«إيلاف» من لندن: دخل اقليم كردستان العراق خلال الساعات الاخيرة في اضطرابات سياسية وأمنية شهدت اقتحام انصار بارزاني لمبنى البرلمان وحرق مقرات الاحزاب المنافسة، فيما دعت الحكومة اجهزة الامن الى السيطرة على الاوضاع وسط مطالبات بتدخل اممي .. فيما حذر العبادي الاكراد من خطورة عدم تسليم المنافذه الحدودية والمعابر التي يمر منها النفط المصدر عبر تركيا الى السلطات الاتحادية مؤكدًا ان ذلك سيتسبب في تفاقم الازمة .

وهاجم انصار رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني اثر اعلانه تنحيه عن منصبه الاربعاء الماضي، ليقودوا عمليات اعتداء على نواب وصحافيين وحرق مقرات لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير في عدد من مدن الاقليم.

كما اعتدى انصار بارزاني لدى اقتحامهم مبنى البرلمان على بعض النواب من كتلة التغيير وكوادر القنوات الفضائية فيما سمع دوي اطلاق رصاص رجال الامن من داخله.

مصادر عراقية تحدثت مع "إيلاف" حول هذه التطورات الخطيرة التي يشهدها الاقليم، فقالت ان ما يحصل الان في اربيل ودهوك من احراق لمقرات الاحزاب واختطاف للشخصيات السياسية هو عودة سريعة وبصورة معلنة الى ظروف ما قبل توحيد ادارتي اربيل والسليمانية في حكومة موحدة للاقليم وربما لدوامة العنف التي شهدها الاقليم قبل ذلك في منتصف تسعينات القرن الماضي حين زحفت قوات حزب الاتحاد الوطني من السليمانية نحو اربيل للسيطرة عليها ما دفع بارزاني للاستنجاد برئيس النظام السابق صدام حسين الذي استجاب بشكل سريع وارسل قواته لتنقذ بارزاني وحزبه وسلطاته من انهيار وشيك لصالح الاتحاد الذي كان يتزعمه الرئيس العراقي السابق جلال طالباني.

فيديو اقتحام مبنى برلمان كردستان في اربيل:

 

قوات الامن بحالة الانذار القصوى

وفيما وضعت قوات امن الاقليم اجهزتها في حالة انذار قصوى ودعت منتسبيها الى الالتحاق بمقراتهم، فقد دعت رئاسة حكومة اقليم كردستان الاجهزة الأمنية الى السيطرة على الوضع وعدم السماح للتجاوزات على المقرات الحزبية . 
وقالت رئاسة الحكومة في الاقليم في بيان الليلة الماضية إن "عددًا من مناطق الاقليم شهدت محاولات فوضوية تسببت في قلق المواطنين".. ودعت الأجهزة الامنية الى "السيطرة على الوضع وعدم السماح لأي تجاوزات على المقرات الحزبية والمؤسسات الحكومية والسياسية". وحذرت من وجود ايادٍ وصفتها بالفوضوية تحاول خلق الفوضى والعنف.
وهددت رئاسة الحكومة بإنزال العقوبات القانونية بحق الاشخاص الذين يقفون وراء هذه الأعمال .. داعية المواطنين الى الحفاظ على الأمن والتعاون مع الأجهزة الامنية".

ومن جهته، حذر مجلس أمن اقليم كردستان من أي اعتداء على أي مقر حزبي في الاقليم.. وقال: "نحذر كل من يعتدي على مقر حزبي بردة شديدة".. داعيًا سكان اقليم كردستان إلى "الحفاظ على مدنهم ومناطقهم". وناشد مواطني الاقليم إلى الوقوف في وجه من يريدون إثارة فتنة في كردستان.

