كشف ناشر صحيفة "نيويورك تايمز" الأحد أنه التقى الرئيس دونالد ترمب في البيت الأبيض، وحذره بلهجة قاسية من التداعيات "الخطيرة والمؤذية" لهجماته المتكررة على الصحافة.
إيلاف من واشنطن: يبدو أن اللقاء مع ناشر الصحيفة آرثر غريغ سالزبرغر لم ينجح في تبريد الأجواء المتوترة بين ترمب والإعلام.
وهاجم ترمب على تويتر من وصفهم بـ"الكارهين المعادين لترمب في قطاع الصحافة المحتضر"، معتبرًا أنهم "غير وطنيين".
عُقد الاجتماع بين ترمب وسالزبرغر في 20 يوليو بناء على طلب البيت الأبيض لإجراء لقاء بدا وكأنه جلسة تعارف روتينية.
قال سالزبرغر إن اللقاء الذي حضره مدير صفحة الرأي في الصحيفة جيمس بينيت بقي سريًا، بناء على رغبة البيت الأبيض، إلى أن أعلنه ترمب على تويتر صباح الأحد. وأعلن ترمب في تغريدة أنه "عقد لقاء جيدًا جدًا في البيت الأبيض مع آرثر غريغ سالزبرغر".
تابع الرئيس الأميركي "لقد أمضينا الكثير من الوقت ونحن نتكلم عن الكمّ الهائل من الأخبار الكاذبة التي تنشرها وسائل الإعلام، وكيف باتت هذه الأخبار الكاذبة تختصر بكلمة واحدة +عدوة الشعب+ هذا أمر محزن".
في بيان لاحق نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" أعلن سالزبرغر أن تغريدة ترمب تشكل عمليًا "إلغاء لسريته"، مشيرًا إلى أن الاجتماع اتّسم بالجدية.
خطيرة ومؤذية
تابع سالزبرغر في بيانه "قلت بصراحة للرئيس إنني أرى أن كلامه ليس عامل فرقة فحسب، بل هو خطير ويزداد خطورة". أكمل قائلًا: "قلت له إن تعبير +الأنباء المضللة+ غير صحيح ومؤذٍ، إلا أنني أبديت قلقًا أكبر إزاء وصفه للصحافيين بـ+أعداء الشعب+".
أضاف ناشر الصحيفة "حذرته من أن هذه اللهجة النارية ستساهم في زيادة التهديدات ضد الصحافيين ويمكن أن تحض على العنف"، بعدما اعتبر أن "هذا ما يحصل بالفعل في الخارج". قال أيضًا "إن بعض الأنظمة تستغل اللغة التي يستخدمها الرئيس لتبرير قمعها الواسع للصحافيين". تابع سالزبرغر "ناشدته العودة عن هذه الهجمات على الصحافة التي أعتقد بأنها خطيرة ومؤذية لبلدنا".
قال أيضًا "حذرته بأن ذلك قد يعرّض أرواحًا للخطر، ويؤذي قيم أمتنا الديموقراطية، ويؤثر على التزامنا بالدفاع عن حرية التعبير وحرية الصحافة"، مع التأكيد أن للرئيس بالطبع الحق على غرار ما كان يفعله أسلافه في انتقاد طريقة الصحافة لتغطية أعماله.
اكتفى البيت الأبيض بتأكيد حصول الاجتماع من دون الكشف عن أي تفاصيل. إلا أن ترمب أصدر أربع تغريدات بعد ساعات من صدور تقارير حول اللقاء، هاجم فيها مجددًا الصحافة، معتبرًا أن وسائل الإعلام هي "التي تعرّض أرواحًا للخطر، وليس أرواح الصحافيين وحدهم (...) عبر كشف معلومات داخلية للإدارة" الأميركية.
كما اعتبر ترمب في هذه التغريدات أن "الصحيفة&الفاشلة نيويورك تايمز وصحيفة واشنطن بوست التابعة لأمازون، تكتفيان بكتابة المقالات السيئة، حتى لو كان الأمر يتعلق بإنجازات إيجابية جدًا". وغالبًا ما تشكل صحيفة "واشنطن بوست"، التي يملكها صاحب شركة أمازون جيف بيزوس، على غرار "نيويورك تايمز" هدفًا لانتقادات ترمب.
وعندما تولى سالزبرغر صحيفة "نيويورك تايمز" خلفًا لوالده، بعدما أمضى سنوات كمراسل ومحرر، اعتبر ترمب في تغريدة أن سالزبرغر الابن يشكل "فرصة أخيرة" لكي تثبت الصحيفة حيادها، وتنشر الأخبار "بدون خوف أو محاباة". لكن مذّاك، وبعدما تناولت التايمز وغيرها المشاكل الشخصية والسياسية لترمب و"مغالطاته" المتكررة، عمد ترمب مرارًا إلى شن هجمات مضادة.
من بين الأوصاف التي أطلقها ترمب على صحيفة نيويورك تايمز في تغريداته شبه اليومية أنها "فاشلة وفاسدة" و"منحازة" وبأنها أسوأ الصحف "وتغطيتها الأقل دقة".
في المقابل تدافع الصحيفة عن مهنية صحافييها، وتؤكد أنها بعيدة كل البعد عن أن تكون "فاشلة" وأنها حققت نموًا في 2017 وارتفعت مداخيلها إلى 1.7 مليارات دولار بنسبة 8 بالمئة مقارنة مع العام السابق.
علاقة متقلبة&
يقول مراقبون إن علاقة الرئيس بصحيفة نيويورك تايمز متقلبة، ولطالما كان تواقًا إلى الفوز بتغطيتها الصحافية، إلا أن انتقاداتها أثارت غضبه. ويأتي اللقاء في وقت تشهد العلاقة بين ترمب والإعلام توترًا كبيرًا مع توجيهه باستمرار انتقادات لتقارير وسائل إعلام يعتبر أخبارها "مضللة".
أثارت تغريدات ترمب الأخيرة شكوكًا حول مدى نجاح اللقاء مع سالزبرغر في تخفيف تلك التوترات. وعلق محرر سابق في الصحيفة على وسائل التواصل الاجتماعي على فرص حصول مصالحة بالقول: "لا تحبسوا أنفاسكم".
ويبدو أن علاقة ترمب مع الإعلام بلغت أدنى مستوياتها. ففي الأسبوع الماضي نشب خلاف بين شبكة "سي إن إن" والرئاسة الأميركية التي رفضت دخول مراسلة الشبكة إلى البيت الأبيض للمشاركة في تغطية المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقد بين ترمب ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر.
اعتبر أوليفييه نوكس رئيس رابطة المراسلين المكلفين تغطية أخبار البيت الأبيض تصرف الرئاسة ردًا "في الاتجاه الخاطئ" استهدف مراسلة تؤدي عملها فحسب.
يأتي تحذير سالزبرغر من أعمال عنف ضد صحافيين بعد بضعة أسابيع من مقتل خمسة موظفين في صحيفة جراء إطلاق نار داخل مكتبها في أنابوليس في ولاية ميريلاند في 28 يونيو.
وأكدت الشرطة أن مطلق النار كان يكنّ ضغينة قديمة للصحيفة على خلفية مقالة نشرت في 2011 عن قضية تحرش جنائي رفعت ضده من أحد زملاء المدرسة الثانوية.
&
التعليقات