أعلن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة اليوم عن ارتفاع عدد البالغين المرتهنين للمخدرات&ليصل إلى 29 مليونًا للمرة الأولى منذ ست سنوات، بحسب تقريره لعام 2016. وأوضح أنّ تعاطي الهيرويين وما يتصل به من حالات وفاة بتعاطي جرعة زائدة قد ازداد بشدة على مدار العامين المنصرمين في بعض البلدان في أميركا الشمالية وأوروبا الغربية والوسطى.
& &
إيلاف من لندن: أشار مكتب المنظمة الدولية في تقرير الجمعة لمناسبة اليوم العالمي لمواجهة تعاطي المخدرات، وتسلمت "إيلاف" نسخة منه، إلى أن نحو خمسة في المائة من السكان البالغين أو ما يقرب من 250 مليون شخص تتراوح أعمارهم بين 15 و64 عامًا تعاطوا مخدِّرًا واحدا على الأقل في عام 2014.&

وقال إنه برغم ضخامة هذا العدد، إلا أنه لم يشهد زيادة على مدى السنوات الأربع الماضية بالنسبة إلى عدد سكان العالم، غير أن التقرير يشير إلى أنّ عدد الأشخاص المصنّفين بأنهم يعانون من اضطرابات مرتبطة بتعاطي المخدِّرات قد ازداد على نحو غير متناسب للمرة الأولى منذ ست سنوات.&

برامج طويلة المدى
وأشار المكتب إلى أنه الآن هناك ما يزيد على 29 مليونًا ضمن هذه الفئة (مقارنةً بالعدد السابق 27 مليونًا) إضافةً إلى ذلك، هناك حوالى 12 مليونًا يتعاطون المخدرات بالحقن، ومنهم 14 في المائة من المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية المكتسبة. وهكذا فإنَّ أثر تعاطي المخدِّرات من حيث عواقبه الصحية لا يزال مدمّرًا.&

يأتي هذا التقرير بعد وقت قصير من الدورة الاستثنائية للجمعية العامة للأمم المتحدة في أبريل الماضي بشأن مشكلة المخدرات العالمية، وهي لحظة فارقة في السياسات المعنية بالمخدِّرات على الصعيد العالمي، تمخّضت عنها سلسلة من التوصيات العملياتية الملموسة، وهي تتطلع، مجتمعةً، إلى تعزيز سياسات وبرامج معنية بالمخدرات طويلة الأجل ومستدامة ومتوازنة وتنموية المنحى.&

وكما يلاحظ يوري فيدوتوف، المدير التنفيذي للمكتب، فإن تكاتف المجتمع الدولي لكفالة تحقيق الالتزامات التي اُعتمدت في الدورة الاستثنائية لأمر حيوي، وتقرير المخدرات العالمي يوفر أداة مهمة للمساعدة على هذه المهمة.&

وقال "فمن خلال تقديم لمحة شاملة عن أهم التطورات في أسواق المخدرات، ودروب الإتجار والآثار الصحية لتعاطي المخدرات، يسلط تقرير المخدرات العالمي 2016 الضوء على دعم النهج&الشاملة والمتوازنة والمتكاملة والقائمة على حقوق الإنسان على النحو المبين في الوثيقة الختامية التي خرجت عن الدورة الاستثنائية".
&
تزايد الوفيات &&
ولفت التقرير إلى أنه في حين ظلّ عدد الوفيات المتصلة بالمخدرات على نطاق العالم مستقرًا، ما زالت في عام 2014 وفيات، حيث تم الإبلاغ عن 207 آلاف و400 حالة، وهو عدد مرتفع بشكل غير مقبول، وقابل للمنع، إذا ما وُضعت تدابير تدخّل مناسبة.

وقال إنه يبدو أنّ تعاطي الهيرويين وما يتصل به من حالات وفاة بتعاطي جرعة زائدة قد ازداد بشدة على مدار العامين المنصرمين في بعض البلدان في أميركا الشمالية وأوروبا الغربية والوسطى.&

وأشار فيدوتوف، مسلطًا الضوء على أهمية ذلك، إلى أنه برغم كون التحديات التي تفرضها المؤثرات العقلية الجديدة لا تزال مثار قلق كبير "فما فتئ الهيرويين المخدر يقتل أكبر عدد من الناس، ولا بدّ من التصدّي لانتعاشه من جديد على وجه السرعة". وعلى وجه العموم، لا تزال المواد الأفيونية تشكل أكبر ضرر ممكن وعواقب صحية من بين العقاقير الرئيسة.

القنّب الأكثر انتشارًا
ويوضح المكتب أنه في الوقت نفسه، لا يزال القنّب أكثر المخدرات تعاطيًا وانتشارًا على مستوى العالم، إذ ُيقدَّر أنَّ 183 مليون شخص تعاطوا المخدِّر في عام 2014. فبتحليل الاتجاهات على مدى سنوات عدة، يبيّن التقرير ارتفاع تعاطي القنب، بالتوازي مع زيادة القبول به، وذلك مع تغيّر المعايير الاجتماعية تجاه القنّب - وغالبًا في الغرب. وفي العديد من المناطق، دخل عدد أكبر من الناس للعلاج من الاضطرابات الناجمة من تعاطي القنب على مدى العقد الماضي.

