أجرت "إيلاف" حوارًا ساخنًا مع كانون أندرو وايت، الحوار المترجم من الإنكليزية، يكشف فيه الكثير من المخفي والمستور. كما عبّر عن حبه لإسرائيل، واحترامه في الوقت عينه لثقافة السلام التي يسعى إلى فرضها بين شعوب العالم، ورأى أن داعش تقف عقبة أساسية في وجه تحقيق ذلك عبر تهجيرها المسيحيين من الشرق.
لندن: كانون أندرو وايت إنسان محب للسلام، عابر للأديان، لا يميز بينها، درس المسيحية وإطلع على اليهودية والإسلام بتعمق. كان له دور في إتفاق الإسكندرية الذي جمع علماء الديانات الثلاث وقيادات سياسية، الذي هدف إلى زرع المحبة والسلام حقنًا للدماء. وإلى نص الحوار الذي أجرته معه "إيلاف".
&
* مرحبًا بكم كانون أندرو وايت.
مرحبًا بـ"إيلاف".
ثقافة دينية
* أنتم ولدتم بتاريخ 1964 من أصول هندية؟&
نعم، والداي من الهند، ونشأت وترعرعت في بريطانيا.
* لقد رأيت إمرأة بالمصادفة، وهي على منبر في مجموعة، فذهبت لخطبتها، وهكذا تزوجتها في غضون أسابيع. إنه زواج من النظرة الأولى.
كانت النظرة الأولى كافية لآتي وأخطبها وأتزوجها، وكان القرار حكيمًا.
* نشأت في مدينة "كينت" من عائلة متدينة. درست اللاهوت في كامبرج، ثم اليهودية في الجامعة العبرية في القدس.
بعد أن درست المسيحية، أحببت التعرف إلى الإسلام واليهودية، لذلك قضيت وطرًا في إسرائيل في الجامعة العبرية وغيرها، للتعرف إلى اليهودية، كما كنت في بغداد للتعرف إلى الإسلام.
اتفاق الاسكندرية
* لقد عُيّنت عام 1998 في كاتدرائية كوفنتري، وصرت مبعوثًا للكنيسة في الشرق الأوسط، لذلك كنت وسيطًا في الإفراج عن "جاويد الغصين" الفلسطيني رئيس مجموعة قرطبة. كما كان لكم الدور المعروف في حل أزمة الرهائن في كنيسة المهد في بيت لحم عام 2002.
لم تكن القضية سهلة في الصراعات، وكنت حينها مبعوثًا من الأمم المتحدة، ولا بد من شكر من ساعدنا على ذلك، لاسيما بعض مشايخ الخليج.
*أسست (مؤسسة الإغاثة والمصالحة في الشرق الأوسط) عام 2005 منبثقة من كاتدرائية كوفنتري؟
هذا اقتراح الكاتدرائية في كوفنتري، وكان لها دور كبير في الأمرين: المصالحة والإغاثة.
* كان لكم مع الحاخام ميشيل مالكيوم دور في إتفاق الإسكندرية لجمع علماء الديانات الإبراهيمية الثلاث من الإسلام والمسيحية واليهودية، فضلًا عن القيادات السياسية لتوقيع ذلك الإتفاق التاريخي.
إتفاق الإسكندرية زرع المحبة والسلام بين الديانات الثلاث، وبين السياسيين الكبار لحقن الدماء بدلًا من نزيف الدم.
علاقات مع النظام العراقي
* كنت راعيًا لكنيسة "سانت جورج" في بغداد، وهي الكنيسة الأنجليكانية الوحيدة في العراق، والمدعومة عالميًا، لاسيما من حكومتي بريطانيا وأميركا؟
هذه الكنيسة قامت بخدمات كثيرة للعراقيين خصوصًا لفاقدي السكن والمعالجات الطبية المختلفة والمواد الغذائية، فضلًا عن الطقوس المسيحية.
*كانت لكم علاقة جيدة مع نظام صدام حسين، خصوصًا لقاءاتكم المشهودة مع طارق عزيز وزير الخارجية؟
كان طارق عزيز صديقًا عزيزًا، وكنا نلتقي دومًا. اقترحت القيادة العراقية عليّ مقترحات حملتها بدوري إلى القيادات في أميركا وبريطانيا. كنت ضد الحرب على العراق عام 2003، كما إنني قد اقترحت اقتراحات على الحكومة العراقية، نقلها طارق عزيز إلى القيادة العراقية في ذلك الوقت.
