غزة: تواصل إطلاق الصواريخ الفلسطينية من غزة والضربات الإسرائيلية على القطاع ليل الاثنين الثلاثاء، ما يطيل أمد هذه المواجهات التي تعد الأخطر منذ 2014 وتعيد شبح حرب جديدة.

تفيد حصيلة جديدة أن أربعة فلسطينيين قتلوا في المواجهات التي أسفرت عن سقوط قتيل واحد وعشرات الجرحى في الأراضي الاسرائيلية. وقالت الشرطة الاسرائيلية إن الرجل الذي قتل في اسرائيل فلسطيني، موضحة أنها تدقق في أسباب وجوده في عسقلان.

ومنذ بعد ظهر الإثنين أحصى الجيش الاسرائيلي حوالي 400 صاروخ اطلقها فلسطينيون، وشن ضربات انتقامية على حوالي 150 موقعا لحركتي حماس وحليفتها الجهاد الاسلامي.

وتبنّت كتائب القسام مساء الاثنين اطلاق الصواريخ في بيان أعلنت فيه "بدء قصف مواقع ومغتصبات (مستوطنات) العدو بعشرات الصواريخ (...) ردا على جريمة الامس"، في إشارة إلى عملية للقوات الخاصة الاسرائيلية في القطاع ليل الأحد الإثنين.

يأتي هذا التصعيد بعد أشهر من التوتر الذي يثير مخاوف من نشوب حرب رابعة خلال عشرة أعوام، بين اسرائيل وحماس التي تسيطر على القطاع المحاصر والواقع بين الدولة العبرية ومصر والبحر المتوسط.

ولا يمكن التكهن إن كان هذا التصعيد الذي استمر لفترة أطول من حوادث سابقة، سيتراجع أم إنه سيستمر ويحبط بذلك الجهود التي تبذل منذ أسابيع لتجنب مواجهة جديدة.

تبادل الجيش الاسرائيلي وكتائب عز الدين القسام التحذيرات. ودوّت صفارات الإنذار طول مساء الإثنين وفي جزء من الليل في البلدات الاسرائيلية الواقعة حول قطاع غزة، ما دفع سكانها إلى التوجه إلى الملاجئ. وأغلقت المدارس الثلاثاء في عدد من البلدات ودعي السكان إلى عدم الابتعاد عن الملاجئ.

وقال ناطق باسم الجيش اللفتنانت كولونيل جوناتان كونريكوس إن الجيش الاسرائيلي حشد تعزيزات ووسائل كبيرة ونشر عددا إضافيا من البطاريات المضادة للصواريخ. وشاهد صحافي من وكالة فرانس برس دبابات تنقل باتجاه قطاع غزة في مشهد معتاد في فترات الاستنفار.

وصرح كونريكوس للصحافيين "نحن مستعدون لزيادة جهودنا ضد المنظمات الإرهابية".

وذكرت وسائل الإعلام أن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو سيعقد صباح الثلاثاء اجتماعا لحكومته الأمنية المصغرة التي تقوم بمناقشة أكثر القضايا حساسية.

وأكد الموفد الخاص للأمم المتحدة نيكولاي ملادينوف أنه يواصل العمل مع مصر المجاورة لإبعاد غزة عن "حافة الهاوية". وقال إن "تصعيد الساعات الـ24 الأخيرة بالغ الخطورة وغير محسوب". وذكرت فرق الإسعاف أن عشرات الاسرائيليين أصيبوا بجروح طفيفية خصوصا بسبب شظايا. وأكد الجيش الاسرائيلي أن معظم الصواريخ سقطت في مناطق غير مأهولة، لكن بعضها أصاب مباني مباشرة يقع أحدها في عسقلان.

وقالت وسائل الإعلام إنه تم انتشال سيدة في حالة حرجة. وبعد ذلك أعلنت فرق الإنقاذ أنها عثرت في الأنقاض على جثة رجل لم تعرف هويته، لكن تبين أنه فلسطيني، ويبدو في الأربعينات من العمر. ويعمل العديد من الفلسطينيين في اسرائيل.

