخلاف الرئيسية بين طرفي النزاع والدول الراعية لهما، اذ تصر المعارضة على رحيله مع بدء المرحلة الانتقالية فيما تعتبر دمشق ان مستقبله ليس موضع نقاش ويتقرر عبر صناديق الاقتراع فقط.

وترى موسكو، ابرز حلفاء الاسد وداعميه سياسيا وعسكريا، ان المحادثات ينبغي ان تفضي الى وضع دستور جديد.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحافي مع نظيرته الارجنتينية سوزانا مالكورا الاربعاء "من الواضح ان نتيجة العملية السياسية يجب ان تكون وضع دستور جديد تُجرى على اساسه انتخابات مبكرة".

وتعتبر طهران من جهتها ان المطالبة برحيل الاسد "خط احمر" يجب عدم تخطيه.

 3500 مرشح

ويتزامن استئناف المفاوضات مع اجراء النظام السوري انتخابات تشريعية في مناطق سيطرته، يتنافس فيها 3500 مرشح يزيد عمرهم عن 25 عاما لشغل 250 مقعدا في مجلس الشعب، بحسب رئيس اللجنة القضائية العليا المشرفة على الانتخابات هشام الشعار.

ويتوقع خبراء ان تكون نتائج الاقتراع مماثلة لتلك التي خلصت اليها انتخابات ايار/مايو العام 2012. وحاز حزب البعث الذي يقود البلاد بيد من حديد منذ نحو نصف قرن، وقتها على غالبية المقاعد برغم مشاركة عدد من الاحزاب الاخرى المرخص لها فيها.

وتصف المعارضة هذه الانتخابات بـ"غير الشرعية". وقال العريضي ان تنظيمها في هذا التوقيت "يضرب عرض الحائط كل الجهود الدولية المبذولة (...) لا سيما ان نتائجها محسومة سلفا".

وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية في جنيف ان تنظيم الانتخابات "يظهر الى اي حد (هذا النظام) منفصل عن الواقع" مشددا على ان "تنظيم انتخابات حرة ونزيهة يصبح ممكنا فقط بعد تشكيل هيئة حكم انتقالي وتوقف المعارك".

في حين وصفت الخارجية الفرنسية الانتخابات بالسورية ب"المهزلة". ورفض دي ميستورا في وقت سابق التعليق على هذه الانتخابات، موضحا ان الانتخابات الوحيدة المخول التعليق عليها هي تلك المنصوص عليها في خارطة الطريق وفق الامم المتحدة.

وبحسب القرار الدولي 2254، تبدأ خارطة الطريق بمفاوضات بين النظام والمعارضة وتنص على وقف لاطلاق النار وتشكيل حكومة انتقالية في غضون ستة اشهر وتنظيم انتخابات خلال 18 شهرا.

وبخلاف موسكو وباريس اللتين انتقدتا دعوة دمشق لاجراء الانتخابات، رات موسكو ان تنظيمها "لا يعيق عملية السلام". واعتبر لافروف ان تنظيم الانتخابات هدفه "الحؤول دون وقوع الفراغ" في السلطة السورية، مضيفا "وهذه هي نظرتنا للامور".

تهديد الهدنة

في غضون ذلك، يواجه وقف الاعمال القتالية في مناطق سورية عدة خطر الانهيار، في ظل استعداد كل من قوات النظام وجبهة النصرة (ذراع تنظيم القاعدة في سوريا) والفصائل المقاتلة وتنظيم الدولة الاسلامية لمعركة حاسمة في محافظة حلب في شمال البلاد.

ويستثني الاتفاق الصامد منذ 27 شباط/فبراير على رغم الانتهاكات، كل من تنظيم الدولة الاسلامية وجبهة النصرة اللذين يسيطران حاليا على اكثر من نصف الاراضي السورية، الا ان انخراط جبهة النصرة في تحالفات عدة مع فصائل مقاتلة، ومشاركة الفصائل في المعارك وتوسع هذه المعارك، عناصر من شأنها ان تهدد الهدنة 

ولحظ المرصد السوري لحقوق الانسان "تجددا ملحوظا في العمليات العسكرية وخصوصا في محافظة حلب بالمقارنة مع شهر اذار/مارس". وتتقاسم قوات النظام والجهاديون والاكراد السيطرة على محافظة حلب "التي تملك مفتاح السلام او الحرب في سوريا"، بحسب عبد الرحمن.

ووفق المرصد، ارسلت القوات النظامية الاثنين تعزيزات الى جنوب وشرق وشمال محافظة حلب. كما عززت جبهة النصرة وحلفاؤها مواقعهم في المنطقة.

 وكان رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي اعلن الاحد وفق ما نقلت وسائل اعلام روسية ان الجيش يعد مع "شركائه الروس" لـ"تحرير حلب".

لكن الجنرال سيرغي رودسكوي من قيادة اركان الجيش الروسي عاد واكد الاثنين انه "من غير المقرر شن اي هجوم على حلب". واعرب دي ميستورا الثلاثاء عن قلقه امام مجلس الامن الدولي ازاء تصعيد المعارك في سوريا.