قدرت منظمة "عالم النساء" وجود 48 ألف امرأة مختونة في ألمانيا، و9300 فتاة صغيرة مهددة بهذا النوع من "التشويه المتعمد" المحظور في أوروبا.

إيلاف من برلين: وفد إلى ألمانيا في العام المنصرم فقط أكثر من مليون و100 ألف لاجئ جديد، وأدى هذا التدفق من بلدان أفريقيا والشرق الأوسط إلى زيادة أعداد النساء اللواتي تعرّضن للختان في بلدانهن، أو تم ختانهن في ألمانيا.&

اعتمادًا على إحصائيات ودراسات منظمة الصحة العالمية، قدرت منظمة "عالم النساء" أن عدد المختونات في ألمانيا قفز من 18 ألفًا في العام 2000 إلى 30 ألفًا في العام 2005، ومن ثم إلى 48 ألفًا في العام 2015.

المقلق هو عدد الفتيات الصغيرات المعرّضات للختان، بحكم العادات والتقاليد البالية في بلدانهن الأصلية، الذي يرتفع إلى 9300 فتاة، بحسب تقدير المنظمة. وكان هذا الرقم يقدر في العام 2006 بنحو5 - 6 آلاف طفلة.

يعود هذا الارتفاع إلى تدفق عدد كبير من اللاجئين من بلدان أفريقيا، التي يمارس بعض سكانها طقوس ختان الإناث، وخصوصًا في القارة الأفريقية في مصر والصومال وأرتيريا ومالي والسودان وتشاد. وعادة تستدرج العائلة الطفلة إلى الوطن الأصلي من ألمانيا، بذريعة زيارة بقية الأهل، ليجري ختانهن هناك بعيدًا عن الحظر والرقابة المفروضة في ألمانيا.

عيادة لرعاية المختونات
في البلدان التي تتوارث فيها بعض القبائل تقاليد ختان البنات، يتولى الأطباء بنسبة 52.7% هذه العمليات، وتمارس النسبة الأخرى طبيبات شعبيات ومولدات غير مرخصات ونساء مسنات من أفراد العائلة.&

وهذا، من وجهة نظر"عالم المرأة" سبب حالات الوفيات والنزف الحاد وكثرة الالتهابات والتشوهات في هذه الممارسات. يضاف إلى ذلك الكثير من التعقيدات عند الحمل والولادة ومعالجة الأمراض النسائية المختلفة، وآلام الحيض الشديدة ومختلف الالتهابات. وسبق لمحكمة هامبورغ أن حكمت على طبيب مصري كان يمارس ختان البنات في ألمانيا سرًا في عيادته بالسجن والغرامات وسحب الإجازة الطبية.

وتم في العاصمة برلين، قبل خمس سنوات، تأسيس أول مركز لإعادة تأهيل المختونات جراحيًا ونفسيًا في العالم. تحمل العيادة اسم" زهرة الصحراء"، وتعالج مئات النساء سنويًا، لكن أعداد "الصامتات" أكبر بكثير بالطبع. وتقول الطبيبة كورنيلا شترونس، من عيادة "زهرة الصحراء" إن المركز يتلقى اتصالات لا حصر لها يوميًا، من المانيات يعملن كراعيات للنساء في معسكرات اللاجئين، ويطلبن معالجة النساء من الصومال وأرتيريا وغيرهما في العيادة.

تتولى العيادة إجراء عمليات تجميلية معقدة لنساء يطلبن إزالة التشوهات التي لحقت بهن جراء الختان. وتجري العمليات عادة لتخفيف آلام الحيض، وتسهيل انحصار الإدرار، أو إزالة سبب التهابات مستمرة. وتتولى الدائرة الاجتماعية كلفة العمليات، أو يجري تمويلها من المنظمات الإنسانية المهتمة بحقوق المرأة.

جدار الصمت
أطلقت منظمة "عالم المرأة" حملة أوروبية باسم "تشينج+"، امتدت إلى البلدان الأفريقية، هدفها تنوير الفتيات الصغيرات وعوائلهن ببشاعة الختان. ويقول الدكتور فيرنر فالدفريده، الذي عمل كطبيب نسائي لسنوات في أرتيريا، إن الأهالي هناك صاروا يختنون البنات، وهنّ رضيعات كي يتجنبوا مشكلة أن يقوم أحد بتنوير البنات ضد الختان.

ويؤكد فالدفريده أن الختان يجري سرًا في ألمانيا، في عيادت تفتح أبوابها خلسة في نهاية الأسبوع، وأن كل الأطباء يعرفون بذلك، لكن هناك "جدار صمت" لا يستطيع أحد اختراقه. هناك صمت الضحايا، وصمت ذويهم، وصمت الأطباء.

تحدث الطبيب تحديدًا عن"مبانٍ غير مكتملة" تتحول إلى صالات جراحية صغيرة لممارسة ختان البنات في ألمانيا في نهاية الأسبوع. وأضاف أن الصمت عمّا يجري لا يعني أنه لم يحصل، وأن عمليات الختان تجري في ألمانيا. وهنا يتكتم الأطفال أيضًا لحماية ذويهم، ويتكتم الأهالي لحماية الطبيب، وهكذا دواليك.

وفي النمسا كذلك
تستقبل النمسا أعدادًا من اللاجئين أقل بكثير مما تستقبله ألمانيا، لكن مشكلة ختان النساء لا تختلف. وهناك نحو 14700 امرأة مختونة في النمسا، بحسب تقدير دائرة الصحة المركزية هناك.

لاتتوافر شهادات أطباء في ألمانيا عن النساء المختونات، لكنّ استطلاعًا للرأي بين أطباء الأمراض النسائية النمساويين، أجرته وزارة الصحة هناك، يكشف أن 8 من كل 10 أطباء متخصصين في الأمراض النسائية والتوليد لاحظوا هذه الظاهرة (الختان) مرة واحدة في الأقل عند فحصهم للنساء.

وتعتقد ناديا بيسانغ، من منظمة كاريتاس الكنسية الخيرية، أن نسبة المختونات في النمسا لا تختلف عن نسبتهن في البلد الأصلي. ويعود سبب ذلك برأيها إلى أن ختان النساء في البلدان الأفريقية لا يمارسه الجميع، وإنما فئات معينة من السكان.

وتتحدث مصادر الأمم المتحدة عن 140 مليون امرأة تم ختانها على المستوى العالمي. وهناك طرق عدة للختان، تختلف حسب المناطق والتقاليد، ويعتبر الختان الفرعوني من أسوأها، لأنه يؤدي إلى تشويه كامل وتشويه المهبل ومنفذ الإدرار.

&