في ظلّ التحديات القائمة، والتعثر في ولادة الحكومة، برز مشروع تحرك فرنسي تجاه لبنان، فما الذي يدفع فرنسا إلى التحرك باتجاه لبنان، وما هو الغرض الفعلي وراء هذا التحرك؟.

إيلاف من بيروت: في ظلّ التحديات القائمة والتعثر في ولادة الحكومة، برز مشروع تحرك فرنسي تجاه لبنان، لكنّ شكله لم يتحدد بعد، مع العلم أنه ليس بجديد، إذ إنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كان أبلغ السلطات اللبنانية استمرار اهتمام فرنسا بلبنان في هذه المرحلة المصيرية في المنطقة، كذلك أبلغ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قراره زيارة لبنان، وكانت زيارته متوقعة في أواخر ربيع وبداية صيف 2018، لكن ما أرجأ موعدها، بعدما كان قد تحدّد مرتين، هو عدم تأليف الحكومة وصدور مواقف لبنانية لا تلتزم سياسة "النأي بالنفس" التي حصل التفاهم حولها بين فرنسا ولبنان أثناء زيارة عون لباريس.

قررت فرنسا خوض هذا التحرك، بعدما رأت أنّ النزاع الروسي ـ الأميركي في سوريا بدأ يأخذ أبعادًا أكثر مما يفترض، كذلك فإنّ فرنسا تتوقف عند تحرك روسيا في اتجاه لبنان، وهو الدولة التي تقيم معها علاقات مميزة منذ قرون، ولا ترغب في أن يضعف أي طرف دولي جديد دورها فيه، وتعتبر أنه إذا كان هناك تدويل للوضع في لبنان، فإنّ طريقه يفترض أن يمرّ عبر باريس.

ليست طرفًا
حول المشروع الفرنسي تجاه لبنان، يؤكد النائب السابق نضال طعمة في حديثه لـ"إيلاف" أن لبنان يبقى من الدول الصديقة لفرنسا، ويبقى ملف اللاجئين السوريين مدار بحث بين لبنان وفرنسا، وكذلك تفعيل دور المؤسسات اللبنانية وموضوع استخراج النفط اللبناني، وتبقى فرنسا حريصة على الوفاق في لبنان، وليست طرفًا في النزاع.

وردًا على سؤال "هل هناك دور فرنسي جدي اليوم لحلحلة قضايا لبنان الشائكة؟"، يجيب طعمة أن فرنسا تحاول دائمًا، علمًا أنها تبقى حريصة على أمن لبنان وسياسته، كما منحها الأميركيون الضوء الأخضر في هذا الشأن، تحاول فرنسا الوصول إلى اتفاق مع مختلف الفرقاء اللبنانيين.

يضيف طعمة: "يبقى أن فرنسا حريصة على لبنان، وحريصة أيضًا على النازحين السوريين ودعمهم كي يبقوا هنا. ولدى فرنسا مصالح تريد الحفاظ عليها، لكن هذا لا يعني أن لبنان لا أهمية له لدى فرنسا".

توطين النازحين
بالانتقال إلى الحديث عن النازحين السوريين وسؤاله "هل تبقى الزيارات الخارجية إلى لبنان، من بينها التوجهات الفرنسية، لأجل تشريع التوطين كما يشاع؟". هنا يؤكد طعمة أن لبنان لا يحتمل توطين السوريين ولا غيرهم، ونحن حريصون على أوضاع السوريين من الناحية الإنسانية، ولا أحد في لبنان يقبل بالتوطين.

"ما الغرض الفعلي من الزيارات الخارجية للبنان وخصوصًا الزيارات الفرنسية، وأي موضوعات يمكن أن يستفيد منها لبنان من خلال هذه الزيارات؟". برأي النائب السابق مصطفى علوش في حديث لـ"إيلاف" فإن "أهم الموضوعات تبقى المسألة السورية، واللجوء السوري والحل المتوقع له، ولبنان يجب أن يستفيد من خلال تأمين الإستقرار وتأمين الدعم المالي بانتظار الحلول".

عن اعتبار البعض أن الزيارات الخارجية للوفود الآتية إلى لبنان تبقى من أجل إقناع لبنان بتوطين اللاجئين السوريين فيه، كيف يمكن أن يتصدى لبنان لهذا الموضوع؟... يلفت علوش إلى أنه لا يمكن أن تكون الحلول على هذا النحو، والجميع يعرف أن التوطين شبه مستحيل مع المعطيات الحالية، لأن الدستور لا يسمح بذلك، وكذلك الواقع السكاني للبنان، وعلى دول العالم أن يسعوا إلى رد السوريين إلى بلادهم، في وقت يعاني لبنان من اكتظاظ سكاني ومن مشاكله وحساسيته التي لها علاقة بالطوائف. ورأى أن التوطين الذي يتم الحديث عنه مرتكز إلى بعض الأوهام والمخاوف أكثر مما هو أمر مطروح في الحقيقة.