باريس: اعتبرت وزارة الخارجية الاسرائيلية ان الاجتماع الذي عقد الجمعة في باريس في محاولة لإحياء جهود السلام بين إسرائيل والفلسطينيين يؤدي فقط الى "ابعاد احتمالات السلام". وقال المتحدث باسم الوزارة ايمانويل نحشون في بيان ان "التاريخ سيكتب ان اجتماع باريس لم يؤد سوى الى تشدد في المواقف الفلسطينية وابعاد احتمالات السلام".

واضاف "بدلا من اقناع (الرئيس الفلسطيني) محمود عباس بقبول الدعوات المتكررة التي اطلقها رئيس الوزراء (الاسرائيلي بنيامين نتنياهو) من اجل الدخول فورا في مفاوضات مباشرة من دون شروط مسبقة، فان المجتمع الدولي يذعن لمطالب عباس ويسمح له بمواصلة التهرب من المفاوضات المباشرة".&

وعارضت اسرائيل المبادرة الفرنسية لإحياء جهود السلام والدعوة الى عقد مؤتمر دولي قبل نهاية العام لايجاد حل للنزاع مع الفلسطينيين. وترى تل ابيب ان استئناف المحادثات الثنائية هو السبيل الوحيد للمفاوضات.&

منظمة التحرير: بالغ الاهمية
من جهته اعتبر امين سر منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات ان الاجتماع الذي عقد الجمعة في باريس لمحاولة احياء جهود السلام بين اسرائيل والفلسطينيين يشكل "مرحلة بالغة الاهمية". &وقال عريقات في بيان ان "اجتماع باريس يشكل مرحلة بالغة الاهمية، والرسالة منه واضحة: اذا سمح لاسرائيل بمواصلة سياسات الاستيطان والتمييز العنصري في فلسطين المحتلة، فان المستقبل سيكون اكثر تطرفا واهراقا للدماء بدلا من التعايش والسلام".

وشدد على "اهمية النهج المتعدد الطرف" لحل النزاع، في حين تدعو اسرائيل الى اجراء محادثات ثنائية. واضاف عريقات "لقد أجرينا مفاوضات ثنائية مع إسرائيل، سلطة الاحتلال، لأكثر من عقدين لكنها لا تزال تنتهك جميع الاتفاقيات التي وقعناها"، مشيرا الى تضاعف الاستيطان في الاراضي المحتلة ثلاث مرات خلال هذه الفترة.

وقال "ما نحتاجه هو آلية حقيقية تضع حدا للاحتلال الاسرائيلي وحل كل القضايا المتعلقة بالوضع النهائي ووضع جدول زمني واضح ومحدد" في اشارة الى القضايا الشائكة وهي قضية اللاجئين ووضع القدس. وتابع "انها مسؤولية المجتمع الدولي ان يتوقف عن النظر الى اسرائيل كدولة فوق القانون".

ومنظمة التحرير الفلسطينية هي الجهة الوحيدة التي يعترف بها المجتمع الدولي كممثل للفلسطينيين في الاراضي المحتلة والشتات. لكنها لا تشمل حماس والجهاد الاسلامي اللتين تعارضان المبادرة الفرنسية.

وكان هولاند قال امام وزراء وممثلين لنحو ثلاثين دولة ومنظمة دولية، بينهم الامين العام للامم المتحدة بان كي مون، "اردت أن تأخذ فرنسا زمام المبادرة لتعبئة المجتمع الدولي دعمًا لتسوية نهائية للنزاع" الاسرائيلي - الفلسطيني.&

واكد أن "الهدف الوحيد لهذه المبادرة هو السلام في الشرق الاوسط"، مقرًا بوجود "شكوك" تحيط بآلية هذه المبادرة، خصوصًا لدى الجانب الاسرائيلي، الذي يشدد على ضرورة اجراء محادثات مباشرة مع الفلسطينيين. & &

منح ضمانات
تابع هولاند: "لا يمكننا أن نحل محل طرفي النزاع. لكن مبادرتنا تهدف الى منحهم ضمانات بأن السلام سيكون قويًا ومستدامًا، وبغطاء دولي، وطمأنتهم من اجل أن يستأنفوا المحادثات"، مؤكدًا أن "الخيار الشجاع" بالسلام يعود الى الفلسطينيين والاسرائيليين.

