جبل, بلغاريا: يحمل الاستفتاء الذي سيجرى في 16 نيسان/ابريل في تركيا، الأقلية التركية في بلدة جبل بجنوب بلغاريا المجاورة على التخوف من عودة التوتر بين البلدين اللذين يشهدان صعودا في النزعات القومية ما قد يؤثر على حياتهم اليومية.

وينوي معظم الحائزين على الجنسيتين البلغارية والتركية المشاركة في الاستفتاء الذي سيصادف في يوم مخصص للتسوق وسط المآذن في هذا المكان الرمزي لاتراك بلغاريا.

ويشكل اتراك بلغاريا مجموعة تناهز 700 الف نسمة يقيمون في البلاد منذ حقبة الهيمنة العثمانية على دول البلقان ويشكلون حوالى 10% من الشعب البلغاري، وهو رقم قياسي داخل الاتحاد الاوروبي.

لكن التأثير المحتمل للاستفتاء على الحياة اليومية للسكان، هو ما يقلقهم وليس الاستفتاء بحد ذاته حول تعزيز صلاحيات الرئيس رجب طيب اردوغان.

وقال بحري عمر، البلغاري التركي (59 عاما) الذي جاء للتسوق "نأمل الا يتم إقفال الحدود لأننا نتنقل دائما بين منزلنا في بلغاريا ومنزلنا في تركيا".

وقبل الانتخابات النيابية البلغارية في 26 اذار/مارس اقفل قوميون بلغار الحدود التركية، لمنع الحاصلين على الجنسية المزدوجة الذين يعيشون في تركيا من المجيء والادلاء بأصواتهم، آخذين على اردوغان انه يريد التأثير على الانتخابات.

فهؤلاء القوميون المتجمعون في تحالف "القوميون المتحدون" حلوا في المرتبة الثالثة في الانتخابات، ويجرون مناقشات مع رئيس الوزراء الفائز بويكو بوريسوف لتشكيل تحالف، مما يحمل على التخوف من تصعيد بين صوفيا وأنقره.

وقال رئيس بلدية جبل، بحري رجب عمر (لا صلة قرابة تربطه بالمتسوق) ان "الناس خائفون، لقد عانوا كثيرا من موجات الاستيعاب وعمليات الإبعاد" على امتداد القرن العشرين.

وما زال الجرح ينزف في هذه القرية المؤلفة من 3500 نسمة والتي جسدت من اعماق سلسلة جبال رودوب، رمز المقاومة التركية لسياسة المج القسري في الاكثرية السلافية التي اتبعها النظام الشيوعي منذ ثمانينات القرن الماضي.

ومنذ 1989، عادت العلاقات الى طبيعتها. وتربط خطوط حافلات منتنظمة بين البلدين، وقد ازدهرت السياحة، ويتوزع عدد كبير من العائلات التركية على جانبي الحدود.

لكن تنامي نفوذ القوميين، يحمل بحري رجب عمر على التساؤل "كيف نستبعد ألا تتكرر هذه السياسة؟"، مشيرا الى وجود "مؤشرات مقلقة" تهدد اتراك بلغاريا.

- "اعادة +السلطنة+" العثمانية -

البعض من ابناء الجالية التركية التي اهتزت وحدتها للمرة الاولى، لا يتردد في توجيه اتهام صريح الى اردوغان بأنه يساهم في تقويض العلاقات بين البلدين.

وهذا ما يعبر عنه احمد دوغان الزعيم التاريخي لحركة الحقوق والحريات اكبر حزب لاتراك بلغاريا. وهو يأخذ على اردوغان انتهاج سياسة "تشكل تهديدا لجيرانه" ووصف استفتاء 16 نيسان/ابريل بأنه "تهديد للديموقراطية" يستهدف اعادة "السلطنة" العثمانية.

وقد حصلت هذه الهجمات غير المألوفة، فيما رعت انقرة انشاء حزب تركي جديد في بلغاريا، هو "حزب حرية وكرامة الشعب" (دوست). وهذا ما رأت فيه صوفيا محاولة للتدخل في الحياة السياسية الوطنية.

واذا كان "دوست" الذي انتسب اليه بحري رجب عمر لم يحصل على اكثر من 2،9 % من الاصوات في الانتخابات النيابية، اي أقل من 4% الضرورية لدخول البرلمان، فقد حصل على 22% في منطقة كارجلي حيث تقع بلدة جبل. واضطر حزب حركة الحقوق والحريات الذي كان يهيمن بلا منازع للاكتفاء ب 43%.

واكد رئيس البلدية "كل ما نسعى اليه هو علاقات طبيعية مع تركيا، القوة الاقتصادية التي تستطيع الاستثمار في مناطقنا المحرومة".

- ميركل على خطى اردوغان -

يعتمد بقاء المنطقة اقتصاديا اليوم على آلاف المهاجرين في المانيا وبريطانيا واسبانيا، والذين تتميز منازلهم المجددة عن المنازل القديمة.

وافادت دراسة حديثة اجرتها الجامعة البلغارية الجديدة (ان بي يو) في صوفيا على عينة من 1200 مسلم بلغاري، ان المانيا (65%) ومستشارتها انغيلا ميركل (44%)، تتنافس على صعيد الشعبية مع تركيا (68%) واردوغان (49%).

وقالت منسقة الدراسة يفغينيا ايفانوفا ان ما يفسر عودة شعبية تركيا، هو ان "المسلمين القلقين من تنامي النزعة القومية" البلغارية "يعتمدون" في نهاية المطاف على مساعدة انقره.

لكن سيناسي سليمان عمدة قرية كيركوفو القريبة من جبل، يؤكد انه "سيكون من المبالغة القول ان اتراك بلغاريا يحبون اردوغان".

واضاف هذا المسؤول في حركة الحقوق والحريات الذي تقيم "شقيقته و27 من اقاربه في تركيا"، انه "يجب عدم الخلط بين الموقف من اردوغان والموقف من تركيا التي لدينا معها صلات قربى".