فيما يواصل العبادي من الموصل لليوم الثاني على التوالي متابعة المعارك ضد مسلحي تنظيم داعش في ساعاتها الأخيرة، تمهيدًا لإعلانه النصر النهائي هناك، فقد ساد ارتياح دولي لاستعادة المدينة من قبضة التنظيم، وتحذيرات من تحديات وصفت بالهائلة تواجه العراق في المرحلة المقبلة وبشكل سيؤثر على مستقبله وكل دول المنطقة.

إيلاف من لندن: في بيانات رسمية واتصالات مع المسؤولين العراقيين تابعتها "إيلاف" اليوم، عبرت مختلف الدول عن ترحيبها بتحرير الموصل، معتبرة انه يشكل ضربة للارهاب في العالم مؤكدة تعاونها مع العراق للقضاء نهائياً على الارهاب، معلنة عن زيادة مساعداتها لهذا البلد من اجل اعادة الاستقرار واعمار ما خربته الحرب.

الإتحاد الأوروبي: دولنا تستفيد من نصر الموصل

وأكد الاتحاد الأوروبي أنه سيواصل دعمه لجهود الحكومة العراقية في تحقيق الاستقرار في المناطق المحررة وإعادة إعمارها، وأعلن زيادة قيمة المساعدات المقدمة للعراق إلى 211 مليون يورو للعام الحالي.

واشادت الممثلة العليا للسياسة الخارجية والامن في الاتحاد الأوروبي فيدربكا موغيريني بالقوات المسلحة العراقية لما حققته من نصر كبير على عصابات داعش الإرهابية، وأسفرت عن تحرير مدينة الموصل بعد تقديم تضحيات كبيرة في الأرواح.. مشددة بالقول "المستفيد من هذا النصر ليس العراق فقط، بل أوروبا كلها، لأنه سيؤدي إلى إضعاف الإرهاب وتهديداته للمواطنين الأوروبيين". 

وأشارت في رسالة إلى وزير الخارجية العراقي ابراهيم الجعفري الى أن الاتحاد الأوروبي سيواصل دعمه لجهود الحكومة العراقية بعمليات بسط الاستقرار في المناطق المحررة وإعادة إعمارها. 

وأعلنت زيادة قيمة المساعدات المقدمة للعراق إلى 211 مليون يورو لهذا العام مخصصة للمساعدات الإنسانية الإضافية والمساعدات طويلة الأمد للنازحين العراقيين والتمويل الإضافي لعمليات إزالة الألغام وغيرها من جهود بسط الاستقرار، فضلاً عن آليات الاستجابة للكوارث.

ماكرون: العراق يواجه تحديات هائلة

ومن جانبه، تعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم بأن بلاده ستواصل مكافحة الإرهاب بأعلى درجات الإصرار وفي كل مكان بما في ذلك على أرضها.

ورحب في بيان عن قصر الإليزيه، في أعقاب الإعلان عن تحرير مدينة الموصل، بالنصر الذي حققته القوات العراقية ضد تنظيم داعش بدعم من التحالف الدولي، متوجهاً أيضا بالتهنئة للعراق قيادة وشعبًا. وقال ماكرون إن تحرير كل العراق ما زال جاريًا، لا سيما القضاء على معاقل داعش فى سوريا وخاصة فى الرقة ووادي الفرات متعهدًا بأن تواصل بلاده جهدها العسكري لمكافحة الإرهابيين في كل مكان بما في ذلك على الأراضي الفرنسية.

وأضاف ماكرون أن العراق يواجه تحديات هائلة على الأصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية، لافتًا إلى أن عددًا من المسائل سيتعين أن تُتخَذ بشأنها خيارات مسؤولة من قبل متخذي القرار السياسيين والمجتمع العراقي. وتوقع أن يكون مستقبل العراق والمنطقة مرهونًا بصحة هذه الخيارات، معربًا عن أمله في أن يفتح نصر الموصل صفحة جديدة في تاريخ هذا البلد ويسمح له باستعادة السلام والاستقرار والوحدة.. متعهداً بأن تقف فرنسا بجانب العراق.

