أعلنت منظمة الهجرة الدولية اليوم ان التمويل والامدادات غير كافية لتقديم المساعدة المرجوة للأعداد الهائلة من النازحين العراقيين واوضحت ان &43.470 من سكان الفلوجة قد نزحوا عنها منذ بدء العمليات العسكرية لتحريرها، فيما تجمع عدد من النازحين الفارين من المعارك في مخيم عامرية الفلوجة حول عدد من المسؤولين الذين كانوا في جولة تفقدية وتوجهوا اليهم بالسؤال بشكل جماعي "اين هم اولادنا؟"
أسامة مهدي: قالت المنظمة الدولية للهجرة في تقرير الثلاثاء تسلمت "إيلاف" نسخة منه انها تراقب عن كثب حركة النزوح من الفلوجة (60 كم غرب بغداد) بسبب العمليات العسكرية الجارية في جميع أنحاء المدينة والتي اشتدت يوم 22 من الشهر الماضي حيث حددت لجنة تتبع الطوارئ لتتبع النزوح عدد النازحين العراقيين مايقارب 43,470 نازحا&(7,245 أسرة) من منطقة الفلوجة خلال الفترة ما بين 22 مايو و 13يونيو الحالي.
واشارت المنظمة إلى أنّ هذا العدد يتضمن 10,548 فردا منهم (1,758 أسرة) الذين فروا في 11 و 13 يونيو إلى عامرية الفلوجة وبعدد أقل هربوا الى منطقة الحبانية حيث تقع المنطقتان في محافظة الأنبار وكذلك توجه البعض منهم الى محافظة بغداد.
وتحدثت نغم وهي أرملة نازحة من الفلوجة مع أحد موظفي المنظمة الدولية للهجرة عن نزوحها وقالت "لدي خمسة أطفال. لم نستطع&الهرب على الفور عند دخول تنظيم (داعش) المنطقة لأن ثلاثة من أولادي لم يكونوا بصحة جيدة. وبعد العمليات العسكرية مؤخرا فَر العديد من الأسر سيرا على الأقدام متخذين الطرق الخلفية. بعدها هربت مع اثنين من أبنائي واضطررت إلى ترك باقي أبنائي الثلاثة مع جدتهم والأقارب. حيث كانوا يستعدون للهرب بالسيارة. ولم أسمع أي شيء عنهم منذ ذلك الحين. نحن في حاجة ماسة إلى الإمدادات والمساعدات".
وتقوم المنظمة الدولية للهجرة بمساعدة النازحين من الفلوجة، وأغلبيتهم في منطقة العامرية من خلال توزيع ما يقارب 3,600 طرد من حزم المواد غير الغذائية منذ 29 من الشهر الماضي.
وتشمل هذه الطرود الأغطية الصيفية خفيفة الوزن والمناشف والحصير البلاستيكي وصندوق التبريد ومروحة وضوء قابلين لإعادة الشحن وطباخ وعدة النظافة وعدة الإسعافات الأولية وعدة الخياطة.
وتم هذا التوزيع بالتعاون مع السلطات المحلية وقد تم تمويل هذه التوزيعات من قبل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية لمساعدات الكوارث الخارجية، ووزارة الخارجية الأميركية مكتب السكان واللاجئين والهجرة والحكومة الألمانية. ومن المقرر أن تكون هناك توزيعات إضافية لتلبية الإحتياجات الطارئة.
وقد حدَثّ آخر تقرير صادر عن مصفوفة المنظمة الدولية للهجرة لتتبع النزوح في العراق الذي تم نشره الأسبوع الماضي عدد النازحين داخليا في كل أنحاء العراق بحدود 3,306,822 فرداً &(551,137 أسرة) &منذ 1 يناير 2014 وحتى 26 مايو عام 2016.
وتعود الغالبية العظمى للنازحين في الأصل الى محافظتين: الانبار 42٪ (1,396,788 فرداً) ونينوى 35٪ (1,149,492) أما بقية السكان النازحين هم من 8 محافظات من الـ 18محافظة عراقية وأما المحافظات التي استضافت أكبر عدد من النازحين فهي: محافظة الأنبار 17٪ (578,208)، بغداد 16٪ (535,050) ودهوك 12٪ (397,290).
وفي خضم استمرار النزوح، فقد بدأ العديد من العراقيين بالعودة إلى مواقعهم الأصلية حيث إن مجموع 726,336 فردا (121,056 أسرة) قد عادوا اعتبارا من 26 مايو 2016، ما يشير إلى زيادة &في نسبة العودة وقدرها 11٪ (69,558) منذ شهر ابريل الماضي حيث تمت حركة العودة بشكل رئيس إلى محافظة صلاح الدين (303,588 فرداً)، نينوى (129,198) وديالى (130,980) وذلك بفضل تحسن الأوضاع الأمنية هناك. شهدت محافظة الانبار أعلى زيادة للعودة خلال الفترة 28 ابريل- 26 مايو (33,000 فرد). ولوحظت &هذه الزيادة الكبيرة على وجه الخصوص في قضائي الرمادي وهيت، حيث إن السلطات المحلية سهلت حركات العودة الى المناطق التي أعلنت آمنة.
&
وقال رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في العراق توماس لوثر فايس "إن النزوح المتواصل والحالي وخاصة من الفلوجة، يتطلب إهتماماً فورياً. إن المنظمة الدولية للهجرة تستجيب لهذه الاوضاع لكن التمويل والامدادات غير كافية لتقديم المساعدة المرجوة للأعداد الهائلة من النازحين العراقيين. وستواصل المنظمة الدولية للهجرة وبالتعاون مع فريق الأمم المتحدة القطري الشركاء في المجال الإنساني والسلطات الحكومية والجهات المانحة بمساعدة أكبر عدد ممكن من النازحين العراقيين الى أقصى حد من خلال الموارد المتاحة لدينا".
