«إيلاف» من دبي: «في تاريخ الأمم وذاكرة الشعوب شخصيات ورموز خالدة أحدثت تحولات كبرى في مسيرة بلادها، ولم تثنها التحديات والعقبات عن بلوغ أهدافها الوطنية من أجل تحقيق حياة أفضل لشعوبها. وفي تاريخنا المعاصر، تظل القيم السامية والمبادئ الإنسانية التي حملها الراحلان الكبيران غاندي وزايد مصدر إلهام للأجيال المتعاقبة، لنشر المحبة والسلام والوئام بين الشعوب، وبث روح الطموح والأمل بمستقبل أكثر إشراقًا». هذه هي الكلمات التي دونها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في سجل كبار الزوار بضريح الزعيم الهندي الراحل المهاتما غاندي، إذ حل الضيف الرئيسي في احتفالات الهند بيوم الجمهورية الثامن والستين.

محمد بن زايد يزور ضريح المهاتما غاندي

&

شراكة استراتيجية

ولا شك في أن زيارة الشيخ محمد بن زايد إلى الهند تمثل خطوة كبيرة في مسيرة تعزيز الشراكة القائمة بين الإمارات وهذا البلد الغني. وبحسب المقالة الافتتاحية في "آخر ساعة" تحت عنوان "الإمارات والهند ..شراكة استراتيجية شاملة"، أضفت هذه الزيارة بعدًا آخر على طبيعة العلاقات الإماراتية – الهندية، من شأنه أن يعطي دفعة قوية للشراكة الاستراتيجية بين البلدين وفتحت الباب أمام هذه العلاقات لتشهد تحولات إيجابية كبرى في السنوات المقبلة.

وأضافت هذه النشرة الصادرة عن مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية أن محمد بن زايد عبر عن تفاؤله الكبير بمستقبل تلك العلاقات بقوله إن العلاقات بين الإمارات والهند تملك من المقومات ما يؤهلها لتكون من أهم العلاقات الثنائية في المنطقة والعالم وأقواها وأكثرها نموًا وتطورًا، فدولة الإمارات هي اليوم ثالث أكبر شريك تجاري للهند بعد الصين والولايات المتحدة، وهي شراكة مرجحة للتطور والازدهار وفق جهود الطرفين.

وبحسب التقرير، وصل حجم التجارة بين البلدين في العام الماضي إلى 59 مليار دولار، أما إجمالي الاستثمارات الإماراتية في الهند فيصل إلى 10 مليارات دولار، كما وصل عدد اتفاقيات التعاون ومذكرات التفاهم بين البلدين إلى 38 اتفاقية، فضلًا عن أن الجالية الهندية في الإمارات هي أكبر جالية أجنبية بعدد 2,6 مليون هندي، وتبلغ تحويلاتها المالية نحو 13,6 مليار دولار سنويًا.

أما الزيارة بذاتها فأتت تتويجًا لهذه العلاقات الثرية، فتم توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، وعدد من مذكرات التفاهم الجديدة، ذلك أن القيادة الإماراتية ترى في تطوير علاقاتها بالهند على صعيد استراتيجي "مكسبًا مشتركًا ومهمًا".

محمد بن زايد وبراناب موخرجي وناريندرا مودي خلال الإحتفال

&

استقبال حافل

استقبلت الهند الشيخ محمد بن زايد بمراسم استقبال رسمية في القصر الرئاسي "راشترابتي بهافان" بالعاصمة الهندية نيودلهي، حيث كان في استقباله براناب موخرجي، رئيس جمهورية الهند، وناريندرا مودي، رئيس الوزراء، وكبار المسؤولين الهنود.

والتقى الشيخ محمد بن زايد الرئيس موخرجي بقصر الرئاسة، ونقل صاحب له خلال اللقاء تحيات وتهاني الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات في المناسبة، وتمنياته للشعب الهندي المزيد من التقدم والازدهار، مؤكدًا أن الإمارات تولي علاقاتها بالهند وشعبها الصديق عناية خاصة، وما تحمله هذه العلاقات من منافع متبادلة وتعاون وثيق في القضايا التي تهم الجانبين.

