بدا التوتر واضحا بين واشنطن وأربيل حيث نفت رئاسة إقليم كردستان اجراء اتصال هاتفي بين رئيس الإقليم مسعود البارزاني ووزير الخارجية الاميركي ريكس تليرسون بعد ان نشرت وسائل اعلام كردية مقربة من برزاني فيما اعتبر المبعوث الاميركي الخاص لدى التحالف الدولي ضد داعش بريت ماكغورك أن الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان العراق ليس فكرة جيدة، وستكون له نتائج كارثية مع قرب عملية استعادة تلعفر والحويجة.
نفت رئاسة اقليم كردستان السبت ان يكون رئيس الاقليم مسعود بارزاني قد تلقى أي اتصال هاتفي من وزير الخارجية الاميركي ريكس تليرسون فيما اعتبر المبعوث الامريكي الخاص لدى التحالف الدولي ضد تنظيم داعش بريت ماكغورك أن الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان العراق ليس فكرة جيدة، وستكون له نتائج كارثية مع قرب عملية استعادة تلعفر والحويجة ، في حين اعتبرت حركة التغيير (كوران) ان اجندات شخصية وحزبية وراء الاستفتاء للتستر على ملفات فاشلة تورط بها الحزب الديمقراطي الكردستاني وزعيمه.
بعدما ذكرت القنصلية الاميركية في اربيل بان تليرسون اجرى اتصالا هاتفيا مع بارزاني وبحثا فيه جملة امور من بينها استفتاء كردستان، قال المتحدث باسم رئاسة اقليم كردستان اوميد صباح في بيان اطلعت عليه "ايلاف" إنه لا صحة للأنباء التي اشارت الى اجراء اتصال هاتفي بين بارزاني وتليرسون قبل نحو يومين.
وتابع "لم يجر أي اتصال هاتفي.. هذه الانباء لا اساس لها من الصحة".
استعداد للحوار مع بغداد
وحذفت القنصلية الاميركية في اربيل الخبر من على صفحتها الرسمية في فيسبوك ولم يتسن الوصول الى القنصل ولا السفارة الاميركية للتعقيب على ذلك .
وقال المتحدث باسم رئاسة اقليم كردستان اوميد صباح إن بغداد مستعدة للحوار سواء قبل اجراء استفتاء الاستقلال او بعده، مؤكدا عدم وجود شروط في المفاوضات المرتقبة.
وشكل اقليم كردستان عددا من الوفود لمفاتحة عواصم الجوار رسميا بملف الاستقلال ومنها بغداد التي تتحفظ بدورها على اجراء الاستفتاء.
ومن المقرر اجراء الاستفتاء في 25 من الشهر المقبل.
وقال اوميد صباح ان اقليم كردستان لن يغلق ابواب الحوار وليس لديه شروط فيما يتصل بالمفاوضات مع بغداد حيال الاستفتاء.
وتابع "الحوار هو افضل سبيل لكي يستقل الكرد بصورة سلمية".
وأشار صباح الى ان الحكومة العراقية أبدت استعدادها للحوار بشأن الاستفتاء سواء قبل اجرائه او بعده.
وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قد قال في مؤتمر صحفي سابق إن استفتاء الاستقلال "غير دستوري" وان بغداد "لن تتعامل معه".
ويقول المسؤولون الكرد إن استقلال كردستان سيعزز امن العراق ويجبنه حروبا مثل تلك التي وقعت طيلة السنوات الماضية.
بارزاني : هذا موقف واشنطن وسبب مخاوف انقرة وطهران
وأكد رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، أن عملية الاستفتاء المقرر إجراؤها في 25 ايلول سبتمبر المقبل، لن تشكل خطرا على أحد بل بقاء الوضع كما هو الذي سيشكل خطرا كبيرا.
وقال بارزاني في تصريحات امام وفد من الصحفيين الكويتيين الذين يزورون أربيل ان "الهدف من الاستفتاء هو حماية الشعب الكردي من تكرار الكوارث والمآسي في المستقبل".