&
ذوو المفقودين يسألون المسؤولين :أين أولادنا؟
تجمع عدد من النازحين الفارين من المعارك في مخيم عامرية الفلوجة الثلاثاء حول عدد من المسؤولين الذين كانوا في جولة تفقدية وتوجهوا اليهم بالسؤال بشكل جماعي "اين هم اولادنا؟".
وناشدت الامهات المسؤولين معرفة مصير فلذات اكبادهن فيما كان رجال يكتبون على الورق اسماء مئات من اقاربهم الذكور الذين بات مصيرهم مجهولا.
وقالت طليعة ذياب التي فرت من بلدة الصقلاوية الواقعة شمال الفلوجة مطلع الشهر الجاري، "زوجي، وثلاثة من ابنائي، وثلاثة من اولاد اخوتي مفقودون". ولم تتمكن من الحصول على معلومات حول مصيرهم منذ اسبوع. واضافت "نسمع ان العديد منهم تعرض للقتل، نريد ان نعرف ما الذي حدث".
وعائلة ذياب واحدة من مئات الاسر التي تتكدس في مخيم عامرية الفلوجة منذ الاسابيع الثلاثة الماضية.
وقد اطلقت القوات العراقية بمساندة التحالف الدولي فجر 23 الشهر الماضي، عملية لاستعادة السيطرة على الفلوجة التي تخضع لسيطرة الجهاديين منذ يناير 2014.
وانتهت المرحلة الاولى من العملية بمشاركة فصائل الحشد الشعبي التي تم تحديد تحركها بفرض طوق واستعادة المناطق المحاذية لمدينة الفلوجة.
وفي حين تزداد اعداد النازحين من المناطق التي يسيطر عليها التنظيم المتشدد، يتضاعف كذلك حجم الادعاءات بارتكاب قوات الامن خصوصا فصائل الحشد الشعبي انتهاكات. وقالت مروة محمد مشيرة الى الفصائل ان "الحشد الطائفي خطف زوجي". واضافت "الميليشيات اخذت كل الرجال، كتائب حزب الله هم من اخذه نعرفهم من راياتهم، لكن فصائل اخرى كانت موجودة ايضا" كما نقلت عنها وكالة الصحافة الفرنسية.
ويقطن الفلوجة والمناطق المجاروة عرب سنة، فيما غالبية الفصائل المشاركة في المعركة من المجموعات الشيعية التي تدعمها طهران.
وادت مشاركتهم في عملية استعادة الفلوجة الى مضاعفة المخاوف ازاء وقوع اعمال انتقامية ضد المدنيين من السكان السنة.
وقال مسؤول من مكتب رئيس الوزراء كان ضمن الوفد الذي تفقد المخيم، "ساقوم بنقل هذه المعلومات، نحن نصغي وننظر الى الحلول". بدوره، قال الناطق باسم وزارة الداخلية العميد سعد معن ان "مجموع الرجال الذين تم حجزهم من مدينة الفلوجة بلغ 600 منذ بداية العملية حتى الان &نحاول التعرف إلى عناصر داعش الفارين".
واضاف معن ان "نحو الف رجل افرج عنهم وسيفرج عن نحو اربعة الاف اخرين قريبا" موضحا ان "التدقيق الامني يجب ان لا يزيد عن سبعة ايام".
كان علينا البقاء&
وبعيدا عن الغبار الذي أحاط بالمسؤولين الزائرين، يجلس الرجال الذين افرج عنهم داخل خيمة ويتبادلون اطراف الحديث حول عمليات التعذيب التي تعرضوا لها من قبل عناصر الحشد الشعبي.
ويقول رجل يرتدي قميصا ازرق اللون عرف عن نفسه باسم "ابو بان" وهو يكشف أن الجروح الظاهرة على رسغيه "لقد رايت بام عيني اكثر من اربعين شخصا يموتون في معتقلات الحشد". واضاف "هذه الجروح ناجمة عن تقيدي اربعة ايام دون طعام وشراب".
بدوره، قال ابو حسين من منطقة الازرقية "لقد ضربونا بالعصي، انظر الى ذراعي، لقد رايتهم يحرقون رجلا كما تشوى الدجاجة".
ويروي كثيرون في المخيم قصصا حول التعذيب من قبل الميليشيات، لكنهم يرفضون الكشف عن اسمائهم كاملة بسبب الخوف.
واجمع كثير من النازحين على اعتبار ان ما تفعله فصائل الحشد الشعبي ينم عن الانتقام لمجزرة سبايكر التي قضى فيها نحو 1700 من الجنود وطلاب الكلية العسكرية في 12 يونيو عام 2014 عندما سيطر تنظيم داعش على تكريت.
وقال ابو عبد الله وهو مدرس (57 عاما) "هربنا من داعش من اجل ان ينقذنا الحشد، لكنهم عاملونا كاننا دواعش". واضاف "لم تتأثر حياتنا كثيرا عندما كنا تحت حكم داعش، لاننا نسكن منطقة ريفية، لدينا مزرعة ونعتاش منها .. نعرف كيف نعيش تحت الحصار". وختم بحسرة "دعني اقول لكم انه كان علينا البقاء هناك".
التعليقات