رأى دونالد ترامب أن على المرأة المتحرَّش بها جنسيًا ان تجد وظيفة أخرى، من دون أي إشارة إلى عقاب المتحرِّش، فيما كانت ابنته إيفانكا صريحة في أن التحرش جريمة لا تغتفر، خصوصًا إذا حصلت في مكان العمل.

واشنطن: حين سُئل دونالد ترامب عن رأيه إذا تعرضت ابنته إيفانكا لمضايقات جنسية من مديرها، أجاب: "في هذه الحالة، عليها أن تجد وظيفة أخرى أو شركة أخرى".

بكلمات أخرى، ترى ايمي ديفيدسون، كاتبة مقالة رأي في مجلة نيويوركر، أن ترامب يرى أن على ابنته الضحية أن تترك عملها، ويبقى الذي تحرش بها في منصبه. كان هذا حل ترامب لقضية يُفترض أن تُعالج بإحالة المتحرش إلى القضاء.

لا يغتفر

وحين سُئلت إيفانكا في مقابلة صحافية عن التحرش الجنسي، اجابت: "إن التحرش عامةً، سواء أكان تحرشًا جنسيًا أو من أي نوع آخر، شيء لا يمكن قبوله أو الصفح عنه، وبجب الإبلاغ عنه إن وجد، والتعامل معه بجدية على مستوى الشركة بحال وقوعه في مكان العمل".

لم تتطرق إيفانكا إلى موقف والدها الذي يرى انها إذا تعرضت لمضايقات جنسية يجب أن تترك وظيفتها، حتى لو كانت الوظيفة التي كانت تحلم بها، أو مصدر رزقها الوحيد. وبدلًا من التعليق على هذا الموقف، كرست إيفانكا حديثها للدفاع عن والدها، وكيف هو مدير من الطراز الأول. وقالت إن في قسم الموارد البشرية في "مجموعة ترامب" فريقًا مختصًا للتعامل مع قضايا التحرش الجنسي إذا حدثت.

حين انتقل الحديث إلى السياسة، قالت إن والدها "نصير من لا صوت لهم، وهو يأخذ المسؤولية مأخذ الجد بدرجة كبيرة، وهذا ما رأيته فيه طوال حياتي".

وتلاحظ ديفيدسون أن أي إشارة لم تصدر عن إيفانكا في اجاباتها المتحفظة إلى انه ربما تكون هناك امرأة تعمل في مكتب مديره استغلالي، لا تأتي من عائلة متنفذة معروفة وليس لديها من يدافع عنها ولا حتى قسم الموارد البشرية في مجموعة ترامب.

كالفساتين!

أتى الحديث عن التحرش الجنسي لأن ترامب دافع عن رئيس قناة فوكس نيوز التنفيذي روجر ايليس الذي أُقيل بتهمة التحرش الجنسي، وشكك في صدقية النساء اللواتي شكون تصرفاته.

ليس جائزًا أن تكون إيفانكا غافلة عن دلالات ما قاله والدها في هذا الشأن، لا سيما وأنها كانت الضحية الافتراضية للتحرش الجنسي حين سُئل والدها عن موقفه إذا وقعت ابنته ضحية تحرش جنسي. كما اورد اخوها إريك اسمها كمثال في مقابلة مع شبكة سي بي أس نيوز، إذ قال إن اخته ستُبلغ عن الحادث اذا تعرضت إلى تحرش جنسي، لكنه اضاف: "لن تسمح لنفسها بالتعرض لمثل هذا التحرش، فهي امرأة قوية وصاحبة سطوة".

والسطوة في عرف آل ترامب، بحسب ما تعرّفه ديفيدسون في رأيها المنشور في مجلة نيويوركر، صفة شخصية لا ظرفًا يمكن أن يولد فيه شخص محظوظ، فيما تسكت المرأة الضعيفة عمن يتحرش بها كما تتحمل الضيم الذي تعيشه في حياتها.

حين سألت صحيفة واشنطن بوست ترامب مرة أخرى عن نصيحته لابنته ايفانكا، أجاب: "أستغرب أن يتحدث الناس عن ذلك. فأنا أُريدها أن تفعل ما يرضيها". ولاحظت ديفيدسون أن دونالد تحدث وكأن الوظيفة أو المهنة فستان تستبدله ابنته متى يحلو لها، في فعل شخصي لا يمت بصلة إلى الآثار المالية المترتبة على البحث عن وظيفة أخرى.

الجو العدائي المقبول

وبحسب ديفيدسون، أراد ترامب أن يوضح جليًا انه رجل متفهم، يدرك أن النساء الأخريات ليس لديهن آباء ذوو ثروة وسطوة مثل ابنته ايفانكا. لكن مفاد رسالته أن على المرأة التي تشكو التحرش الجنسي أن تبحث عن وظيفة جديدة إذا كانت تريد أن تعيش حياة طيبة، ولا يمكنها قطعًا أن تتوقع راحة من التحرش في مكتبها القديم.

قال ترامب: "اعتقد أن الأمر يعتمد على الشخص، وعلى ما هو متاح ايضًا. فربما يكون هناك بديل أفضل وربما لا يكون. وإذا لم يكن هناك بديل أفضل ففي الامكان الابلاغ عما حدث. لكن من الجائز أن يكون هناك بديل أفضل حيث تنال المرأة معاملة أفضل. إلا أن البعض لا يريد البقاء في جو مشحون بمثل هذا العداء".

وتختم ديفيدسون مقالتها في نيويوركر بالقول لعل هذا هو السبب في أن قادةً جمهوريين كانوا مسؤولين عن فوز ترامب بترشيح الحزب للرئاسة يأملون بعد بأن يختفي عن الانظار، أو أن يشهدوا يوم الانتخاب من دون الاقتراب منه. لكن، في هذه الحالة، يبدو أن ترامب لا يعترض على البقاء في جو مشحون بالعداء.

أعدت "إيلاف" هذه المقالة عن "مجلة نيويوركر" .