التقرير يتضمن أيضًا نتائج جديدة متعلقة بمتعاطي المخدرات بالحقن. فهو ينظر، على سبيل المثال، في الصلة ما بين تعاطي المنشطات (ومنها المؤثرات العقلية الجديدة التي لا تخضع للرقابة الدولية) والانخراط في سلوكيات الحقن والسلوكيات الجنسية المحفوفة بالمخاطر، والتي يمكن أن ترفع من خطر الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية المكتسبة.&

تزايد التعاطي في السجون
كما تشير النتائج الإضافية لتقرير مكتب الامم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة إلى مستويات عالية من تعاطي المخدرات في السجون، بما في ذلك تعاطي المواد الأفيونية وتعاطي المخدرات بالحقن. لذلك تبقى السجون عالية المخاطر من حيث الأمراض المعدية، وبوسع انتشار فيروس نقص المناعة البشرية المكتسبة والتهاب الكبد والسلّ بين الأشخاص المحتجزين في السجون أن يكون أعلى بكثير مما هو عليه لدى عامة السكان. وكذلك لا يزال خطر تعاطي جرعة زائدة عاليًا بين السجناء السابقين، وخصوصًا بعد وقت قصير من إطلاق سراحهم من السجون.

ويلاحظ التقرير أنَّ احتمال تعاطي القَّنب أو الكوكايين أو المواد الأمفيتامينية أكبر بثلاثة أضعاف لدى الرجل منها لدى المرأة، في حين أنَّ احتمال استعمال شبائه الأفيون والمهدئات للأغراض غير الطبية أكبر لدى المرأة منه لدى الرجل.&

تعزى التفاوتات بين الجنسين إلى فرص تعاطي المخدِّرات في البيئة الاجتماعية، وليس إلى نوع الجنس كعنصر باتّ في تعاطي المخدِّرات. ورغم تعاطي الرجال للمخدرات أكثر من النساء، إلا أن أثر تعاطي المخدرات أكبر على النساء منه على الرجال، لأنه لا تتاح للنساء سبل الوصول إلى سلسلة الرعاية الكاملة بشأن تعاطي المخدرات. وفي إطار الأسرة، تزداد احتمالية وقوع شريكات متعاطي المخدرات وأطفالهم ضحايا للعنف المتصل بالمخدرات.

الفقراء الأعلى عددًا
وبما أنّ عام 2016 هو السنة الأولى لاعتماد أهداف التنمية المستدامة الجديدة، يركز التقرير بشكل خاص على مشكلة المخدرات العالمية في هذا السياق. ولدى تحليل هذه الروابط قٌسِّمت الأهداف إلى خمسة مجالات رئيسة هي: التنمية الاجتماعية؛ والتنمية الاقتصادية؛ والاستدامة البيئية ومجتمعات مسالمة وعادلة وشاملة للجميع؛ والشراكات.

يسلّط التقرير الضوء على الصلة القوية ما بين الفقر والعديد من جوانب مشكلة المخدرات، ففي الواقع الفقراء هم الذين يتحملون وطأة مشكلة تعاطي المخدِّرات بالنسبة إلى المجتمعات التي يعيشون فيها، كما يمكن ملاحظته بصورة صارخة في البلدان الأكثر ثراء.&

وبالوسع رؤية الصلة القوية ما بين الحرمان الاجتماعي والاقتصادي وبين الاضطرابات الناجمة من تعاطي المخدرات عند تحليل الجوانب المختلفة للتهميش والإقصاء الاجتماعي، مثل البطالة وتدني مستويات التعليم.

ويوضح التقرير الطرق المتنوعة التي تتمخض فيها عن مشكلة المخدرات العالمية مظاهر عنف مختلفة. ففي حين تبلغ شدة العنف المتصل بالمخدِّرات أقصى درجاته عندما ترتبط بالإتجار بالمخدِّرات وبإنتاجها، إلا أن الإتجار بالمخدِّرات وإنتاجها لا يؤديان بالضرورة إلى العنف، كما يتضح من انخفاض مستويات جرائم القتل في بلدان العبور المتضررة من دروب الإتجار بالمواد الأفيونية في آسيا. وبصفة عامة، تزدهر تجارة المخدِّرات حيثما يكون وجود الدولة ضعيفًا، وحيثما تُطبّق سيادة القانون بشكل متفاوت، وحيثما توجد فرص للفساد.

تأثير منظومة العدالة الجنائية
ويحلل التقرير تأثير منظومة العدالة الجنائية على الإتجار غير المشروع بالمخدرات وعلى أسواق المخدرات، ناهيك عن تعاطي المخدرات ومتعاطيها. فهو يلاحظ على سبيل المثال أنه على الصعيد العالمي 30 في المائة من نزلاء السجون يتكونون من سجناء لم يصدر حكم بحقهم أو محبوسين احتياطيًا. ومن بين السجناء المدانين، ثمّة 18 في المائة منهم في السجن بسبب جرائم متصلة بالمخدرات.&

ويؤكد تقرير مكتب المخدرات أن الإفراط في استخدام عقوبة السَّجن في ما يخص الجرائم البسيطة المتصلة بالمخدِّرات غير فعَّال في الحد من حالات معاودة الإجرام، كما يلقي على كاهل نظم العدالة الجنائية أعباء مفرطة، إذ يحول دون تصديها بشكل فعَّال لجرائم أشد خطورة. وقد َتبَّين أنَّ تزويد مرتكبي جُرم تعاطي المخدِّرات بخدمات علاج ورعاية قائمة على أدلة علمية، كبديل من السَّجن، يعزز فرص التعافي ويقلل حالات الانتكاس بدرجة كبيرة.
&
&
&