منبج: في شوارع مدينة منبج السورية، تسير قوات التحالف الدولي دوريات ترفع الأعلام الأميركية تصل الى خطوط التماس مع فصائل سورية موالية لأنقرة، بعدما كررت تركيا أخيراً تهديدها بشن هجوم على المنطقة.
وإثر سيطرة القوات التركية على منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية في شمال سوريا، هدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالتوجه الى منبج على رغم تمركز قوات التحالف الدولي بقيادة أميركية في قواعد قريبة دعماً لقوات محلية عربية وكردية تتصدى لتنظيم الدولة الإسلامية.
وتعكس وتيرة تسيير التحالف لدوريات تضم آليات وعربات حديثة مصفحة، اضافة الى خنادق تستحدثها قوات مجلس منبج المحلي في الآونة الأخيرة، حالة من الاستنفار على وقع التهديدات التركية.
يقول قائد مجلس منبج العسكري محمد أبو عادل لوكالة فرانس برس "زاد التحالف الدولي عديد قواته مع أسلحتها الثقيلة عند خطوط الجبهات ويجري دوريات مستمرة (..) كما اتخذنا كل الاحتياطات لناحية انتشار عناصرنا على خطوط الجبهة". يضيف "بالتأكيد نأخذ التهديدات التركية بشكل جدي".
وهددت أنقرة التي تخشى حكماً ذاتياً كردياً قرب حدودها على غرار كردستان العراق، بالهجوم على كافة المناطق الكردية المحاذية لها من منبج وصولاً إلى القامشلي في أقصى شمال شرق سوريا.
وتحظى مدينة منبج بأهمية استراتيجية، اذ تبعد 30 كيلومتراً عن الحدود التركية وتقع بمحاذاة مناطق تسيطر عليها فصائل سورية موالية لأنقرة، أبرزها الباب غرباً وجرابس شمالاً. ولا تتجاوز المسافة الفاصلة بين تلك الفصائل مئات الأمتار.
ويتبع مجلس منبج العسكري الذي يسيطر على المدينة لقوات سوريا الديموقراطية التي طردت تنظيم داعش من المدينة في صيف العام 2016. وتتخذ قوات التحالف الدولي من قاعدة عند أطراف المدينة مقراً لها، كما تنتشر في نقاط أمنية محصنة عند خطوط التماس.
مناوشات
وينتشر حالياً في محيط منبج نحو 350 جندياً من التحالف الدولي معظمهم من الأميركيين والفرنسيين، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي تحدث عن تعزيزات جديدة للتحالف تضم عناصر من الطرفين وصلت في اليومين الأخيرين.
بعد جولة في المدينة ومحيطها، تعود العربات المصفحة التابعة للتحالف إلى أحد مراكزها عند أطراف المدينة، قبل أن تخرج دورية أخرى تقل جنوداً يضعون نظارات سوداء باتجاه خطوط التماس، وتحوم مروحية تابعة لهم في أجواء المدينة.
وتحسباً للتهديد التركي، يحفر مقاتلو مجلس منبج العسكري الخنادق حول المدينة بعدما عززوا إنتشارهم عند الحواجز الأمنية، حيث يجرون تدقيقاً مشدداً في هويات الداخلين إلى المدينة.
في احدى النقاط المحصنة بسواتر ترابية، يقول القيادي الميداني خليل مصطفى لفرانس برس "ازدادت المناوشات (مع فصائل سورية موالية لأنقرة) بعد انتهاء عملية غصن الزيتون (ضد عفرين)". ويضيف "قواتنا على أهبة الاستعداد لردع أي هجوم".
يأتي التشديد الأمني في منبج أيضاً بعد مقتل عنصرين من قوات التحالف الخميس، أحدهما أميركي والآخر بريطاني، جراء تفجير عبوة ناسفة في المدينة.
ورغم إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب في اليوم عينه أن بلاده ستسحب قواتها "قريباً جداً" من سوريا، ينهمك جنود أميركيون قرب قرية الدادات القريبة من منبج، ببناء نقطة عسكرية جديدة وتحصينها بالسواتر الترابية.
يقول مسؤول العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية في شمال سوريا عبد الكريم عمر لفرانس برس "أعتقد أنه من المبكر الحديث عن انسحاب اميركي فوري من المنطقة"، مضيفاً "الإرهاب ما زال موجوداً ويعيد تنظيم نفسه".
اتفاق حماية
وتنتشر في منبج قوات فرنسية تابعة للتحالف، شاركت وفق ما يوضح أبو عادل، في عملية "تحرير منبج من داعش". وصرح مسؤولون أكراد في الأسبوع الماضي اثر لقائهم الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في باريس أن فرنسا سترسل "قوات جديدة" إلى منبج، ما أثار غضب أنقرة التي حذرت من "اجتياح" فرنسي.
لكن باريس عادت وأوضحت بدورها أنها ليست في صدد تنفيذ أي عملية عسكرية خارج التحالف الدولي. وشددت على مواصلة المعركة ضد تنظيم داعش الذي يسيطر على بضعة جيوب متفرقة في سوريا.
ويوضح أبو عادل "لم ترفع فرنسا عديد قواتها حتى الآن" في منبج. وتعهد المقاتلون الأكراد والعرب في قوات سوريا الديموقراطية بالتصدي لأي هجوم على منبج. يقول المقاتل الكردي شيار كوباني أثناء تواجده على أحد خطوط الجبهة "تحدث مناوشات ليلية. يقصفون مواقعنا بالهاون والمدفعية ويطلقون البالونات الحرارية لرصد تحركاتنا". ويضيف "نحن في حالة استنفار، ونعزز قواتنا أكثر".
يكرر قياديون محليون الاشارة الى وجود اتفاق ثابت مع التحالف الدولي "لحماية" مدينة منبج التي تقع في نطاق عمليات التحالف.
ويقول قائد مجلس منبج العسكري "كما حررنا منبج من داعش، سنحافظ عليها مع التحالف الدولي من تركيا وسواها".
التعليقات