لا تزال الإصلاحات محض سراب بالنسبة للمحتجين

مع بزوغ الفجر في بلاد الرافدين، يجدد العراقيون أملهم بانفراج وشيك لأزمة بلادهم الخانقة، وانقشاع للسحب المنذرة بالشؤم التي ما برحت تظلل العراق منذ أكثر من عقد من الزمن.

لكن آمالاً معقودة على ضمائر الساسة وحنكة صناع القرار سرعان ما تتبدد، لتعود غمائم مفعمة بالوجوم من اليوم والتوجس من الغد هي الأبرز في أجواء البلاد.

فبين اعتصامات شعبية مطالبة بردم بؤر الفساد وتقويم اعوجاج الركب السياسي، ومشادات كلامية وسجالات برلمانية لا تنتهي، تزداد حلكة المشهد ويتضاءل بصيص النور المبشّر بالفرج.

وكان الحراك الشعبي المندد بالفساد الإداري والترهّل الحكومي وصل ذروته الصيف الماضي باحتجاجات أسبوعية حاشدة نظمها "التيار المدني" في العديد من المحافظات العراقية، وأفضت في الأسابيع الماضية لاعتصام خارج المنطقة الخضراء، تلبية لدعوة أطلقها مقتدى الصدر، رجل الدين الشيعي وزعيم "التيار الصدري"، ولاقت صدى لدى "التيار المدني"، انتهى بتقديم رئيس الوزراء، حيدر العبادي، تشكيلة وزارية جديدة ضمت أسماء تكنوقراط رُشّحوا للكفاءة لا الانتماء السياسي. بيد أن عجز البرلمان عن المصادقة عليها أدى لتجدد دعوات الاعتصام حتى يستجيب البرلمان لمطالب الشعب.

ويعبّر آلاف المعتصمين في ساحة التحرير بالعاصمة ومدن عراقية أخرى عن استياء شعبي واسع ومستديم من تلكؤ البرلمان بالاستجابة لمطالب الإصلاح الإداري الحقيقي والإنعاش السياسي المنشود.

فبعد فشل مجلس النواب بالمصادقة على التشكيلة الوزارية المقترحة، ارتطم البرلمان بحائط آخر تمثّل بـ "انقلاب" حاول منفذوه –نواب عن كتلتي التيار الصدري و "دولة القانون" الذي يقودها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي- إزاحة رئيس المجلس، سليم الجبوري، ونائبيه عن مناصبهم. علاوة على ذلك، لم يكتمل النصاب البرلماني في جلسة كانت ستعقد الإثنين 18 نيسان/أبريل للبحث في سبل انتشال المجلس –والبلاد- من رمال متحركة قادرة على جرّ العراق لمستنقع سياسي واقتصادي وأمني حذرت من خطره الأمم المتحدة وواشنطن.

لماذا تتكرر نكسات العراق السياسية؟

هل ينجح العبادي في تذليل العقبات التي تحول دون تحقيق الإصلاح؟

ما الذي سيفضي إليه الشد والجذب في أروقة السلطة ببغداد؟