نصر المجالي: أثار قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترمب انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ التي "ستضعف السيادة الوطنية الأميركية"، عاصفة من الانتقادات حول العالم، وسط مخاوف من أن تساهم هذه الخطوة في تسريع آثار تغير المناخ العالمي.

وفي حين تنشر "إيلاف" أبرز نقاط اتفاقية باريس، وصف داعمون للاتفاقية خطوة ترمب بأنها "ضربة للجهود الدولية للحد من الاحتباس الحراري لكوكب الأرض، الذي ينذر بآثار بعيدة المدى خلال القرن الحالي وما بعده".

وبقرار ترمب تخرج الولايات المتحدة من اتفاقية تضم كل&دول العالم تقريبا، وتتصدى لواحدة من أهم قضايا القرن الحادي والعشرين. ويوم أمس الخميس، قال الرئيس الأميركي إن الولايات المتحدة ستنسحب من الاتفاقية، منفذا بذلك وعدا رئيسيا قطعه خلال حملته الانتخابية.

أميركا أولاً

وقال ترمب مستخدما رسالة "أميركا أولا"، التي رددها عندما فاز بالرئاسة العام الماضي، إن اتفاقية باريس ستقوض الاقتصاد الأميركي وستكلف الولايات المتحدة وظائف وستضعف السيادة الوطنية الأميركية وستضع البلاد في موقف سيئ دائم، مقارنة بباقي دول العالم.
والولايات المتحدة مسؤولة عن أكثر من 15 بالمئة من إجمالي انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري حول العالم، وهي في المرتبة الثانية بعد الصين التي وقعت على الاتفاقية ودانت خطوة ترمب.

تقليل الانبعاث&

ووفقا للاتفاقية، التي استغرق إعدادها سنوات، تلتزم الدول سواء كانت فقيرة أم غنية بتقليل انبعاثات ما يطلق عليها الغازات المسببة للاحتباس الحراري الناتج عن احتراق الوقود الأحفوري، الذي ينحي عليه العلماء باللائمة في ارتفاع درجة حرارة الكوكب.

يشار إلى أن الولايات المتحدة كانت قد تعهدت بخفض انبعاثاتها ما بين 26 و28 في المئة عن مستويات 2005 وذلك بحلول سنة 2025.

ابرز نصوص الاتفاق

وتنشر "إيلاف" تلخيصا لأبرز نصوص اتفاق باريس بشأن المناخ والتقدّم التاريخي الذي حقّقه في أربع نقاط أساسية، كان نشره موقع (الدبلوماسية الفرنسية) التابع لوزارة الخارجية الفرنسية.

ومشروع الاتفاق يتفاوت بحسب المستوى الإنمائي للدول، وهو منصف ومستدام وحيوي ومتوازن وملزم قانونا"، عن لوران فابيوس، رئيس الدورة الحادية والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ.

* الاتفاق المنصف الذي يتفاوت بحسب المستوى الإنمائي للدول:&

يقرّ الاتفاق بأن مسؤولية التصدي لتحدي تغيّر المناخ هي مسؤولية مشتركة بين الدول ولكنها تتفاوت بحسب قدرات كل دولة واختلاف السياق الوطني لكل واحدة منها. ويراعي الاتفاق بوجه خاص مستوى التنمية والاحتياجات الخاصة للبلدان الأضعف. فبالإضافة إلى الالتزامات المالية للبلدان الصناعية، يتعيّن على هذه البلدان تيسير نقل التكنولوجيا، وعموما التكيّف مع الاقتصاد المنزوع الكربون.&

أما في مجال الوضوح، فينشئ الاتفاق نظاما لمتابعة تنفيذ الالتزامات الوطنية، يتسم بقدر من المرونة فيما يخص البلدان النامية، من أجل متابعة تنفيذ الجهود التي تبذلها الأطراف.

* الاتفاق الحيوي والمستدام:

يُتوخى من هذا الاتفاق احتواء ارتفاع معدل درجات الحرارة بوضوح دون الدرجتين المئويتين مقارنة بمستويات درجات الحرارة في الحقبة ما قبل الصناعية، ومواصلة تنفيذ الخطوات الرامية إلى الحد من ارتفاع درجات الحرارة إلى 1,5 درجة مئوية.

ولتحقيق هذه الغاية، ينصّ الاتفاق على أن تراجع جميع البلدان التزاماتها كل خمس سنوات بغية خفض انبعاثات غازات الدفيئة التي تتسبب بها. ويجب أن تسجّل كل مساهمة من المساهمات المقرّرة المحدّدة وطنيا تقدما مقارنة بالمساهمة السابقة.

كما التزمت الأطراف في الاتفاق بالوصول إلى ذروة انبعاثات غازات الدفيئة على المستوى العالمي في أقرب وقت لكي يتسنى تحقيق التوازن بين الانبعاثات والتعويض عنها في النصف الثاني من القرن. كما التزمت الدول بزيادة جهودها فيما يخص التخفيف وخفض انبعاثات غازات الدفيئة.

* الاتفاق العالمي والملزم قانونا:

التزمت الدول المائة والخمس والتسعون الأطراف في المفاوضات برسم استراتيجيات إنمائية لا تتسبب إلا في انبعاثات طفيفة من غازات الدفيئة في الأجل الطويل. كما أن هذه هي أول مرة يُبرم فيها اتفاق عالمي في مجال مكافحة تغيّر المناخ.

وتنطبق بعض القواعد الملزمة قانونا على الدول الأطراف، مثل التزام البلدان المتقدمة بتقديم الدعم المالي للبلدان النامية من أجل تنفيذ الاتفاق.

* ثم ماذا؟

سيُفتح الباب للدول للتوقيع على الاتفاق في 22 أبريل 2016 في نيويورك، لكي يدخل حيّز النفاذ في عام 2020. وحدّد القرار المرافق للاتفاق الذي اتخذه مؤتمر الأطراف في دورته الحادية والعشرين عدة مراحل لمواكبة تطبيق الاتفاق والتحضير لتنفيذه، وهي: مراجعة المساهمات في عام 2018، وتعبئة الأموال لبلوغ أرضية المائة مليار دولار في السنة بحلول عام 2020.
ويقرّ الاتفاق بأنشطة الجهات الفاعلة غير الحكومية، التي تعبّأت فعلا، مثل نداء باريس (lien) الذي التزمت فيه ثمانمائة منشأة ومستثمر ومدينة ومنطقة في العالم بتجاوز عتبة الطموح المُعلن في اتفاق باريس بشأن تغيّر المناخ.

ارتفاع الحرارة

ويقول علماء كبار في مجال المناخ إن الغازات المسببة للاحتباس الحراري تحبس الحرارة في الغلاف الجوي وتسبب ارتفاعا في حرارة الأرض، وارتفاع منسوب البحار والجفاف وبشكل أكثر شيوعا العواصف الشديدة.
وقال علماء إن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية الهامة، التي وقعت عليها 195 دولة في 2015، قد يسرع آثار تغير المناخ العالمي، ويجعل موجات الحرارة والفيضانات والجفاف والعواصف أكثر سوءا.

ويشار في الأخير، إلى أن العام الماضي كان الأكثر حرارة منذ بدء التسجيل في القرن التاسع عشر، حيث واصلت معدلات درجات الحرارة على مستوى العالم ارتفاعا يرجع تاريخه لعقود فيما يعزوه علماء لغازات الاحتباس الحراري.