وبشأن مخاوف دول المنطقة من الاستفتاء قال بارزاني إنه "لا يجب على الدول المحيطة بالإقليم بأن تتخوف من الاستفتاء، إذ أثبت الإقليم خلال الـ26 عاما الماضية بأنه عامل استقرار في المنطقة".
وغازل البارزاني الكويت ودول الخليج عبر الوفد قائلا أن "علاقات الإقليم الاقتصادية والسياسية في المنطقة ستكون أكثر متانة بعد الاستفتاء".
وأوضح بارزاني أن "الاعتراض الإيراني التركي على إجراء الاستفتاء يعود إلى وجود الكرد في بلدانهم"، مشيرا إلى أن "الولايات المتحدة الاميركية لم تبد رفضها بل قالت إن الوقت غير مناسب".
وأكد أن إجراء الاستفتاء هو قرار الشعب الكردي "والشعب أسمى من الأحزاب ولن يتخلى عن حقه ولن يتراجع عن قراره تحت أي ضغوط".
ولفت بارزاني إلى أنه بناء على التجارب السابقة فمن الأفضل أن يكون الإقليم والحكومة العراقية جارين جيدين لمنع حدوث مشاكل أكبر.
وبشأن الوضع الحالي في الموصل قال إنه " لولا قوات البيشمركة لما تحررت الموصل وتغلبت على تنظيم داعش"، مشيرا إلى أن الإقليم استقبل أكثر من مليون نازح جراء العمليات العسكرية في العراق.
ماكغورك : استفتاء كردستان يضر بقتال تنظيم داعش
من جهته قال المبعوث الاميركي الخاص لدى التحالف الدولي ضد تنظيم داعش بريت ماكغورك إن واشنطن بحاجة الى تعاون بين البيشمركة والجيش العراقي لتحرير بلدة الحويجة في كركوك ، مبينا ان الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان العراق ليس فكرة جيدة، وستكون له نتائج كارثية مع قرب عملية استعادة الحويجة.
وعلى خلاف نفي الإقليم قال ماكغورك إن وزير الخارجية ريكس تيلرسون تحدث مع كل من رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ورئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني هاتفيا خلال الأيام الماضية للتمهيد للخطوات المقبلة.
وأضاف أن "الفكرة لم يتم التحضير لها بطريقة حسنة، والأهمية لا تزال لمواجهة أخطار تنظيم داعش، وأن التحالف بحاجة إلى عمليات رئيسية ضد التنظيم في الحويجة بالتعاون بين البشمركة والقوات العراقية".
ويسيطر تنظيم داعش على بلدة الحويجة والمناطق التابعة لها منذ نحو ثلاث سنوات ويمنع خروج المدنيين نحو المناطق التي لا تخضع له، فيما اكد ماكغورك ان معركة الحويجة ستكون "معقدة جدا".
وتوقع المبعوث الرئاسي وجود الف مقاتل من داعش في الحويجة رغم انه لفت الى ان تحديد الارقام بدقة امر بالغ الصعوبة في بعض الاحيان.
وأشار الى وجود 80 الفا من المدنيين في الحويجة وما حولها.
وحتى هذه اللحظة لم تعلن القوات العراقية والبيشمركة أي جدول أو توقيت لاقتحام الحويجة ذات الغالبية العربية والواقعة الى الجنوب الغربي من كركوك.
ولأول مرة منذ نحو ربع قرن قاتلت قوات البيشمركة إلى جانب الجيش العراقي في إطار معركة الموصل في خطوة اعتبرها مسؤولون عراقيون وكرد "تاريخية"، فيما كان ظهور قادة عسكريون كرد الى جانب قادة في الجيش العراقي خلف رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لدى اعلان النصر في الموصل لافتا.
ويؤكد مسؤولون كرد إن استقلال كردستان سيعزز التعاون العسكري بين بغداد واربيل وسيقوي جبهة مكافحة الارهاب عبر التنسيق المشترك.
لكن التنسيق بين إقليم كردستان وبغداد يقتصر على الجانب العسكري والأمني فقط، حيث لا تزال الخلافات بشأن ملفات اقتصادية وسياسية مستمرة.
