نصر المجالي: ست نقاط تضمنتها رسالة قائد سلاح الجو الإسرائيلي الجنرال اليعازر شكيدي لطياريه الذين نفذوا الغارة الجوية التي دمرت منشأة "الكُبر" النووية السورية ليلة 5 - 6 من سبتمبر 2007.

وفي خطوة مفاجئة واستثنائية، اعترف الجيش الإسرائيلي يوم الأربعاء بأن طائراته دمرت منشأة في شرق سوريا يشتبه في أنها مفاعل نووي سري قبل أكثر من عشر سنوات. ويشير محللون إلى أن هذا الاعتراف الذي يحمل في طياته رسالة تهديد واضحة لإيران لخصم إسرائيل الرئيس في المنطقة.

 

لقطات من لحظة انطلاق الغارة الجوية في سبتمبر 2007

 

وحملت الرسالة السرية التي كان وجهها قائد سلاح الجو الإسرائيلي آنذاك لطياريه المقاتلين الذين نفذوا المهمة، النقاط التالية: 

1. يتم إرسالك اليوم للمشاركة في مهمة ذات أهمية قصوى لدولة إسرائيل والشعب اليهودي.

2. المهمة هي تدمير الهدف والانسحاب من دون سقوط طائرة، والقيام بذلك من خلال "طيران" بقدر الإمكان.

3. الهدف هو عدم ربط هذا الإجراء، على الأقل في المرحلة الأولى، بدولة إسرائيل والتقليل من احتمال اندلاع حرب أوسع.

4. الإجراء سري للغاية قبل وبعد تنفيذه، حتى يقرر قرار واضح خلاف ذلك.

5. نعتمد عليكم. نثق فيكم وأنا مقتنع بنجاحكم.

6. حظا سعيدا.

حرمان سوريا

ورأى موقع "Defense News" الأميركي المتخصص في الشؤون العسكرية في تقرير له، اليوم الخميس، أن رسالة إسرائيل من الكشف رسميا عن مسؤوليتها عن تدمير منشأة "الكُبر"، القول إنها حرمت سوريا من الحصول على سلاح نووي، وأنقذت العالم من احتمال وقوعه بيد "داعش".

 

4 صور لتدمير منشأة الكبر السورية

 

وأوضح الموقع أن مهمة تدمير مفاعل "البلوتونيوم" في الصحراء السورية من قبل إسرائيل استغرق تنفيذها أربع ساعات، وقد بدأت قبيل منتصف ليلة الخامس من سبتمبر 2007، قبل أسابيع قليلة من بدء تشغيله.

ونقل الموقع عن الميجور جنرال أميكام نوركين، قائد السلاح الجوي الإسرائيلي، والمسؤول الأول عن التخطيط وتنفيذ ذلك الهجوم الجوي على المنشأة السورية قوله: "تخيلوا لو كان يوجد اليوم في سوريا مفاعل نووي، بأي وضع سنصطدم؟".

أهم القرارات

وتوصل نوركين إلى استنتاج بشأن هذه العملية قائلا "أعتقد من منظور تاريخي أن قرار الحكومة الإسرائيلية بالعمل وتدمير المفاعل هو أحد أهم القرارات التي اتخذت هنا على مدى السنوات السبعين الماضية".

 

صورة لمنشأة الكبر النووية قرب دير الزور

 

ولفت الموقع الأميركي إلى أن إسرائيل قبل أن ترفع مؤخرا السرية عن وثائق وصور عمليتها ضد المنشأة السورية، لم تعترف مطلقا بأن ثمانيَ من مقاتلاتها ألقت 20 طنا من القنابل الخارقة للتحصينات على مفاعل مخبأ في أعماق وادٍ بالقرب من نهر الفرات، شمال شرق سوريا.

وأشار إلى أن تكتم تل أبيب الشديد والكامل بشأن تلك الغارة تواصل على الرغم من تقارير وسائل الإعلام المستندة إلى وثائق ويكيليكس، وشهادة الكونغرس، بل وإلى إشارة بالخصوص وردت في مذكرات الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن عام 2010.

عدم إحراج الأسد

وزعم المصدر أن إنكار إسرائيل لأكثر من عقد من الزمن مسؤوليتها عن العملية، كان الهدف منه عدم التسبب في إحراج غير مبرر للأسد، ما قد يدفعه إلى الرد بطرق تتحول إلى حرب.

في هذا الشأن قال الجنرال المتقاعد في القوات الجوية الإسرائيلية عاموس يادلين، وكان رئيسا للاستخبارات العسكرية وقت الهجوم الجوي: "كنت قلقا للغاية عام 2007 من إمكانية أن تتسبب العملية في نشوب حرب مع سوريا"، مضيفا: "كانت مهمتنا تتمثل في القضاء على تهديد وجودي لدولة إسرائيل، مع التقليل من خطر نشوب حرب واسعة النطاق".

يذكر أن يادلين هو الإسرائيلي الوحيد الذي شارك في تدمير مفاعلين نوويين، الأول في العراق عام 1981، وكان حينها طيارا، والثاني في سوريا عام 2007، وكان يتولى رئاسة الاستخبارات العسكرية.

بين غارتين 

وفي معرض حديثه عن الفريق بين الغارتين قال عاموس يادلين إن التحدي كان كبيرا في عام 1981 بسبب بعد الهدف "وعدم توفر وسائل للتزود بالوقود في الجو، وصور الأقمار الاصطناعية أو نظام GPS، والذخائر المتطورة المتوفرة لدينا اليوم".

وأوضح الجنرال الإسرائيلي المتقاعد أن قلق العسكريين الإسرائيليين حينها كان يتركز حول نجاح العملية بشكل مطلق، وذلك لأنه "لم تكن لدى العراق في ذلك الحين صواريخ يمكن أن تصل إلى إسرائيل، ولم يكن هناك خطر حقيقي من اندلاع حرب واسعة النطاق".

أما بشأن الغارة على سوريا عام 2007، فكان الوضع بحسب يادلين مختلفا، ومعاكسا لما حدث مع العراق، "لم أكن قلقا من النجاح العملي للهجوم، ولكن من خطر نشوب حرب. كان بإمكان سوريا أن تطلق 100 صاروخ علينا في صباح اليوم التالي، وكان يمكن أن يضعنا ذلك في موقف مختلف تماما".

تقرير وكالة الطاقة 

يشار إلى أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية كانت خلصت في تقرير لها ان المنشأة في دير الزور (سورية) التي دمرتها اسرائيل في سبتمبر عام 2007، كانت مفاعلا نوويا. واعلن هذا يوكيا امانو، مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية في دورة مجلس مدراء الوكالة التي افتتحت اليوم 6 يونيو العام 2011. واشار الى انه كان يتعين على سوريا اطلاع الوكالة على انشاء هذا المفاعل النووي.

وقال امانو حينها، انه رغم رفض سوريا التعاون مع الوكالة الدولة في توضيح القضايا التي تتعلق بالموقع في دير الزور، تسنى للوكالة الحصول على معلومات اخرى، اتاحت استخلاص الاستنتاج الانف الذكر.