إسلام آباد: لقي وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون استقبالا باردا في باكستان الثلاثاء ردا على انتقادات واشنطن لاسلام اباد بتوفير "ملاذات آمنة" لمقاتلي حركة طالبان.

واستقبل مسؤول من القيادات الوسطى في الخارجية الباكستانية والسفير الاميركي في اسلام اباد ديفيد هايل تيلرسون في مطار عسكري في مدينة راولبندي، حسب ما شاهد مصور في وكالة فرانس برس، ولم يتخلل الاستقبال المراسم التي كانت تميز مثل هذه الزيارات الاميركية المهمة.

وتوجه بعدها تيلرسون في موكب من سيارات الدفع الرباعي وسط حراسة امنية مشددة الى السفارة الاميركية في اسلام اباد. 

والتقى تيلرسون، أول مسؤول كبير في ادارة الرئيس دونالد ترامب يزور باكستان، بعد ظهر الثلاثاء رئيس الوزراء شاهد خاقان عباسي وقائد الجيش الجنرال قمر جاويد بجوا، وكبار المسؤولين في باكستان.

وابلغ تيلرسون عباسي أن باكستان "مهمة للغاية" للأمن الاقليمي، فيما كانا يتصافحان قبل بدء اجتماعهما.

ورد عباسي قائلا "نحن ملتزمون الحرب ضد الارهاب. لقد اظهرنا نتائج. ونتطلع للتقدم مع الولايات المتحدة وبناء علاقة مهمة". 

ولم يعرف كم استغرقت هذه الاجتماعات، لكن الوزير الاميركي غادر باكستان متوجها الى الهند مساء الثلاثاء بعد أقل من اربع ساعات على وصوله.

وتأتي زيارة تيلرسون وسط توتر دبلوماسي بين البلدين بعدما اتهم ترامب في أغسطس الماضي اسلام اباد "بإيواء مجرمين وإرهابيين" يزعزعون أمن أفغانستان المجاورة.

وقام تيلرسون الاثنين بزيارة مفاجئة استغرقت بضع ساعات الى افغانستان حيث التقى الرئيس اشرف غني في قاعدة باغرام الجوية الاميركية.

وبحث المسؤولان استراتيجية واشنطن الجديدة في افغانستان التي تشمل تعزيزات من حوالى 3000 عنصر للقوات الاميركية المنتشرة في البلاد وعديدها 11 الف جندي، لتدريب القوات الافغانية في إطار مكافحة الارهاب.

توتر حاد

تشهد أفغانستان توترا حادا مؤخرا بعد احد أكثر الأسابيع دموية تخلله مقتل 200 شخص نتيجة سبع هجمات استهدفت مسجدا في كابول ومؤسسات أمنية في أنحاء البلاد.

وتفادى تيلرسون التوجه الى كابول التي تعرضت قبيل زيارته لعدد من الصواريخ اطلقتها حركة طالبان في اتجاه المقر العام للقوات الاميركية والحلف الاطلسي من دون اصابته.

واكد تيلرسون ان باكستان تلقت "طلبات محددة جدا" للحد من الدعم الذي يصدر من أراضيها إلى طالبان ومجموعات مسلحة اخرى. وقال "نريد العمل بشكل وثيق مع باكستان لإشاعة مناخ أكثر استقرارا وأمنا". 

لكن ذلك يعني بالنسبة الى الاميركيين "التزاما مشروطا"، على ما ذكّر وزير الخارجية الذي أوضح ان على اسلام اباد "التحلي برؤية واضحة للوضع من حيث عدد المنظمات الإرهابية التي تجد لنفسها ملاذا آمنا داخل" البلاد. 

وتنفي باكستان دائما الاتهامات الاميركية وتبادلها باتهام واشنطن باللامبالاة ازاء الاف القتلى المدنيين الباكستانيين في حملتها لمكافحة الارهاب.

وشهدت العلاقة الثنائية توترا حادا منذ اعطاء الرئيس الاميركي السابق باراك اوباما الضوء الأخضر عام 2011 لعملية قتل اسامة بن لادن في ابوت اباد، المدينة الثكنة قرب اسلام اباد.

محاولة ارضاء واشنطن

في مطلع اكتوبر المح وزير الدفاع الاميركي جيم ماتيس الى احتمال فرض عقوبات مالية على باكستان متحدثا عن "جهود جارية في وزارتي الخارجية والخزانة" بهذا الاتجاه.

كما لوح بامكانية خسارة اسلام اباد وضعها كحليفة للولايات المتحدة خارج الحلف الاطلسي. وهذا الوضع الذي تستفيد منه 16 دولة، يسمح لباكستان بالحصول على مساعدات بمليارات الدولارات وبعض التكنولوجيا العسكرية الاميركية المتطورة.

لكن المحلل السياسي زاهد حسين أبدى اعتقاده أن لدى اسلام اباد القليل لتفعله حاليا لاقناع الولايات المتحدة بانها منعت المسلحين من استخدام اراضيها لاستهداف القوات في افغانستان.

وقال لفرانس برس "اعتقد انهم (الباكستانيون) يريدون التاكيد للاميركيين بانهم مخلصين وانهم يتخذون اجراءات ضد بعض التنظيمات".

وتابع "هناك اعتقاد هنا أنهم مهما فعلوا، فانهم لن يستطيعوا ارضاء الاميركيين". 

وحاولت باكستان مؤخرا القيام بخطوات تدلّ على حسن نيتها تجاه الولايات المتحدة من خلال القيام بعملية عسكرية استنادا إلى معلومات استخباراتية اميركية، ادت الى تحرير زوجين كندي واميركية واطفالهما الثلاثة كانوا رهائن منذ خمس سنوات.

وتلت هذه العملية سلسلة غارات شنتها طائرات بلا طيار اميركية استهدفت شبكة حقاني التابعة لحركة طالبان التي نسب اليها خطف العائلة الكندية الاميركية واحتجازها في منطقة حدودية بين باكستان وافغانستان.

ومن المقرر ان يزور ماتيس بدوره باكستان في الاسابيع المقبلة، بحسب مصادر اميركية وباكستانية.