وأكد أن استعادة الموصل تمثل مرحلة رئيسية في الحملة التي بدأت منذ صيف 2014 للتصدي ثم لدحر تنظيم داعش.. مشيرًا إلى تضامن فرنسا مع كل من ضحوا بحياتهم دفاعًا عن الحرية في مواجهة الإرهاب، ومنهم قوات الأمن العراقية والبيشمركة والمتطوعون، وكذلك السكان المدنيون الذين عانوا من بطش "داعش" وعنف المعارك.

 

خارطة توضح باللون الاحمر جيوب داعش المتبقية التي يدور فيها القتال بأيمن الموصل

 



بريطانيا: مطلوب بذل المزيد من الجهود في الموصل

ومن جهته، هنأ وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون ‍العراق لهزيمته تنظيم داعش في الموصل، ودعا إلى بذل المزيد من الجهود للقضاء على الإرهابيين.

وقال فالون في بيان "أهنئ رئيس الوزراء حيدر العبادي والقوات العراقية التي تقاتل على الأرض على شجاعتها العظيمة أمام عدو متوحش لا يأبه مطلقًا بحياة المدنيين الأبرياء، ويجب أن نرحب بهزيمته في مدينة اعتبرها التنظيم معقلاً لما يسميه الخلافة".

وقال إنه في إطار مشاركة بريطانيا في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد التنظيم، فقد ضربت القوات البريطانية 750 هدفًا في المعركة لتحرير الموصل من تنظيم داعش، مضيفاً أنه "لا يزال يتعين القيام بالمزيد" في المدينة والمنطقة بشكل أوسع. وحذر من أن "هذه المجموعة الهمجية لا تزال موجودة في غرب الفرات وسنحتاج إلى عمليات تطهير في الموصل والمناطق المحيطة بها بسبب تهديد العبوات الناسفة المصنعة يدويا".

مصر: نقف مع العراق في مواجهته للارهاب

وهنّأ وزير الخارجية المصري سامح شكري نظيره العراقي ابراهيم الجعفري في اتصال هاتفي بتحرير مدينة الموصل، وجدد التأكيد على التزام مصر بالوقوف إلى جانب العراق في حربه ضد الإرهاب ومنع انتشاره.

وبحث شكري والجعفري العلاقات الثنائية بين بغداد والقاهرة وسبل تعزيزها بما يخدم مصالح الشعبين وجهود مكافحة الإرهاب وآفاق تعزيز التعاون بين البلدين وتنسيق المواقف في المحافل الدولية". وأكد الجانبان على ضرورة استكمال إجراءات عقد الجولة المقبلة للتشاور السياسي بين البلدين على مُستوى وزيري الخارجية، إضافة إلى اللجنة العليا المُشترَكة التي يرأسها رئيسا وزراء البلدين.

ومن جانبه، أكد الجعفري أن "انتصار العراق يعد انتصاراً لكل شعُوب العالم، لأن الإرهاب يستهدف الإنسانية كلها ولا يميز بين بلد وآخر.. وقدم "تعازي العراق حكومة وشعباً للشعب المصري باستشهاد عدد من أفراد القوات المسلحة، والشرطة في الهجوم الإرهابي الأخير في رفح".

سوريا: نتعاون مع العراق لضمان عدم عودة الارهاب

وهنأت الحكومة السورية العراق حكومة وشعبًا على انتصاره بدحر تنظيم داعش من مدينة الموصل التي انطلق منها، وقال مصدر مسؤول في الخارجية السورية في بيان إن "سوريا تؤكد أنها ماضية شعبًا وجيشًا وحكومة بالتعاون مع الشعب والحكومة والجيش والحشد الشعبي العراقي للقضاء على ما تبقى من عصابات داعش الإرهابية، لأن حشد جهدنا المشترك في البلدين الشقيقين هو العامل الأساسي لضمان عدم عودة داعش أو أي شكل من أشكال الإرهاب الدموي لهذين البلدين وكل أنحاء المنطقة".