اندلعت دوامة العنف بعد ظهر الإثنين بعدما أصيب جندي اسرائيلي بجروح خطيرة اثر صاروخ مضاد للدروع أطلق من قطاع غزة على حافلة إسرائيلية قرب كيبوتز كفر عزة غير البعيد عن شمال القطاع. وذكرت فرق الإنقاذ أن الجندي البالغ من العمر 19 عاما في وضع حرج.

وبعد إطلاق هذا الصاروخ الذي تبنته كتائب القسام، بدأ الجيش الاسرائيلي الذي لم يؤكد أن الحافلة كانت تقل جنودا، قصف غزة بينما أطلق الفلسطينيون الصواريخ.

توغل
بدورها، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة مقتل أربعة فلسطينيين وإصابة تسعة بجروح في الضربات الإسرائيلية.

ودمّرت غارة إسرائيلية مساء الاثنين مبنى "قناة الاقصى" التلفزيونية التابعة لحركة المقاومة الاسلامية (حماس) وفندقا يضم مكاتب لأجهزة الأمن في وسط مدينة غزة.

وبرّر الجيش الاسرائيلي تدمير مبنى القناة بالهجمات الصاروخية التي استهدفت إسرائيل. وقال في بيان إن قناة الأقصى "هي ملك حماس وأداتها". أضاف أن القناة "تساهم في التحركات العسكرية لحماس وخصوصاً عبر بث رسائل عملانية للناشطين وعبر الدعوة علنًا إلى أعمال ارهابية ضد إسرائيل وتوضيح كيفية تنفيذ هذه الأعمال الإرهابية".

ويشهد قطاع غزة ومحيطه منذ نهاية مارس توترا بين اسرائيل وحماس وحلفائها أدى في مرات عدة إلى أعمال عنف واسعة، لكن تراجعت حدتها خلال ساعات. وجرت مواجهات جديدة الأحد بعد توغل في إطار عملية للقوات الخاصة الاسرائيلية في القطاع باءت بالفشل على ما يبدو، وقتل خلالها ضابط إسرائيلي وسبعة فلسطينيين أحدهم قيادي محلي في كتائب القسام.

وقالت اسرائيل إن هدف العملية في غزّة كان "جمع معلومات استخباراتية، وليس عملية اغتيال أو خطف". وقال المتحدث العسكري رونين مانليس في بيان الإثنين إنّ "المهمة لم تجر كما كان مخططاً لها، وأدت إلى الاشتباكات".

من جانبها، أكدت كتائب عز الدين القسام أنّها عملية سرية لجنود على متن سيارة مدنية فلسطينية تم رصدها. وأضافت أن "الطيران الصهيوني بكل أنواعه تدخل في محاولة لتشكيل غطاء ناري للقوة الهاربة"، مشيرة إلى أن مروحية اسرائيلية قامت بإجلاء الجنود بالقرب من الحدود.

هدنة دائمة
الجندي الاسرائيلي هو الثاني الذي يقتل منذ نهاية مارس، الفترة التي سقط خلالها 231 فلسطينيا على الأقل برصاص اسرائيلي.

وكان نتانياهو الذي اختصر زيارته لفرنسا الأحد، عقد اجتماعا مع وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان والمسؤولين الأمنيين. لكن لم يعلن أي قرار بعد هذا الاجتماع.&

تأتي هذه التطورات الميدانية بينما كان يبدو أن الوضع في غزة يستقر بعد أشهر من المواجهات العنيفة بين الفلسطينيين والجنود الإسرائيليين بالقرب من السياج الذي يفصل بين القطاع والدولة العبرية. وفي هذا الإطار سمحت اسرائيل لقطر بتسليم غزة 15 مليون دولار من أجل دفع رواتب الموظفين في القطاع.

وتراجعت حدة المواجهات أخيراً بعدما كثّفت مصر وساطتها بين الفلسطينيين والإسرائيليين للتوصّل إلى هدنة دائمة في القطاع ووقف أعمال العنف التي يشهدها منذ شهور.
&