القوى السياسية تطالب بفرض الامن وتدعو لتدخل أممي

اما في ما يخص مواقف القوى السياسية في الاقليم، فقد ناشد رئيس كتلة الجماعة الإسلامية النيابية حمة رشيد الجهات الحكومة والدولية بإنقاذ أمير الجماعة علي بابير المحاصر داخل منزله في أربيل من قبل جماعات مؤيدة لبارزاني. وقال: "حاصر متظاهرون تابعون للحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة بارزاني منزل الشيخ علي بابير ورموا منزله بالحجارة فيما تقف قوات تابعة للحزب للديمقراطي إلى جانبهم متفرجة دون التدخل لإنقاذ الموقف".

وحملت حركة التغيير الطرف الحاكم ورئيس مجلس الوزراء والمؤسسات الأمنية مسؤولية الحفاظ على حياة البرلمانيين والصحافيين وكذلك حماية مقرات ومنازل جميع الأطراف السياسية تزامناً مع ما يحصل في أربيل. وطالبت الحركة جميع القنصليات والممثليات الدولية في الاقليم بمراقبة الوضع عن قرب والضغط على الجهة الحاكمة لإنهاء الفوضى .

ومن جانبه، طالب المكتب السياسي للإتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس الراحل جلال طالباني من المكتب السياسي للديمقراطي الكردستاني بزعامة بارزاني بتوضيح حول احراق مقر لجنة تنظيمات الإتحاد في قضاء زاخو. واشار الى ان مجموعة من المخربين قامت بإحراق مقر لجنة تنظيمات الإتحاد الوطني الكردستاني وكذلك راديو آشتي التابع للحزب بقضاء زاخو مطالبًا بتوضيح عاجل من حزب بارزاني بشأن هذا الحادث .

كما طالب نائب رئيس مجلس النواب العراقي آرام شيخ محمد من رئيس بعثة الأمم المتحدة في العراق يان كوبيش بالتدخل العاجل والضغط على السلطات في أربيل لحماية أرواح النواب والصحافيين الذين تم الهجوم عليهم داخل مبنى برلمان كردستان.
واتصل شيخ محمد في الوقت نفسه هاتفياً بالسفيرين الأميركي والبريطاني في العراق لبحث آخر التطورات الحاصلة في مدينة أربيل لاسيما بعد الهجوم على مبنى البرلمان والأعتداء على بعض النواب".. داعيًا السفيرين الى التدخل العاجل للضغط على السلطات في أربيل من أجل الحفاظ على أرواح وحياة النواب والصحافيين.
ويوم أمس، اعلن بارزاني رسميا انه سيتنحى عن رئاسة اقليم كردستان الاربعاء المقبل رافضًا التمديد لولايته رئيسًا لاقليم كردستان التي تنتهي في الاول من الشهر المقبل .. وقال بارزاني في نص رسالة الى البرلمان "بالنسبة لمنصب رئيس الاقليم، فإنني أرفض استمراري في المنصب بدءا من مطلع الشهر المقبل ولا يجوز تعديل قانون رئاسة الاقليم ولا يجوز تمديد عمر رئاسة الاقليم، يجب ان تعقدوا اجتماعًا بأسرع وقت وحل المسألة من أجل الا يحدث فراغ قانوني في مهام وسلطات رئيس الإقليم، وسأبقى أنا كبيشمركة".

وانتهت ولاية بارزاني الذي يعد اول رئيس للاقليم عام 2013 وتم تمديد فترته الرئاسية عامين بسبب الحرب ضد تنظيم داعش الذي احتل اراضيَ واسعة من العراق في صيف عام 2014.

العبادي يحذر الاكراد من عدم تسليم المنافذ الحدودية

حذر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الاكراد من خطورة عدم تسليم المنافذه الحدودية والمعابر التي يمر منها النفط المصدر عبر تركيا الى السلطات الاتحادية مؤكدًا ان ذلك سيتسبب في تفاقم الازمة بين بغداد وأربيل.

