مراكش: نظمت رئاسة النيابة العامة بالمغرب يوما دراسيا في موضوع «إجراءات التعاون الدولي وفقا لاحكام اتفاقية بودابست المتعلقة بالجريمة المعلوماتية»&صباح& الإثنين&لفائدة قضاة النيابة العامة و ضباط الشرطة القضائية، بتعاون مع مجلس أوروبا، وذلك من أجل الإطلاع على الأليات و التقنيات الحديثة لمكافحة الجريمة المعلوماتية، باعتبارها مجالا يتطور باستمرار.

قال محمد عبد النبوي الوكيل العام لدى محكمة النقض و رئيس النيابة العامة بالغرب، إن 76 في المائة من المغاربة لا يقومون بحماية أنفسهم ضد مخاطر الأنترنيت لعدم علمهم بالأدوات المتوفرة لهذا الغرض، حسب ما أكدته الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات بالمغرب.

وأضاف عبد النبوي أن المغرب، وسعيا منه إلى تطوير ترسانته القانونية و ملاءمة قوانينها مع أحدث التشريعات العالمية، خاصة حين يتعلق الأمر بجرائم عابرة للحدود كالإجرام السيبراني (المعلوماتي)، فقد انضم لإتفاقية بودابست ليصبح بذلك العضو الستين في مجلس أوروبا.

واشار رئيس النيابة العامة إلى أن تطور الجريمة وفقا لظروف متغيرة، يستدعي متابعة مستجداتها عبر الحدود الإقليمية و الدولية و التعرف على الجرائم المستحدثة وخصائصها، وذلك من خلال اعتماد التقنيات الحديثة في التحقيق الجنائي و الإرتقاء بقدرات المحققين، لا سيما فيما يتعلق باستغلال الدليل الرقمي في إثبات الجريمة.

&

خوسي لويس إيريرو انصولا يلقي كلمته&

&

وقال عبد النبوي إن ذلك لن يتأتى من دون وضع الوسائل التقنية و البشرية اللازمة، مشددا على أهمية العنصر البشري باعتباره العامل الأهم في كل الجهود المبذولة لتحقيق الأمن الرقمي ومواجهة الجريمة المعلوماتية.

كما أشار إلى أن المغرب استفاد من برامج « سيبير جنوب » و « كلاسي » و « كلاسي بلوس » التي تنفذ بدعم من مجلس أوروبا، و كان من نتائجها تكوين مكونين متخصصين في الجريمة المعلوماتية في صفوف القضاة و ضباط الشرطة القضائية، و إدراج الجرائم المعلوماتية ضمن برامج التكوين الأساسي و المستمر بالمعهد الملكي للقضاء و المعهد الملكي للشرطة.

ويراهن عبد النبوي على أهمية تنظيم هذا اليوم دراسي في موضوع التعاون الدولي في مجال الجريمة المعلوماتي، ومشاركة القضاة وضباط الشرطة القضائية فيه، بالإضافة إلى خبراء مغاربة و أجانب، نظرا لما يكتسيه الموضوع من أهمية، خاصة مع دخول اتفاقية بودابست لمكافحة الجريمة المعلوماتية حيز التنفيذ بالمملكة المغربية، متوجها للحاضرين بضرورة فتح نقاش مع الخبراء الحاضرين، نظرا لما يشكله اللقاء من فرصة لتدارس أحكام الإتفاقية المذكورة على ضوء التشريع المغربي، للوقوف على ما تتيحه من إمكانيات هائلة في مجال التعاون الدولي بشقيه الأمني و القضائي، فضلا عن رصد الإشكالات القانونية ومظاهر الفراغ التشريعي التي تحتاج لتدخل المشرع، من أجل تتميم وتعديل أحكام التشريع الوطني في مجال التجريم و العقاب و الإجراءات الجنائية.

&

جانب من المشاركين في اليوم الدراسي

&

ودعا المسؤول القضائي القضاة و ضباط الشرطة القضائية، إلى تطوير الآليات الكفيلة بمكافحة الجريمة الإلكترونية، عبر دعم التكوين المتخصص و تبادل الخبرات و الممارسات الجيدة وملاءمة التشريعات مع مستجدات الجريمة المعلوماتية، سواء في الشق الموضوعي أو الشق الإجرائي، وكذا تقديم أجوبة قانونية ملائمة لما يطرحه الإجرام المعلوماتي و الدليل الرقمي من إشكالات وصعوبات تقنية وقانونية.

من جانبه، اعتبر خوسي لويس إيريرو انصولا ممثل مجلس أوروبا بالمغرب، أن دولة لوحدها لا يمكنها أن تكافح الجريمة المعلوماتية، باعتبار هذا النوع من الجرائم عابر للحدود، مما يتطلب منها الإنخراط في تعاون دولي في هذا الإطار، ومن هنا جاءت سياسة التعاون بين الدول داخل مجلس أوروبا الذي يهتم بقضايا أخرى مثل حقوق الإنسان و الديموقراطية.

وذكر المسؤول الأوروبي بأهمية موضوع الجريمة الإلكترونية، باعتباره موضوعا شائكا ومعقدا، وما زالت العديد من جوانبه القانونية غير معروفة لدى الممارسين، كما أنه يرتبط بسيادة الدول، مما يتطلب تظافر كل الجهود من أجل تطبيق بنود اتفاقية بودابست التي صادق عليها المغرب.

و لفت لويس إيريرو الإنتباه إلى كون الهاتف الذكي أصبح ملازما للأشخاص و يتضمن بيانات تفيد معلومات عن حامله أكثر مما يعرفه المقربون منه، مما يجعل منه وسيلة لممارسة الإجرام، عبر التلصص على البيانات الخاصة.

&

&

عبد النبوي يصافح ممثل مجلس أوروبا

&

وشدد المتحدث على أهمية الجوانب التقنية التي تتطلبها عملية مكافحة الجريمة، و التي تفرض على ممتهني هذا المجال ان يطوروا من إمكانياتهم و أليات رصدهم، نظرا لما يعرفه من هذا المجال من تطور سريع، سواء في الجريمة المنظمة (مخدرات، الإتجار بالبشر، الإرهاب..) أو جرائم ترتبط بالتلصص على الحياة الخاصة و استعمال المعلومات مثل الصور و البيانات، سيما في مواقع التواصل الإجتماعي.

من جهته ، اختتم عبد النبوي الجلسة الإفتتاحية بدعوة الحاضرين لتعميق النقاش و الإستفادة من الخبراء الحاضرين في المجال، مخاطبا إياهم بكونهم محظوظين، للإطلاع أكثر على الجرائم التي ترتكب في الأنظمة المعلوماتية، و التي أصبح معها المجرمون قادرين على ممارسة أنشطتهم الإجرامية وهم قاعدون في أمكنتهم خلف الحواسيب، دونما حاجة للتنقل إلى مسارح الجريمة.