لندن: ثمة حوادث في التاريخ صارت حقائق على الرغم من خطأها. فعملية التأريخ تكون أحيانًا بعيدة عن الموضوعية التي يجب أن تتمسك بها، ما يُغرق التاريخ المعروف بالكثير من القصص "الشعبي" الذي تحول تاريخًا بالتكرار والتواتر، من دون أي حجة أو دليل. هنا بعضها الأكثر شهرة.
بلقيس
لعل شهرة بلقيس، ملكة سبأ، في التاريخ لا تضاهيها إلا شهرة كليوباترا. لكن، على الرغم من قوة أسطورتها وحقيقة ظهورها في نصوص مسيحية ويهودية وإسلامية، لا يُعرف إلا النذر اليسير عن حقيقة الشخصية التي تقف وراء الاسطورة.
فالقصة التوراتية تصورها ملكة مستقلة تزور الملك سليمان، حاملةً معها هدايا من الذهب والأحجار الكريمة والتوابل. ويعتقد بعض الباحثين انها كانت تحكم مملكة سبأ في اليمن اليوم، وتنقلها نظرية أخرى الى أثيوبيا.
وبحسب ملحمة "كيبرا نغاست" الأثيوبية، كانت ملكة ماكيدا التي انجبت ولدًا من الملك سليمان، هو الامبراطور ميلينيك الأول، مؤسسة السلالة السليمانية.
قراقوش
ذكر بهاء الدين قراقوش كثيرًا بوصفه حاكمًا ظالمًا، إلا أنه كان خادمًا لصلاح الدين الأيوبي، وحين استقل صلاح الدين بمصر، سلمه زمام بلاطه، ثم عينه نائبًا عنه حين سفره خارج مصر.
يوصف قراقوش بأنه كان حسن المقاصد جميل النية يتمتع بهمة عالية. فهو من بنى السور المحيط بالقاهرة، ومن بنى قلعة الجبل وقناطر الجيزة.
بقي في خدمة صلاح الدين الأيوبي ثلاثين عامًا من دون أن يشك صلاح الدين في نواياه. وعلى الرغم من أنه مغمور، لا يعرف عنه إلا ما ورد في سيرة الأيوبي، فإن سمعته تعرضت لتشويه كبير، نقله من قائمة المهتمين بالعمارة إلى قائمة الطغاة.
بيبرس
سجل الظاهر بيبرس انتصارات عسكرية كبيرة تفوقت على انتصارات صلاح الدين الأيوبي نفسه، إلا أن معظم المؤرخين يتجاهلها بحجة أنه كان مملوكاً، قتل السلطان قطز بعد معركة عين جالوت. كان قطز قد قتل أقطاي، قائد بيبرس ومعلمه، فأقسم بيبرس على الانتقام لأقطاي. التاريخ يذكر بيبرس في موقعة القضاء على المغول في عين جالوت، وهذا خطأ، فأولى انتصاراته بدأت بانتصاره على الصليبيين في معركة المنصورة بمصر وأسر ملكهم.
تحالف مع السلطان قطز، وخاض معركة عين جالوت بنفسه، وقاتل كتبغة قائد المغول وقتله، فأصبح سلطان المسلمين. لاحق المغول إلى سوريا والعراق وقاتلهم وهزمهم وطردهم من بلاد المسلمين. كما لاحق فلول الصليبيين في فلسطين وسوريا ولبنان، وطردهم بسفنهم إلى بلادهم. على الرغم من هذا كله، يبقى أسير التجاهل التاريخي، لكن بصماته وانتصاراته ما زالت ماثلة.
جنكيز خان
يذكر جنكيز خان أحد أشد أمراء الحرب وحشية وقسوة، فيقول بعض التقديرات أنه أزهق نحو 40 مليون روح. على الرغم من أنه رئس أكبر امبراطورية عرفها العالم، تصوره القصص بسيطًا يفتقر إلى التخطيط، وهذا مخالف للواقع. فجنكيز خان استخدم مزيجًا من القوة العسكرية والقسوة والحروب النفسية والإرهاب للسيطرة على أعدائه، من إضاءة الحرائق الإضافية لإعطاء انطباع بأن جيشه أكبر مما هو، إلى تعزيز مكانة الجنود بحسب الجدارة. وهذا كله كان مترابطًا بنظام بريد متطور مكنه من جمع المعلومات وإرسالها في وقت قياسي.
كولمبوس
في الخيال الشعبي، الأوروبي الأول الذي اكتشف أميركا هو كريستوفر كولومبوس في عام 1492. لكن ثمة أدلة على وجود أوروبي في الأميركتين قبل كولومبوس بقرون عدة. ويعتقد أن أول أوروبي اكتشف القارة الأميركية، أو العالم الجديد، كان مستكشفًا يدعى ليف اريكسون توجه من غرينلاند إلى ما صارت اليوم كندا، في عام 1000م. تدعم هذه النظرية الاكتشافات الأثرية، تم التأكد من تواريخها بواسطة الكربون في مواقع عدة في كندا.
فراعنة
خلافًا لكل ما يقال، ما كانت كليوباترا جميلة على الإطلاق، فالعملات الرومانية القديمة أظهرتها متعضّلة الوجه، طويلة الأنف، صغيرة الشفتين، كما أن جسدها ما كان فاتنًا ومكتنزًا كملكات مصر القديمة الأصليات. وعكس الشائع، ما كانت الحضارة المصرية القديمة تقوم على تقديس الموت والإستعداد ليوم البعث. فالمصريون ما مارسوا طقوس الدفن والمومياوات تقديسًا للموت، بل حبًا بالحياة ذاتها، ورفضًا لذوبان الجسد وانتهائه من الوجود. كما أن الروايات تؤكد أن الحضارة المصرية قد اكتشفت بالكامل، وهذا غير صحيح. فثمة أسرار لم يكشف عنها، وألغاز كثيرة ما زالت بلا حل. فأغلب الناس يظنون اليوم مثلًا أن المصريين القدماء هم من اخترع الهيروغليفية، بينما الحقيقة تقول إن محتلين من غرب آسيا نقلوها إلى مصر. وثمة من يظن أنها قائمة على مدلولات سحرية أو لغة مشتقة من لغة السحرة باعتبارها مليئة بالثعابين والعصي ورؤوس الطيور. كما أن أعمال الحفر نقضت الاعتقاد أن العبيد أو الإسرائيليين هم من بنوا أهرامات مصر.
أعدّت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن مصادر عدة. الأصول منشورة على الروابط الآتية:
التعليقات