لم تتم دعوة اسرائيل والفلسطينيين الى الاجتماع الدولي في باريس، الذي يهدف الى إعادة تأكيد الالتزام الدولي بحل الدولتين، الفلسطينية والاسرائيلية، جنبًا الى جنب، وهو الحل الوحيد الذي يعتبر قابلًا للتطبيق لإنهاء نزاع مستمر منذ نحو 70 سنة.&

الهدف من الاجتماع تشكيل مجموعات عمل حول موضوعات محددة، مثل تحفيزات اقتصادية لإحلال السلام، واجراءات للحد من التوتر ميدانيًا، وتقديم ضمانات على صعيد الامن الاقليمي، استعدادًا لمؤتمر سلام قبل نهاية السنة بحضور الطرفين المعنيين.&

وفي حين ان الوضع على الارض يعتبر "كارثياً"، حذر الرئيس الفرنسي من مخاطر الوضع الراهن. وقال: "في السياق الاقليمي للشرق الادنى والشرق الاوسط، سيشغل المتطرفون الفراغ من دون شك، وسيستفيد الإرهابيون من ذلك".

اضاف هولاند: "نحن في العام 2016 مع حرب في سوريا، وارهاب اصولي في العراق. وبالتالي تغيّرت التهديدات والاولويات. الاضطرابات الاقليمية تخلق التزامات جديدة للمجتمع الدولي من اجل السعي الى السلام"، مشددًا على ان السلام يجب ان يشمل "مجمل المنطقة".&

إيرولت: "الدولتان" في خطر
حذر وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت الجمعة من ان "خطرًا جديًا" يهدد الحل القائم على مبدأ الدولتين بين اسرائيل والفلسطينيين، لافتًا الى ان الوضع يقترب من "نقطة اللاعودة".

واضاف آيرولت اثر اجتماع دولي في باريس حول النزاع في الشرق الاوسط "يجب التحرك في شكل عاجل للحفاظ على حل الدولتين واحيائه قبل ان يفوت الاوان"، مكررًا عزم فرنسا على تنظيم مؤتمر بين الاسرائيليين والفلسطينيين قبل نهاية العام. وفي البيان الختامي، ايّد المشاركون في الاجتماع "عرض فرنسا تنسيق" جهود السلام، وكذلك "امكان عقد مؤتمر دولي قبل نهاية العام".

واعرب المشاركون عن "قلقهم" حيال "استمرار اعمال العنف والانشطة الاستيطانية" في الاراضي الفلسطينية، و"التي تعرض للخطر"، أي حل يقوم على مبدأ الدولتين، مؤكدين ان "الوضع القائم حاليًا" لا يمكن ان يستمر. وأوضحوا انهم بحثوا سبل مساهمة المجتمع الدولي في دفع عملية السلام قدما، وخصوصًا عبر "اقتراح محفزات على الجانبين".

واقترح آيرولت "البدء بعمل في شأن المحفزات على الصعيد الاقتصادي وعلى صعيد التعاون والامن الاقليمي" و"تعزيز قدرات الدولة الفلسطينية المقبلة".
ووعد وزير الخارجية الفرنسي بأن يبدأ هذا العمل "قبل نهاية الشهر" بهدف "التوصل الى رزمة محفزات شاملة وتقديمها الى الاسرائيليين والفلسطينيين"، خلال المؤتمر الدولي المزمع عقده.

لا مبالاة أميركية&
تثير المبادرة الفرنسية منذ اشهر معارضة اسرائيل. ورأت وزارة الخارجية الاسرائيلية عشية الاجتماع أن المبادرة "ستفشل"، اذ تعارض اسرائيل بشدة أي مقاربة دولية للنزاع، وتصرّ على اجراء محادثات مباشرة مع الفلسطينيين.

