إيلاف من لندن: إبتدأت الندوة بحديث "فيليبو ديونيجي" الباحث في قضايا اللاجئين السوريين في لبنان والأردن، وهو مؤلف كتاب (حزب الله؛ السيباسة الإسلامية والمجتمع الدولي) عن ملخص المشكلة وبعض جوانبها. ثم تحدثت ميراي جيرار ممثلة مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، عن عمق المشكلة ومختلف أبعادها.

خمسة أعوام مضنية
تحدثت جيرار عن بداية الأزمة عام 2011 وتسببها بما يزيد على 300 ألف ضحية من المدنيين الأبرياء ماتت بسببها، فضلًا عن تدمير البنية التحتية والدمار الإقتصادي، وتحول المنطقة إلى فوضى، أو ما أطلقت عليها "سيطرة أمراء الحرب" ونظام الأسد الدموي، مما دفع بملايين السوريين إلى الهروب نحو مختلف أصقاع الدين بحثًا عن أمان أو وطن أو... 

واعتبرت الأرقام المهولة من اللاجئين أرقامًا كبيرة ومرعبة جدًا لا سابقة لها، وتجعل المجتمع الدولي مضطرًا لتحمل مسؤولياته. وقد قسمت اللاجئين إلى قسمين، منهم من لايزال في داخل سوريا بما يزيد على خمس ملايين لاجئ، ومنهم خارج الحدود بما يزيد على ثمانية ملايين لاجئ. وأضافت أن عدد اللاجئين السوريين المسجلين مع بعثة الأمم المتحدة في لبنان فقط ما يزيد على المليون والنصف مليون، رغم أن الرقم الحقيقي يتجاوز ذلك بكثير، لأن البعض لم يسجل اسمه في البعثة، حسب اعتقاد جيرار.

العلاقة مع الجوار
أضافت ميري أن لبنان كونه قريبًا من سوريا وتربطه علاقات وثيقة بها، فضلًا عن التقارب في اللغة والدين والثقافة، لكنه يواجه مشاكل كبيرة على مختلف الأصعدة، فهو ليس المكان المناسب لأكثر السوريين، لأن الدولة مضطربة ضعيفة الإمكانات، عندها لاجئون كثيرون، خصوصًا اللاجئون الفلسطينيون في مخيماتهم في لبنان. كذلك سيطرة ميليشيات حزب الله، التي لها يد في الأزمة السورية، فضلًا عن الإختلاف العقائدي المذهبي في الصراع، لأن الهاربين من نظام الأسد هم من المذهب السني، بينما ميليشيات حزب الله من المذهب الشيعي التابع لإيران وميليشياتها وأجندتها" بجسب قول جيرار.


الأزمة في لبنان 
الدولة اللبنانية غير قادرة على توفير المستلزمات لهذه الأعداد الكبيرة من اللاجئين السوريين، خصوصًا في قضايا التعليم والصحة والسكن وأبسط المستلزمات، حيث باتت تمثل مشكلة كبيرة وعبئًا ثقيلًا لا يستطيع لبنان تحمله وحده.

بعض المرضى السوريين يحتاجون علاجات ضرورية، لكنها تكلف مبالغ باهظة، مما أدى إلى موت الكثيرين، ولايزال الكثير يعاني منتظرًا علاجاته اليومية الضرورية. أما المشاكل النفسية فحدث ولا حرج، ويكفيك إلقاء نظرة إلى سكنهم في العراء، واستجداء أطفالهم، وتردي صحتهم وشحوب أجسادهم... إن التهافت على الخدمات جعل الهوة بين اللبنانيين والسوريين تكبر يومًا بعد آخر، إضافة إلى مشاكل وصدامات أخرى، مما جعل خطاب الكراهية يرتفع للأسف الشديد.

أضافت "أصبح الصراع السوري في عامه الخامس وفي أشد ما يعانيه المجتمع الدولي لا يوجد ما يلوح في الأفق قريبًا لحل هذه المشكلة العظمى التي لا تماثلها مشكلة في العالم في القرن الحادي والعشرين".

اقتراحات
طالبت جيرار المؤسسات اللبنانية في وضع إطار قانوني يعطي اللاجئين أبسط حقوقهم ومقومات حياتهم وخدماتهم الضرورية وحق العمل. كما طالبت الدول كأميركا والإتحاد الأوروبي بزيادة الدعم المادي والإيفاء بعهودها في المؤتمرات المختلفة، والمنظمات الدولية في ضمان العلاقة بين اللاجئين والمضيفين، وإيجاد استراتيجيات عملية لحل المشاكل الراهنة، وطالبت منظمات المجتمع المدني بالحفاظ على استقلاليتها وابتعادها عن الطائفية وعن تأزيم المشاكل أكثر مما هي عليه. وطالبت أيضًا الجمهور بالتبرع للمنظمات المعروفة بخدماتها الحقيقية ومتابعة معاناة اللاجئين، وتقديم ما يمكنهم تقديمه، فهي محنة المحن لهذا القرن تخاطب الضمير العالمي وتستنجده.