نصر المجالي: لم تعد خافية الأسباب وراء تفجر الأزمة الجديدة مع دولة قطر وإقدام عدد من جاراتها وفي مقدمها السعودية ومصر والامارات والبحرين على اتخاذ إجراءات ردع إن لم تكن حصارا شاملا حتى تعود الدوحة إلى رشدها وتنفذ التزامات كانت قطعتها على نفسها قبل 3 سنوات.

لا تلوح في الأمد المنظور أية بارقة أمل بحلول أو توصل لاتفاقات تهدئة، فالأمور مع الدوحة بلغت حدا كبيرا من التحدي والإمعان في العناد، وبالمقابل فإن الدول التي اتخذت قرارات قطع العلاقات الدبلوماسية وفرض اجراءات حصار بري وبحري وجوي لن تتراجع عن مواقفها كما صدر عبر تصريحات متتالية صارمة من تلك العواصم.

وتزامناً، فإن نتائج استفتاء (إيلاف) تصب في اتجاه عدم احتمال إذعان الدوحة للشروط المطلوبة لبدء الحوار معها، وكان سؤال الأسبوع الماضي: هل تعتقد أن التدابير المتخذة بحق قطر تعيدها إلى الصف العربي؟.

نتيجة الاستفتاء

وخلصت نتيجة الاستفتاء إلى أن ما نسبته 76 % (1427 مشاركا) رأت أن التدابير المتخذة لا يمكن أن تعيد قطر إلى الصف العربي، بينما رأت نسبة 24% (439 مشاركا) عكس ذلك، وتوقعت باحتمال أن تعيد التدابير الدوحة الى صفها العربي.

يذكر أن الأزمة الجديدة، دفعت لحدة تداعياتها، بأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد لقيادة وساطة لاحتوائها والشروع بحوار معمق ينهي أسباب الأزمة من جذورها، ولكن إلى اللحظة لم يظهر ما يشير إلى اي حلول ممكنة أو تراجعات من جانب دولة قطر أو تنازلات في شأن ما تطالبها به الدول العربية وخصوصا التراجع عن دعم الجماعات الإرهابية وجماعة الاخوان المسلمين والمتطرفين في سوريا وغزة و مصر وليبيا وتونس بالمال والإعلام والسلاح، فضلا عن تصعيد العلاقات مع ايران.

أزمة 2014

وكانت أزمة مماثلة علقت العام 2014 وحينها دفعت وساطة كويتية بدولة قطر إلى تقديم تنازلات وقبول مطالب السعودية والامارات والبحرين، لكنها بدلا من ذلك زادت في تحدياتها ومحاور تحالفاتها المعادية لجاراتها ما يهدد أمن وسلام الإقليم بأكمله، وهي أبقت على تعاملها مع متطرفين مثل تنظيم الإخوان والقاعدة لإضفاء شرعية على دورهم.

كما أن قطر التفت على الاتفاق وتعاملت مع إيران وجهات إقليمية مرتبطة بها والتي ساهمت بإطلاق سراح 26 قطرياً اختطفوا في العراق، حيث دفعت فدية مالية ضخمة لكتائب حزب الله العراقي المرتبطة بإيران، كما ساهمت الدوحة بتسليم النظام وحلفائه مناطق كاملة في سوريا من ريف دمشق إلى حماه وحلب وحمص.

وفي الأخير، فإنه كما قال تقرير لصحيفة (واشنطن بوست) الأميركية، فإن قرار تسليم السلطة للشيخ تميم بن حمد خلفا لوالده العام 2013 أعطى فرصة لدول عربية وخليجية للتواصل مع الأمير الشاب لكي يتراجع عن خطى أبيه ويعود إلى الصف العربي، ولكن بحسب الصحيفة، فإن تميم لم يستطع التعامل مع التحديات الموروثة، بدءاً بالمؤسسات الإعلامية ودورها التحريضي.

كما أن تميم على ما يبدو غير قادر على كسر وتفكيك التحالفات التي كان أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني ورئيس وزرائه حمد بن جاسم بن جبر على بنائها وهي امتدت من افغانستان إلى موريتانيا.