وبرر وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت تنظيم المؤتمر بالقول إن الحوار المباشر بين الاسرائيليين والفلسطينيين "لا يأتي بنتائج". وقال: "اليوم هم لا يتحاورون، والاستيطان يتواصل، والعنف ينمو، ويحل اليأس، ودعاية تنظيم الدولة الاسلامية والقاعدة تنتشر في كل هذه الاراضي، وهذا امر في منتهى الخطورة".&

وفشلت المفاوضات المباشرة الاخيرة بين الطرفين برعاية اميركية في العام 2014. كما تبرز تساؤلات بشأن مستوى مشاركة الولايات المتحدة، الراعي التاريخي، في المبادرة، ابعد من ابداء الاهتمام بداعي اللياقة الدبلوماسية.&

أمل للفلسطينيين
ويحضر وزير الخارجية الاميركي جون كيري، الوسيط في المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية في 2013-2014، مؤتمر باريس. لكنّ مسؤولاً رفيعًا في الخارجية الاميركية قال الخميس "لن نقدم أي اقتراح محدد، ولم نتخذ أي قرار بشأن ما يمكن أن يكون عليه دورنا". &وحدهم الفلسطينيون الذين باتوا "على حافة اليأس"، وفقًا لمصدر دبلوماسي فرنسي، يدعمون المبادرة الفرنسية بالكامل.&

واعتبر امين سر منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات الجمعة أن المبادرة الفرنسية تشكل "بارقة أمل"، مطالبًا في مقال نشر على الموقع الالكتروني لصحيفة هآرتس الاسرائيلية، بأن تحدد هذه المبادرة "اطارًا وجدولاً زمنيًا واضحين" لإقامة الدولة الفلسطينية.

موغيريني تحذر من انهيار المفاوضات
هذا وحذرت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني الجمعة من انهيار كامل لأي عملية سلام بين اسرائيل والفلسطينيين، مشددة على دور اوروبا في إحياء المفاوضات. وقالت موغيريني خلال المؤتمر الدولي حول الشرق الاوسط الذي تستضيفه باريس، "واقع الامر انه ليست هناك أية عملية سلام حاليًا".

اضافت أن "التطورات في اسرائيل وفلسطين سياسيًا، وعلى الارض، اضافة الى العنف، الذي يتجلى اكثر كل يوم، وسياسة توسع المستوطنات (الاسرائيلية)، تنبئنا بوضوح أن الافق الذي نشأ من (اتفاقات) اوسلو مهدد بالسقوط في شكل خطير". وشكلت اتفاقات اوسلو العام 1993 البداية الرسمية لعملية السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين. وتابعت موغيريني "من واجب المجتمع الدولي أن يعاود تأمين الظروف لتنطلق عملية السلام مجددًا"، مشددة على "الدور الخاص" لاوروبا في هذه العملية.

قالت ايضًا: "بوصفنا اوروبيين، نحن الشريك التجاري الاول لاسرائيل، والمانح الاول للسلطة الفلسطينية"، مؤكدة وجوب وضع "محفزات (اقتصادية) وضمانات" على الطاولة لاقناع الجانبين باجراء مفاوضات. واوضحت أن تقريرًا للرباعية الدولية، التي تضم الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة والامم المتحدة وروسيا، يشتمل على "توصيات حيوية" سيصدر "في الايام المقبلة".

ولفتت الى أن التقرير "سيشرح الوضع على الارض، وسيتضمن توصيات حيوية حول ما ينبغي على الطرفين القيام به، وكيفية دعم المجتمع الدولي لهما".&وشارك في مؤتمر باريس وزراء وممثلون لثلاثين دولة غربية بينهم وزير الخارجية الاميركي جون كيري اضافة الى وزراء عرب وممثلين للامم المتحدة والاتحاد الاوروبي من دون ان يحضره طرفا النزاع.

&