استضاف الفاتيكان مؤتمرًا للبحث عن علاج اعجازي لمرض السرطان، وقد شارك فيه عدد كبير من الأطباء والباحثين بالإضافة إلى البابا.

واشنطن: شارك نهاية الشهر الماضي عدد من أبرز باحثي مرض السرطان في العالم بالمؤتمر الدولي الثالث الذي استضافه الفاتيكان حول الطب التجديدي. وهو المؤتمر الذي جاء بعنوان "آفاق خلوية" وركَّز في جزء منه على العلاج المناعي، الذي يعد شكلاً من أشكال العلاج الذي يهدف الى دعم قدرة الجسم الطبيعية على محاربة الأورام.

وشعر الباحثون بأنهم يُعَامَلون كما كبار الشخصيات نتيجة الحفاوة الشديدة التي قابلهم بها البابا فرانسيس على هامش ذلك المؤتمر، الذي أقيم في قاعة القديس بولس السادس بالفاتيكان، حيث حرص بعد إلقاء كلمته على النزول من على خشبة المسرح كي يوجه التحية بنفسه لكثيرين من الحضور، وهو ما كان له أثره الطيب في نفوسهم.

ورغم أنه يُنظَر الآن على نطاق واسع للعلاج المناعي باعتباره من بين السبل الواعدة في علاج السرطان، إلا أنه كان يعرف حتى وقت قريب بتاريخه الطويل من الفشل. وخلال احدى الحلقات النقاشية بالفاتيكان، قال جيمس أليسون، مكتشف فئة جديدة من الأدوية المتخصصة في مجال العلاج المناعي تعرف باسم (مثبطات نقاط التفتيش)، إنه ظل يُنظر إلى زملائه من الباحثين لفترة طويلة على أنهم "بائعو زيت الأفعى".&

رابط

وبينما قد يبدو الفاتيكان مكاناً غير مناسب بالنسبة لاستضافة مؤتمر طبي، إلا أنه كان كذلك في تلك الحالة. حيث أشار تقرير لمجلة النيويوركر الأميركية إلى أن الرابط الذي يجمع على الأرجح بين الكاثوليكية والعلاج المناعي يعود للـ 22 من فبراير عام 1952، حين لاحظت ربة منزل في بالتيمور، عمرها 29 عاماً، أن ابنتها التي تدعى آن أونيل، وتبلغ من العمر 4 أعوام، شاحبة ومصابة بالحمى وأن رقبتها منقطة باللون الأزرق. وبعدها ببضعة أيام قليلة فقط، قام أطباء من مستشفى سانت أغنيس بتشخيص إصابة الفتاة بسرطان الدم الليمفاوي الحاد، وهو نوع من السرطان يعيق انتاج كرات الدم البيضاء. وبعدها بعدة أشهر، وبعد حالة سكون جزئي لفترة بسيطة، تم وضع آن على جهاز الأكسجين وسط توقعات بأنها لن تعيش أكثر من يوم. وكما أخبرت والدتها أحد الصحافيين عام 1963، فإن الفتاة كانت على وشك الموت بالفعل، حيث كانت في حالة متدهورة بشكل كبير من الناحية الصحية.

وفي غضون ذلك، أخبرت رئيسة ممرضات طب الأطفال بالمستشفى، الأخت ماري أليس فاولر، والدي آن بأن إليزابيث سيتون، المؤسسة الراحلة لجمعية بنات المحبة (التي أسست مستشفى سانت أغنيس)، من الممكن أن تتدخل نيابة عن الطفلة آن. ورغم أن سيتون قد توفيت عام 1821، إلا أن الأخوات في المستشفى كان لديهن ما يدفعهن للجوء إليها، حيث كان لها الفضل عام 1935 في معالجة احدى الراهبات في نيو أورليانز من سرطان البنكرياس. وقد رأت الأخوات أنها بحاجة الآن إلى معجزة ثانية كي تواصل رحلتها نحو القداسة. وبالفعل وافق والدا آن على خطة فاولر للقيام بعبادة التاسوعية – أي الصلاة على مدار 9 أيام. وأضيفت قطعة قماش صغيرة لمست رفات سيتون إلى ثياب النوم الخاصة بالطفلة آن، وبحسب بعض الروايات، فقد قامت الفتاة كذلك بزيارة قبر سيتون. وبالفعل بدأت تتعافى من مرضها على الفور. وخرجت في خلال أسبوعين من المستشفى دون أي أثر لمرض سرطان الدم.

عقبة رئيسية

وبعد مرور عامين، وفي ظل استمرار تمتع آن بحالة صحية ممتازة، استقبل والداها شخصاً يعمل كمحقق لدى الفاتيكان، وظيفته هي البحث عن أدلة من شأنها أن تفسر سر تعافي آن بوسائل غير اعجازية. وبعد تحقيق استمر 8 سنوات، صدر الحكم من جانب الفاتيكان بأن ما حدث مع الطفلة آن كان معجزة بكل المقاييس. وبالفعل تم تطويب سيتون في العام 1975، لتكون بذلك أول سيدة أميركية المولد تصبح قديسة.&

وقال ميلتون ساكس، وهو أخصائي أمراض الدم البارز بمستشفى جامعة ميريلاند الذي ساعد في علاج آن، إنه لم يرَ أو يسمع مطلقاً عن عملية تعافٍ من المرض بهذا الشكل.

ورغم بقاء العلاج المناعي على هامش الأبحاث المتعلقة بمرض السرطان طوال معظم القرن العشرين، إلا أن الأمور بدأت تتغير خلال السنوات الخمس الماضية، وها هو الملياردير الشاب شون باركر، المؤسس الشريك لشركة نابستر والرئيس السابق لشركة فايسبوك، يعلن عن إطلاقه معهداً خاصاً بدراسة العلاج المناعي. وقال رئيس المعهد، جيفي بلوستون، إن الوقت الراهن فرصة مواتية لإجراء بحوث السرطان.

وخلال كلمة له في مؤتمر الفاتيكان الأخير، أوضح تاك ماك، الباحث الكندي الذي نجح عام 1984 في اكتشاف المستقبلات التي تسمح للجهاز المناعي بالتعرف على بعض من خصومه، أن مهاجمة الأورام الصلبة&لا تزال عقبة رئيسية بالنسبة لهذا المجال، نظراً للحماية التي تحظى بها تلك الأورام من طبقة من الخلايا تعرف بالخلايا الضامة.
&