أكدت مباحثات أجراها وزير الدفاع الأميركي ماتيس مع رئيس اقليم كردستان بارزاني في أربيل، وجود خلافات عميقة حول استفتاء الاقليم للانفصال عن العراق وإعاقته للحرب ضد الإرهاب، فيما استبق بارزاني المباحثات بالمطالبة بضمانات دولية مكتوبة للاستجابة الى دعوات تأجيل الاستفتاء.
إيلاف من لندن: خلال مباحثات أجراها وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس مع رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني في أربيل الليلة الماضية فقد تطرق الجانبان الى استفتاء الاقليم للانفصال عن العراق، حيث اوضح الوزير تفهمه الكامل لحقوق ومطالب شعب كردستان وتقديره لنضال هذا الشعب والمآسي التي عانى منها لكنه أبدى قلق بلاده من الإستفتاء.
وأشار الى أن هذه المسألة كانت بعيدة عن التوقعات الأميركية، وأن الولايات المتحدة تعتقد بأن عملية الإستفتاء ستشكل عقبة أمام الحرب ضد إرهابيي داعش ومن الممكن أن تخلق الكثير من المشاكل للطرفين في الحرب ضد الإرهاب.. وقال إن بلاده ترحب بالمفاوضات بين أربيل وبغداد وتؤيد وتساند الحوار المستمر بين الجانبين.
ومن جهته، عارض بارزاني رأي المسؤول الأميركي مؤكدًا أن مسألة الإستفتاء ليست موضوعاً شخصيًا، وإن لهذه المسألة علاقة وثيقة بحقوق شعب كبير، وهي عبارة عن ممارسة طبيعية لهذا الحق وهي لا تتعارض البتة مع أي من مبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية، وهي لا تتسبب بحدوث أية عقبة أمام الحرب ضد الإرهاب، كما نقل عنه بيان لرئاسة الاقليم اليوم الاربعاء تابعته "إيلاف".
وأشار بارزاني الى "المآسي التي عانى منها شعب كردستان على مدى التاريخ المشترك مع دولة العراق وقد كان آخرها التجاوز على الدستور العراقي وإنعدام مبدأ الشراكة والتوافق، رغم ان الدستور يعطي هذا الحق لشعب كردستان بأن يقرر مصيره حيث تذكر ديباجة الدستور بشكل واضح بأن بقاء العراق موحداً مرهون بتطبيق الدستور".
واضاف بارزاني بأن التجارب السياسية في التاريخ الحديث أثبتت بأن أي إتحاد قسري لا يمكن أن يدوم ويبقى مستمرًا ولا يمكن ان ينجح.. وقال "لقد إخترنا نحن في كردستان القبول بصيغة الإتحاد الإختياري بشرط وجود وإحترام مبدأ الشراكة لكن هذه الشراكة لم تنجح ولذلك وبهدف قطع الطريق أمام حدوث مزيد من المشاكل إخترنا أن نعيش كجيران نحترم بعضنا البعض".. وشدد على أن أي مطلب بتأجيل الإستفتاء ينبغي أن يكون مترافقاً مع بديل أقوى من الإستفتاء كسبيل للوصول للإستقلال.
وأشار إلى أنّ شعب كردستان قد سلك طريقاً سلمياً بعيداً عن العنف، وإنه سيستمر بالسير في هذا الطريق لتحديد شكل العلاقة مع العراق وللوصول إلى قناعة مشتركة توكد على العيش في علاقة حسن جوار إيجابية بعيدة عن القتال والعنف.
وشدد بارزاني على أن إقليم كردستان سيستمر في حربه ضد إرهابيي داعش بكل اصرار كما عهده العالم سابقاً.. وأشار إلى أنّ تحرير الموصل لا يعني إنتهاء داعش والإرهاب وستبقى تهديدات الإرهاب مستمرة لأنه لا يعترف بأية حدود ولذا فإننا نحتاج الى تعاون وتنسيق مستمرين للقضاء على الإرهاب ودحره وإبطال تأثيراته.
ومن جانبه، أوضح وزير الدفاع الأميركي أن معركة تحرير الموصل ما كانت لتنجح وما كانت القوات المقاتلة حققت كل هذه الإنتصارات بدون مشاركة قوات البيشمركة الكردية.. وأكد أصرار بلاده في المضي قدما في مسار مواجهة الإرهاب،. واضاف أن التنسيق بين الجانبين كان أمرًا مهما جدا لضمان النصر في معركة الموصل.. مشيرًا الى رغبة بلاده في الإستمرار بالحرب ضد الإرهاب لكونه يشكل عدوًا مشتركاً للجانبين.
بارزاني يشترط ضمانات دولية مكتوبة لتأجيل استفتاء الانفصال
وكان بارزاني قد استبق مباحثاته مع ماتيس بالتأكيد في تصريحات أمس الثلاثاء على استحالة التراجع عن الاستفتاء إلا اذا تم تقديم ضمانات دولية مكتوبة للاكراد دون توضيح طبيعة تلك الضمانات.
وقال خلال لقاء مع عدد كبير من بيشمركة والشخصيات الاجتماعية ان الاكراد جربوا كل الطرق لحل المشكلات مع الحكومة المركزية في بغداد لكنها للاسف فشلت جميعا. وأشار إلى أنّه يخشى ان يطلب الاخرون من الجانب الكردستاني الرجوع الى خط الحدود في زمن رئيس النظام السابق صدام حسين.. مبيناً ان الكثيرين ينوون القدوم الى كردستان ليقولوا عودوا الى ذلك الخط اي ترك مناطق خانقين وكركوك وسنجار ومخمور والمناطق الاخرى التي كان من المفترض ان يحسم موضوعها وفقا للمادة 140 من الدستور العراقي الدائم.
وقال في كلمة نقلتها وكالة "شفق نيوز" الكردية من أربيل انه على الرغم من عدم الشك في كردية تلك المناطق الا ان بغداد لم تنفذ المادة 140 فجاء تنظيم داعش الإرهابي فانقسمت المنطقة بشكل عملي.
وشدد على انه من اجل تفادي الحروب قرر اقليم كردستان اجراء الاستفتاء للاستقلال الذي وصفه بالقرار الحكيم مشددًا على انه لذلك "من المستحيل علينا التراجع عن الاستفتاء وسيتم اجراؤه في 25 سبتمبر المقبل الا اذا تم تقديم ضمانات دولية مكتوبة وهذا ما لم يظهر لحد الا لذلك فان بيان سفير هنا او هناك لا يجعلنا نترك هذا القرار".
وخاطب بارزاني مواطني الاقليم قائلا "اذا نجحنا وإن شاء الله سينجح الاستقلال حينها شكلوا دولتكم وحكومتكم كما تحبون" منوهاً إلى أنّه حدثت مشاكل نتيجة ذلك وحصلت مشكلة ومساءلة فانا اتحمل المسؤولية وعلى استعداد للتضحية بنفسي". وأكد "نحن نريد تأسيس دولة ديمقراطية تكون ملكًا لجميع المكونات وان نخرج من حالة القلق والتردد وان نصبح دولة مستقلة من اجل خلاص الاجيال المقبلة من المشكلات لكي نعيش في راحة".
وامس وخلال اجتماعه مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، فقد أكد وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس رفض بلاده لاي اجراء يهدف لتقسيم العراق وزعزعة استقراره في إشارة الى استفتاء انفصال اقليم كردستان.
التعليقات