ورحب الرئيس الهندي بالشيخ محمد بن زايد والوفد المرافق، متمنيًا لهذه الزيارة أن تعزز علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين والشعبين الصديقين، وأن تدفع بها إلى مزيد من التقدم والتطور في المجالات كافة، وحمّل الشيخ محمد بن زايد تحياته للشيخ خليفة بن زايد، وتمنياته لدولة الإمارات وشعبها المزيد من التنمية والرفعة والتقدم.

جرى خلال اللقاء استعراض علاقات الصداقة والتعاون القائمة بين البلدين الصديقين، وسبل تعزيزها وتطويرها، ومجمل الأحداث والتطورات على الساحتين الإقليمية والدولية، وتبادل وجهات النظر في عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك.

وعقد الشيخ محمد بن زايد مباحثات رسمية مع ناريندرا مودي، رئيس وزراء الهند، تناولا فيها سبل تعزيز علاقات التعاون، إضافة إلى البحث في عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. ورحب مودي بالشيخ محمد بن زايد والوفد المرافق له في بداية المباحثات في حيدر آباد هاوس، مقر رئاسة الوزراء في نيودلهي، مشيدًا بالعلاقات الثنائية المتميزة، وحرص البلدين على تنمية وتطوير التعاون الثنائي بما يخدم مصالح الشعبين الصديقين.

وقدم الشيخ محمد بن زايد الشكر والتقدير للحكومة الهندية ولمودي على ما لقيه من حفاوة بالغة وحسن استقبال وكرم ضيافة، كما قدم التهاني لحكومة الهند وشعبها بمناسبة احتفالاتها بيوم الجمهورية الثامن والستين، ناقلًا تحيات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، تمنياتهما للشعب الهندي دوام التقدم والازدهار.

وثمّن رئيس الوزراء الهندي هذه المشاعر، وحمّل الشيخ محمد بن زايد خلال اللقاء تحياته إلى رئيس دولة الإمارات، والشيخ محمد بن راشد وتمنياته لهما بموفور الصحة والعافية، ولشعب الإمارات مزيدًا من النمو والتطور.

محمد بن زايد والرئيس الهندي خلال المباحثات بحضور المسؤولين

&

علاقات وطيدة

في لقائه بمودي، قال الشيخ محمد بن زايد: "نلمس حرصًا بالغًا من الجانبين على تقوية العلاقات الثنائية وتوسيعها، ودفعها إلى الأمام بخطوات متسارعة، وهو ما يزيد من ثقتنا بقدرتنا على بناء شراكة استراتيجية حقيقية لمصلحة الأجيال الحالية والمستقبلية، من منطلق القناعة الكاملة بأن العلاقات الإماراتية-الهندية تمتلك من المقومات ما يؤهلها لكي تكون من أهم وأقوى العلاقات الثنائية في المنطقة والعالم، وأكثرها نموًا وتطورًا".

وبحثا العلاقات القائمة بين البلدين في مختلف جوانبها والسبل الكفيلة بتطويرها بما يواكب حرص الجانبين وسعيهما لتنميتها على الصعد كافة، والقضايا الإقليمية والدولية والتطورات الراهنة التي تشهدها المنطقة وفي مقدمها الإرهاب والعنف وغيرها من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وأكدا في ختام المباحثات أن العلاقات بين البلدين تشهد تطورًا مهمًا على مسار العلاقات الاستراتيجية، والحرص المشترك على توفير كل ما من شأنه دفعها إلى الأمام، والاعتزاز بما يربط البلدين من علاقات قوية ومتينة وتاريخية.

كما أكدا أن الإمارات والهند تشتركان في العمل من أجل السلام والاستقرار في المنطقة والعالم، وحل النزاعات والصراعات بالطرق السلمية، والتصدي الحازم لقوى التطرف والإرهاب والعمل على خلق بيئة إقليمية وعالمية آمنة ومستقرة، بما يدعم التنمية لمصلحة حاضر الشعوب ومستقبلها في العالم كله.

محمد بن زايد محاطاً بالمسؤولين الهنود

&