كراكاس: سمح البرلمان الفنزويلي الثلاثاء، بفتح تحقيق بشأن الفساد ضد الرئيس نيكولاس مادورو، لكن هذا التصويت لن يفضي على الارجح الى نتيجة، لان القضاء يعطل كل قرارات هذه المؤسسة الوحيدة، التي تسيطر عليها المعارضة.
خلال جلسة لم يتمكن الصحافيون من حضورها، بعدما منعتهم الشرطة العسكرية من ذلك، صوّت البرلمانيون على اجراء محاكمة للرئيس الفنزويلي، المتهم بالتورط في فضيحة كبيرة مرتبطة بمجموعة الأشغال العامة اوديبريشت، التي تهز اميركا اللاتينية.
جاءت هذه الخطوة بينما تشهد فنزويلا أزمة سياسة واقتصادية حادة نجمت من انخفاض أسعار النفط، ثروتها الوحيدة، وسوء إدارة الثروة وفق محللين.
تفاقمت الازمة في الاشهر الاخيرة بعد قرار تقديم موعد الانتخابات الرئاسية إلى 20 مايو بدلا من ديسمبر، ما اثار استياء من الاسرة الدولية - واشنطن والاتحاد الاوروبي وعدد من دول اميركا اللاتينية. وكانت النائبة العامة السابقة لويزا اورتيغا اكدت ان الحملة الانتخابية لنيكولاس مادورو في 2013 تلقت اموالا من مجموعة اوديبريشت. وقد اقيلت منذ ذلك الحين، واضطرت الى مغادرة البلاد.
ينص القرار الذي صوّت عليه 105 نواب معارضين، ورفضه النائبان الوحيدان في المعسكر الرئاسي، اللذان حضرا الجلسة، على ان "هناك حججًَا كافية لمواصلة الإجراءات القضائية لوقائع فساد ضده".
وقال مادورو عبر التلفزيون "يرشقونني بالحجارة فترتد عليهم". وبدون ان يذكر التصويت، تحدث مازحا عن احد اعضاء البرلمان النافذين، قائلا ان هنري "راموس بات لديه كومة من الحجارة".
ويتوقع ان يبقى التصويت رمزيًا، لانه منذ ان بدأ هذا البرلمان، الذي تشكل فيه المعارضة غالبية عمله في 2016، ابطلت المحكمة العليا المعروفة بقربها من السلطة التنفيذية، كل القرارات التي تبناها النواب. حققت المعارضة فوزا تاريخيا في الانتخابات التشريعية التي جرت في نهاية 2015، وحصدت 112 من مقاعده البالغ عددها 167، لكن في الواقع لم تتمكن من ممارسة اي سلطة فيه.
في المقابل، انتخبت في يوليو جمعية تأسيسية جل أعضائها من أنصار مادورو وانتزعت من البرلمان معظم الصلاحيات. ودان النائب العام طارق وليام صعب (ينتمي الى تيار الرئيس الراحل هوغو تشافيز 1999-2013) تصويت الثلاثاء، معتبرا انه "مسرحية سوقية ولا اخلاقية". واكد انه "لا شرعية" لهذا التصويت اطلاقا.
تظاهرة واعتقال صرافين
ادت الأزمة الاقتصادية في هذا البلد النفطي الى نقص 95 بالمئة من أدوية الامراض المزمنة، و85 بالمئة من الادوية التي تعتبر اساسية، مثل تلك المخصصة لعلاج ضغط الدم، وفق اتحاد الصيادلة. وتظاهر مرضى واطباء الثلاثاء ضد هذا النقص والاجور التي يعتبرها العاملون في القطاع الطبي غير كافية. وردد المتظاهرون "راتب وادوية!".
قالت زولي غارسيا المشاركة في التظاهرة أمام مستشفى الاطفال "جي ام دي لوس ريوس" في وسط كراكاس وهي تحمل ابنتها البالغة من العمر اربع سنوات، لوكالة فرانس برس "ابنتي مصابة بمرض في القلب وتحتاج الكثير من الادوية (...) التي لا يمكنني الحصول عليها".
اضافت "انها بحاجة الى عملية زرع قلب يمكن ان تجرى في الارجنتين، لكنني لم أحصل على مساعدة"، مطالبة مثل نحو مئة متظاهر حولها الرئيس الاشتراكي بفتح "ممر انساني" لنقل ادوية ومعدات من الخارج الى المستشفيات في البلاد.
وكشف تقرير للبرلمان ومنظمة اطباء من اجل الصحة غير الحكومية ان المستشفيات الفنزويلية ينقصها 79 بالمئة من المعدات الجراحية، بينما تعاني كل المختبرات من نقص في المواد اللازمة لانجاز التحاليل. ويحصل طبيب في القطاع العام على حد ادنى من الاجر يتيح له بالكاد شراء اكثر بقليل من كيلوغرام واحد من اللحم.
مقابل مستشفى خوسيه غريغوريو ايرنانديز في وسط كراكاس ايضا اغلق اطباء وممرضون ومرضى الطريق وعطلوا حركة السير. وقال خوسيه كاريراس (55 عاما) الذي كان على كرسي متحرك "لست قادرا على الحصول على المضادات الحيوية التي احتاجها".
جرت تظاهرات في مستشفيات اخرى في العاصمة ومدن اخرى تخللت بعضها مواجهات بين متظاهرين وقوات حفظ النظام، كما ذكرت وسائل الاعلام ومنظمات غير حكومية.
من جهة اخرى، اوقفت السلطات الفنزويلية 86 شخصا، وجمدت حوالى اربعة ملايين دولار في حسابات مصرفية خلال عملية ضد شبكات يشتبه بانها تتلاعب باسعار الصرف. وقال الرئيس الفنزويلي خلال احتفال رسمي بثته الاذاعة والتلفزيون "انها اكبر واقوى عملية امنية جرت في فنزويلا".
من جهته، اوضح نائب الرئيس الفنزويلي طارق العيسمي ان بين الموقوفين كولومبيين ومن جنسيات اخرى، موضحا ان اكثر من 1130 حسابا في عشرين مصرفا تم تجميدها.
على بعض المواقع التي استهدفتها العملية، يبلغ سعر العملات اكثر بحوالى 12 مرة في بعض الاحيان من السعر الرسمي. وتحمل الحكومة هؤلاء مسؤولية خسارة العملة الوطنية لاكثر من تسعين بالمئة من قيمتها والتضخم الهائل الذي يضرب البلاد. واتهم العيسمي من جديد كولومبيا بالوقوف وراء التلاعب باسعار الصرف "لزعزعة استقرار" فنزويلا واسقاط الرئيس مادورو.
التعليقات