د. نبيل الحيدري مع كانون أندرو وايت
* وماذا كانت ردود صدام حسين على مقترحاتك الجريئة؟
لم تكن هناك إجابات واضحة.
* كذلك كانت علاقتك قوية أيام النظام السابق مع زعماء مسلمين من الشيعة والسنة، فضلًا عن بعض السياسيين. وكنت تقوم بربط هذه الزعامات نحو بريطانيا وأميركا.
كانت لقاءاتي بهم بشكل دائم قوية، أيام النظام السابق، وباتت أقوى مع النظام الجديد حاليًا.
اكتشاف متأخر
* نظمتم مع الحاخام ميشيل مالكيوم مؤتمرًا في قبرص حول العراق، يجمع زعماء الأديان الثلاثة: الإسلام (سنة وشيعة) والمسيحيون واليهود، وجاءت القيادات الإسلامية، شيعة وسنة، وكذلك المسيحية، من العراق، وجاءت القيادات اليهودية والسياسية من إسرائيل، وحصل اتفاق بينها، ولكن لم نرَ على أرض الواقع نتائج ملموسة.
النتائج تحتاج زمنًا طويلًا وربما أجيالًا.
*يعتقد البعض أنكم رفعتم أشخاصًا متهمين بالفساد الكبير ليكونوا قيادات دينية وسياسية بدعم أميركي وبريطاني؟
نعم، إكتشفنا لاحقًا، بعضهم متهم بالفساد الكبير.
* بعد خراب البصرة وفحول سلطتهم وسطوتهم؟.
هذه طبيعة الحياة.
أحد أغلفة كتب أندرو وايت |
&
*لكن علاقاتكم بهم لا تزال قوية، بل وضعتم بعضهم في هيئة الأمناء عندكم؟
ليس من السهل تغييرهم، وما هي ردود فعلهم. ومن الذين نأتي بهم ليحلوا محلهم ويكونون نزيهين؟.
معظم المسيحيين هجّروا
*يبدو أن وضع المسيحيين غير جيد في العراق، لقد هجّر وهاجر الكثير منهم، فضلًا عن جرائم داعش الإرهابية؟
نعم الآن ثلثا المسيحيين قد تركوا العراق، بسبب الجرائم والظلم والتهجير، لاسيما بسبب داعش وجرائمها، حيث كان عددهم مليوناً وثمانمائة ألف مسيحي، بينما الآن لا يتجاوز عددهم ثلث هذا الرقم.
* ألّفت كتبًا كثيرة منها: الإيمان تحت النار، ويعاني الأطفال، إغفر يا أبتاه، العراق يبحث عن الأمل، قصتي إلى الآن، العراق الناس والوعد، رغم أنها كتيبات صغيرة، وفيها المكررات الكثيرة، لكنها لاتخلو من الجمال وصنع السلام.
تربيت على مبدأ السلام، وأكافح من أجله.
السلام رسالة
* علاقاتكم بإسرائيل قوية جدًا، حيث درستم فيها، وأكثر أوقاتكم فيها، وتمدحونها دائمًا، وتقولون إنها الدولة الوحيدة الديمقراطية في المنطقة، ولم نسمع منكم نقدًا واحدًا لها.
عشت في إسرائيل، وتعلمت منها الكثير، وأعتقد أن المسيح كان يهوديًا، وأحاول تصحيح ما يتوهمه المسيحيون ضدهم، لأزرع المحبة بينهما.
*حصلتم على جوائز جمة كثيرة منها: نوبل للسلام، جائزة الأديان من الحكومة البريطانية، الشجاعة المدنية الدولية، وسام القديس جورج، رفيق الشرف للفرسان الدولية، الحرية الحقيقية للولايات المتحدة الأميركية، صانع سلام في جائزة العمل، وسام الإستحقاق من تمبلر الدولية للفرسان، ويكيلف من جامعة تورنتو، فرانك آن، يلبرفورس وليام، المجلس الدولي سترنبرغ، الجائزة المشتركة للإيمان، مركز التفاهم بين الأديان، مركز تانينباوم للتفاهم بين الأديان، معهد وولف للأديان الإبراهيمية، كامبرج للسلام، جمعية الأنجلو-إسرائيل، وغيرها. فماذا تبغون بعد ذلك؟
أحب الحصول على السلام، وزوال داعش وأمثالها من المنظمات الإرهابية.
*ما هي أمنيتكم الكبرى؟
أن أعيش في بغداد عندما تكون مدينة السلام، كما كانت في تاريخها المعهود.
&
التعليقات