وبين اربيل وبغداد تاريخ حافل بالخلافات المتراكمة منذ سنوات خاصة تلك المرتبطة بالطاقة والموازنة والأراضي المتنازع عليها إلى جانب قضايا خلافية أخرى.
حركة التغيير : تركيا تريد جعل كردستان قبرص أخرى
ولا يمثل موقف رئاسة إقليم كرستان كامل الرغبة الكردية بالاستفتاء حيث اكد عضو مجلس النواب عن كتلة التغيير، هوشيار عبد الله، ان كتلته مازالت على موقفها بشأن استفتاء اقليم كردستان، مشيرا الى ان إجرائه يأتي ضمن "اجندات شخصية وحزبية للتستر على ملفات فاشلة تورط بها الحزب الديمقراطي الكردستاني وشخص مسعود بارزاني"، على حد تعبيره.
وقال عبد الله خلال، في حديث تلفزيوني ان "حركة التغيير مازلت على نفس الرأي بأن هذا التوقيت للاستفتاء خاطئ وهذه الاجندة برمتها اجندة شخصية وحزبية لمسعود بارزاني"، مؤكدا بان "من اهم تلك الاجندات التي قد يحملها الاستفتاء على الصعيد الداخلي، تتمثل في تأجيل الانتخابات في الاقليم، وتمديد ولاية مسعود بارزاني مرة اخرى، الى جانب التستر على الملفات الفاشلة لدى الحزب الديمقراطي الكردستاني وحكومته خاصة قضية الرواتب والتستر على الملف النفطي، اما ما يتعلق بالصعيد الخارجي، فان الحزب الديمقراطي الكردستاني هو بيدق وليس لاعب، والاجندة التركية تركز على الاطماع في الموصل".
وأضاف أيضا "نحن نرى بان كافة الاطراف الاقليمية والدولية ومنها المجتمع الدولي، الولايات المتحدة الامريكية وجامعة الدول العربية والاتحاد الاوروبي ما عدا تركيا يقفون بالضد من استفتاء اقليم كردستان، كون تركيا اعطت الضوء الاخضر بشكل سري للحزب الديمقراطي الكردستاني للمباشرة بهذه الخطوة لان تركيا تريد ان تكون هناك قبرص اخرى في اقليم كردستان وتكون كردستان حديقة خلفية لسياساتهم".
وطالب النائب عن حركة التغيير الحزب الديمقراطي، بالتراجع عن "مواقفه السابقة والاحتكام الى لغة العقل والمنطق في التعامل مع الاوضاع التي تحيط بالمنطقة"، مشيرا الى وجود انقسام حاد داخل المجتمع الكردستاني بالرفض والقبول بالاستفتاء.
ويبدو ان هذا الموقف سيشعل خلافا كرديا كرديا من جديد حيث سبق للحزب الديمقراطي الكردستاني ان رفض بشدة تصريحات رئيس الجمهورية فؤاد معصوم بشأن استقلال اقليم كردستان وقال ان كرسي الرئاسة جاء على اكتاف وأصوات الكرد وهو لا يعادل قطرة من دمائهم وتضحياتهم ولن يسمحون لـ"معصوم" بالمساس بحلم تأسيس دولتهم وسيردون عليه يوم الاستفتاء .
وقال الحزب الديمقراطي في بيان انه "يرفض تصريحات معصوم التي اعلن فيها خلال لقاء البعثات الدبلوماسية بان الاستفتاء لا يعدو كونه طموحا، ولا يمكن أن يتحقق الانفصال في الوقت الحاضر" ، واصفة إياه بانه "تصريح خطير ورسالة سيئة الى دول العالم تعرقل نتائج الاستفتاء وتقلل من شأنها".
وقالت النائبة عن الحزب الديمقراطي بيريوان خيلاني ان تصريحات معصوم الخطيرة هي اساءة واستهانة كبيرة بارادة الشعب الكردي وتضحياتهم ومستقبل الاقليم وقالت ان معصوم فاق جميع المعارضين للاستفتاء في الاذى والالم ويبدو انه انسلخ من قوميته ومن أبناء جلدته على حد وصف البيان .
التعليقات