هافانا: في خضم الاعلان المدوي عن التقارب بين الولايات المتحدة وكوبا اواخر 2014، بدأ البلدان عملية كبيرة لتطبيع علاقاتهما.

اعاد العدوان السابقان ابان الحرب الباردة، علاقاتهما الدبلوماسية رسميا في تموز/يوليو 2015، مسجلين بذلك بعض التقدم، لكنهما لم يتوصلا الى الاتفاق على الملفات الشائكة.

الملف الدبلوماسي

كانت الزيارة التاريخية للرئيس باراك اوباما الى كوبا في اذار/مارس الماضي ذروة هذا التقارب. واصبح اول رئيس اميركي يطأ اثناء ولايته الارض الكوبية منذ ثورة كاسترو.

وفي خطاب بثه التلفزيون الكوبي، دعا الكوبيين الى دفن آخر مظاهر الحرب الباردة، ودافع عن الحريات في هذا البلد الشيوعي.

ومنذ نهاية 2014، بدأ مسؤولون من البلدين مفاوضات تشمل عددا كبيرا من المجالات: حقوق الانسان والاتصالات ومكافحة الاتجار بالمخدرات وحماية البيئة وادارة المجال البحري المشترك.

لكن التقدم ما زال قليلا، على رغم عقد حوالى 100 اجتماع منذ 2015. ومن ابرز مظاهر التقدم، استئناف المبادلات البريدية المباشرة، وعودة السائحين الاميركيين الى الجزيرة، وابرام اتفاق على استئناف الرحلات الجوية المنتظمة بين البلدين، على ان يبدأ فعليا في ايلول/سبتمبر او تشرين الاول/اكتوبر.

الملف التجاري

وفي خضم الاعلان عن التقارب، تدفق ديبلوماسيون ومسؤولون ومستثمرون اميركيون الى الجزيرة، حرصا منهم على ما يبدو على ألا يتخلفوا عن دخول هذه السوق التي انقطعت فترة طويلة عن العالم الغربي.

لكن التجارة الثنائية ما زالت محدودة، وما زال الحظر الاميركي المفروض منذ 1962، يعرقل الاستثمار الاجنبي والمبادرات الضرورية للانفتاح الاقتصادي الذي بدأه راوول كاسترو في السنوات الاخيرة.

وقد رفع عدد من القيود التجارية المفروضة على الجزيرة (اتصالات وتحويلات مالية وزراعة)، بمبادرة من البيت الابيض، لكن الالغاء الشامل للحظر لا يمكن ان يقرره إلا الكونغرس الذي لا تزال اكثريته الجمهورية تعارض التقارب مع هافانا.

وتمكنت مؤسسات مثل نتفليكس واير.بي.ان.بي من توسيع نشاطاتها في الجزيرة هذه السنة عبر السماح فقط بالدفع ببطاقات اعتماد صادرة عن مصارف اجنبية.

ودشنت شبكة ستاروود الفندقية اواخر حزيران/يونيو فندقا في هافانا، فبدأت بذلك عودة شركة اميركية متعددة الجنسيات الى كوبا للمرة الاولى منذ ثورة كاسترو 1959. وستفتح المجموعة فندقا آخر قريبا في العاصمة الكوبية ايضا.

الملف السياحي

وما زال السائحون الاميركيون لا يستطيعون التوجه بصورة فردية الى الجزيرة، لكن ادارة اوباما خففت القيود للرحلات من اجل اهداف تربوية وثقافية ورياضية او دينية خصوصا.

وتوجه حوالى 100 الف اميركي الى كوبا في الاشهر الاربعة الاولى من 2016، فضاعفوا بذلك مرتين عدد السائحين في الفترة نفسها من 2015.

خلافات

في 29 ايار/مايو 2015، سحبت الولايات المتحدة كوبا من لائحتها السوداء "للدول الداعمة الارهاب"، ففتحت بذلك الطريق لاستئناف علاقاتهما الدبلوماسية بعد شهرين. لكن التطبيع الشامل للعلاقات ما زال رهنا بالتوصل الى ايجاد حل لعدد كبير من الخلافات المستمرة.

وبالاضافة الى رفع الحظر، تربط كوبا ايضا التطبيع الكامل لعلاقاتها مع واشنطن باستعادة قاعدة غوانتانامو التي تحتلها الولايات المتحدة منذ 1903. واستبعد باراك اوباما التخلي عن هذه القاعدة البحرية الواقعة شرق الجزيرة.

وتعتبر مسألة التعويضات بالغة الاهمية ايضا. فالولايات المتحدة تطالب كوبا ب 10 مليارات دولار عن مصادرة املاك مؤسسات اميركية بعد ثورة 1959، فيما تطالب هافانا ب 300 مليار دولار اميركي تعويضا عن الاضرار الناجمة عن الحظر.

واخيرا، تطالب هافانا بالغاء قانون تصحيح الاوضاع الذي يستفيد منه الكوبيون منذ 1966 وينص على منح الكوبيين المهاجرين الى الولايات المتحدة، عددا كبيرا من الامتيازات التي تجعل السفر اليها جذابا ويشجع الهجرة السرية، عبر البحر او بلدان اخرى للاكثر حظا.