جاء ذلك خلال تلقي العبادي مكالمة هاتفية من وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون جرت خلالها مناقشة الانتصارات المتحققة على الارهاب وانتشار القوات الاتحادية في محافظة كركوك وبقية المناطق اضافة الى الاوضاع السياسية والامنية .
واشار العبادي الى رغبته بأن لا تترك الأمور مفتوحة كما حصل في السنوات السابقة، بل ان السلطة الاتحادية ينبغي ان تفرض سيطرتها على عموم البلاد ومنافذه الحدودية غير ان الجانب الكردي بطيء في تنفيذ هذا الامر. وشدد على ان الحكومة العراقية ينبغي ان تفرض سيطرتها على المعابر التي يمر منها النفط المصدر عبر تركيا واذا لم يتم ذلك فإن هذا سيتسبب في تفاقم الأزمة.. مبيناً ان الحكومة المركزية لا تريد سفك الدماء او تدهور الأوضاع فيما هناك من في حكومة الاقليم والإعلام الحزبي في اربيل يحرض على قتل القوات العراقية كما نقل عنه بيان صحافي لمكتبه الاعلامي عقب الاتصال الليلة الماضية واطلعت عليه "إيلاف".
واكد العبادي على حرص الحكومة الاتحادية على ايجاد حلول سلمية ليعيش العراقيون معًا في وطن واحد .. موضحا ان ذلك لن يتحقق من دون وجود قوة عراقية رادعة تمنع الأوضاع من التدهور.
من جانبه، ثمن وزير الخارجية البريطاني قيادة العبادي لهذه الأزمة ورغبته في فرض الدستور .. مشيرًا الى ان نيجرفان بارزاني رئيس حكومة إقليم كردستان أبدى رغبته بالحوار في هذا الشأن.

ومن جهة اخرى، قالت القوات العراقية ان مباحثاتها المستمرة منذ يومين مع قادة قوات البيشمركة الكردية لم تتوصل الى اتفاق حول انسحابها الى حدود عام 2003 لكنها تسير بشكل ايجابي. 

ووصف المتحدث باسم قيادة قوات العمليات المشتركة العميد يحيى رسول المباحثات الجارية بين أربيل وبغداد بالايجابية بخصوص ما يتعلق بانتشار القوات العراقية لكنه نفى التوصل الى اتفاق بين الوفدين الفنيين للقوات الاتحادية والبيشمركة على نشر قوات اتحادية في المعبر الحدودي مع تركيا موضحًا انه في حال الحصول على الاتفاق سيتم الاعلان عنه بشكل رسمي .
وكانت بدأت بعد ظهر امس الجولـة الثانية لمفاوضات اكمال انتشار القوات الاتحاديـة العراقيـة في المناطق المتنازع عليها بين القادة العسكريين في مقر قيادة عمليات الموصـل .
واشار رسول الى ان هذه المباحثات تؤكد على انسحاب قوات البيشمركة الكردية إلى حدود عام 2003 وعلى مسك القوات العراقية للحدود الدولية والمنافذ الحدودية .. مؤكداً بالقول "نحن لا نريد حدوث مواجهات مسلحة بين الطرفين واراقة الدماء".
ودعا رسول قوات البيشمركة الى "استيعاب حقيقة أنها قوة تابعة للقوات المسلحة العراقية وعلينا التصدي لعدو واحد متمثل بتنظيم داعش".
وكان العبادي أمر الجمعة الماضي بوقف اطلاق النار مع قوات البيشمركة 24 ساعة "لفسح المجال امام فريق فني مشترك بين القوات الاتحادية وقوات الاقليم للعمل على الارض لنشر القوات العراقية الاتحادية في جميع المناطق المتنازع عليها، وكذلك في فيشخابور والحدود الدولية فورًا وذلك لمنع الصدام واراقة الدماء بين ابناء الوطن الواحد" .

وبدأت المفاوضات في اجتماع مغلق السبت الماضي ومثل الجانب الاتحادي فيه رئيس ‏اركان الجيش الفريق الاول الركن عثمان الغانمي وقائد عمليات نينوى اللواء نجم ‏الجبوري ، فيما مثل قوات البيشمركة عزيز ويسي قائد قوات الزيرفاني وشيخ جعفر ‏شيخ مصطفى امر اللواء 70 ووزير داخلية الاقليم كريم سنجاري .