إيلاف من برلين: كانت قراءة أفكار الآخرين، والمعرفة المسبقة بنواياهم، من &قصص الخيال العلمي التي يشاهدها الإنسان في الأفلام، لكنّ العلماء النمساويين يقولون إنهم اقتربوا خطوة من تحقيق هذا الحلم.

ويعد هذا النجاح في قراءة الأفكار، مستقبلاً، بالقدرة على معرفة ما يخطط له البشر من تحركات قد تكون سلبية أو ايجابية. إذ أن ما تحقق، بحسب العلماء النمساويين، يعد أيضاً بتصحيح &خطوات الإنسان المقبلة قبل أن يتخذها، ويقولون انهم تمكنوا من التنبؤ أي قدم سيحركها فأر الاختبار أولاً وهو يتجه إلى جبنة في نهاية متاهة مخبرية. ناهيكم عن حقيقة انهم استطاعوا، قبل أن يتخذ الفأر طريقه داخل المتاهة، ان يعرفوا ما إذا كان سيتخذ الطريق الصحيح أو الطريق الخطأ.

وكتب علماء معهد العلوم والتكنولوجيا النمساوي انهم استخدموا حقائق علمية، مستوحاة من البريطاني جون أوكييف، ونالت جائزة نوبل، في قراءة أفكار الفئران في المختبر. وأضافوا انهم تمكنوا بالضبط من معرفة ما يفكر به الفئران في المختبر. بل أنهم عرفوا مسبقاً، من خلال قراءة نشاط الخلايا الدماغية في أدمغة الفئران، ما إذا كان الفأر سيرتكب خطأ أم لا.

&

&

توظيف لأفكار عالم حاز على نوبل

اعتمدت الدراسة على الصفائح الخلوية في الدماغ، التي اكتشفها الباحث أوكييف واعتبرها العلم بمثابة نظام كشف المواقع، كما هي الحال مع نظام تحديد المواقع من الأقمار الصناعية. وهو اكتشاف نال عنه أوكييف جائزة نوبل للعلوم في العام2014.&

ووصف أوكييف عمل هذه الصفائح الخلوية بأنها &ترسم خريطة ذهنية للموقع الذي يتواجد فيه الإنسان، أو الحيوان، وهو يحاول التكيّف مع المكان الذي هو فيه. ووجد العالم البريطاني- الاميركي ان هذه الصفائح الخلوية الدماغية تتواجد بكثرة في أدمغة الناس الذين هم بحاجة أكثر من غيرهم للتكيّف المكاني، مثل سائقي التكسي.

قراءة الخريطة الدماغية

العلماء النمساويون أرادوا معرفة كيف تستخدم الفئران هذه الصفائح الخلوية اثناء تكيفها مع المكان. وعلى أساس قراءة نشاط هذه الصفائح في الدماغ تمكن الباحثون من معرفة موقع الفأر وأي اتجاه سيسلك وأي طريق سيتخذ داخل متاهة.

وكتب الباحث يوزيف شيشفاري، في بيان صحفي، نشره معهد العلوم والتكنولوجيا النمساوي، انهم تمكنوا بالضبط من معرفة تصرف الفأر المقبل وكيف يفكر. وأضاف رئيس فريق العمل ان الفئران ارتكبت أخطاء أثناء تكيفها مع المكان حينما اضطرب عمل الصفائح الخلوية في أدمغتها، ولم تنطبق اشارات الصفائح تماماً مع الموقع الذي هي فيه.

واستخدم العلماء ثمانية فئران، حرموا ثلاثة منها من الطعام، وجعلوها تتحرك في المتاهة تجاه طعام. تركوا الفئران في الخطوة الأولى حرة تتحرك في المتاهة كي تتكيف مع المكان، وكانوا يقيسون نشاطها الدماغي، ونشاط الصفائح الخلوية، بشكل دائم.

وفي الخطوة الثانية كانت الفئران تعرف المكان، ولهذا تمكن العلماء من قراءة توجهاتها وكيف تفكر قبل أن تتوجه إلى الطعام في نهاية المتاهة. وطبيعي استخدمت الفئران ذاكرتها من الخطوة الأولى، وهو ما تمكن العلماء من قراءته.

وكتب شيشفاري ان فريق العمل تمكن من معرفة أي قدم سيحرك الفأر في بداية حركته نحو الطعام في المتاهة من خلال قراءة نشاط الصفائح الخلوية في الدماغ.

آليتان في التفكير

وظهر من التجارب ان الفئران تكيف نفسها مع المكان بواسطة آليتين، تستخدم في الأولى ذاكرتها"المرجعية" حول الطريق الأفضل المؤدي إلى الغنيمة، ثم تستخدم في الثانية ذاكرتها" العملية" لمعرفة أي الطرق سلكتها في السابق. ويرسم دماغ الفأر من الذاكرتين"خريطة طريق" تقوده إلى الطعام في نهاية المتاهة.

وكتب شيشفاري انهم تنبأوا، من خلال قراءة النشاط الدماغي، من معرفة ان الفأر سيتركب خطاً في تأقلمه مع المكان. ويحدث الخطأ دائماً حينما لاتصل الاشارة من الصفائح الخلوية إلى منطقة الدماغ المسؤولة عن الحركة.

ووصف العلماء النمساويون "الذاكرة المرجعية" على أساس أنها خزين المعلومات الذي يستخدمه الدماغ للوصول إلى الأمكنة. ورجح شيشفاري احتمال أن يرسل مركز الذاكرة المرجعية في الحصين (Hippocampus) إشارة إلى القشرة الدماغية الأمامية، وان الأخيرة تقرر المكان الذي يوجد به الفأر.


&