العبادي باقٍ في الموصل لإعلان النصر النهائي داعيًا للتعايش فيها

ومنذ امس يواصل القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء حيدر العبادي اجتماعاته مع القادة العسكريين في الموصل لمتابعة المعارك ضد تنظيم داعش في ساعاتها الاخيرة، واللقاء مع ممثلي سكان المدينة بانتظار إعلانه الرسمي عن تحريرها بشكل تام، مؤكدًا على ضرورة ان يسود التعايش بين ابناء محافظة نينوى جميعًا.

العبادي يشارك مواطني الموصل احتفالهم بتحرير مدينتهم:


واجتمع العبادي بمقر قيادة عمليات نينوى صباح اليوم الاثنين مع وفد من المسيحيين من سكنة مدينة الموصل بحضور عدد من القادة الامنيين. وخاطب العبادي الوفد قائلا "إن طموحنا هو ان يعود جميع النازحين وابناء الاديان والقوميات والمذاهب، ومنهم الاخوة المسيحيون بشكل خاص إلى بيوتهم في الموصل، والرد الطبيعي على داعش هو ان نتعايش معاً". 

وأضاف "ان تنوعنا فخر لنا ويجب الحفاظ عليه وافشال مخطط داعش الذي اراد صبغ العراقيين بلون واحد وتمزيق وحدتهم التي تعايشوا فيها منذ آلاف السنين"، كما نقل عنه مكتبه الاعلامي في بيان صحافي تابعته "إيلاف".. مؤكدًا "واجبنا هو حماية المواطنين وتقديم الخدمات لهم بغض النظر عن انتمائهم، وفي عنقي كمسؤول التعامل مع جميع العراقيين دون تمييز ، ويجب ان يسود التعايش بين ابناء نينوى".. داعيًا الجميع إلى "الحفاظ على هذا النصر الذي تحقق بشجاعة قواتنا البطلة وبتضحياتها الغالية". 

من جهتهم، قدّم اعضاء الوفد التهنئة بالانتصارات في الموصل وبشجاعة القوات العراقية وتحريرها المدن والقرى معربين عن اعتزازهم بالتنوع الحضاري وحرصهم على وحدة الشعب العراقي واستقراره واستعدادهم للعمل والتعاون من اجل تسهيل عودة جميع النازحين واستتباب الامن والاستقرار في الموصل.

وكان العبادي قد أكد من الموصل الليلة الماضية أن المعركة في الموصل لم يتبقَ منها سوى جيب او جيبين لفلول داعش، وليس امامهم مهرب سوى الموت او تسليم انفسهم، وبالتالي فإن المعركة محسومة والنصر الكبير باليد.

وأشاد العبادي بالروح العالية للمقاتلين وبتعاون ابناء الموصل واحتفالهم بالنصر وبعودة الحياة الطبيعية في الجانبين وعودة النشاط التجاري وافتتاح المدارس والمستشفيات، موجهًا الشكر للقوات والجهد المدني والوزاري. 

ودعا جميع الموظفين للالتحاق باعمالهم.. مؤكداً ان عمليات اعادة الاستقرار تجري على قدم وساق بالتوازي مع عمليات التحرير، وأن المرحلة المقبلة لتعزيز الأمن والجهد المدني في ظل التعاون الكبير للمواطنين مع قواتنا الامنية.

والموصل هي ثاني أكبر مدن العراق وقد سيطر عليها داعش في العاشر من يونيو عام 2014 لكن القوات العراقية تمكنت خلال حملة عسكرية بدأت في 17 أكتوبر الماضي من استعادة النصف الشرقي الايسر للمدينة في 24 يناير الماضي ثم بدأت في 19 فبراير الماضي عملية عسكرية لاستعادة السيطرة على القسم الغربي الايمن من المدينة.