تحتفل الأكاديمية الملكية للفنون في بريطانيا هذا العام بمرور 250 عامًا على تأسيسها. ويجتمع جميع أعضاء الأكاديمية المنتخبين من فنانين ومعماريين ثلاث مرات على الأقل في السنة للموافقة على تعديل قوانينها وانتخاب أعضاء جدد ومناقشة قضايا تتعلق بشؤون الأعضاء بإدارة رئيس الأكاديمية الرسام والنحات كريستوفر لي برون. وغالبًا ما تنتهي هذه الاجتماعات بجدالات حامية.

تراشقات عنيفة
كانت المعارك والعداوات جزءًا من نسيج الأكاديمية الملكية منذ تأسيسها، وأشهرها العداوة المريرة بين الرسامين ترنر وكونستابل.

وفي أواخر التسعينات يُقال إن السير نورمان روزنتال، الذي كان مدير المعارض، رشق أمين الأكاديمية وقتذاك ديفيد غوردن بهاتف، فتعيّن على الحراس أن يتدخلوا لفك الاشتباك.

تضم الأكاديمية الآن 79 عضوًا بالمقارنة مع 36 عضوًا حين كانت بإدارة الرئيس المؤسس السير جوشوا رينولدز. بالتالي فإن دور الرئيس أكثر تعقيدًا اليوم منه في أي وقت مضى، ولي برون بوصفه الرئيس السادس والعشرين يقوم بدور قوة حفظ السلام من جهة، وبدور سفير من جهة أخرى.

غير ممتعة إطلاقًا
يقول لي برون ضاحكًا إنه يعمل رئيسًا ثلاثة أيام، ويرسم ثلاثة أيام، وفي اليوم السابع يصبح أبًا وجدًا وزوجًا، ويقص عشب حديقة البيت.

من اليسار: تيم مارلو ، المدير الفني، تشارلز سوماريز سميث، السكرتير والرئيس التنفيذي، ريبيكا سالتر، حارس الأكاديمية الملكية. كريستوفر لو برون، رئيس الأكاديمية الملكية

يضيف لي برون أن أعضاء الأكاديمية يقولون إنها مركز للمناظرات، لكنه يعترف بأنها مناظرات "ليست ممتعة". بحث لي برون هذا الوضع مع جاستن ويلبي كبير أساقفة كانتربري حين التقاه على عشاء خاص بضيافة الملكة في قلعة ويندزور. وعندما سأله لي برون عن أحواله أجابه ويلبي: "أنا الشخص الوحيد في كنيسة انكترا الذي لا تُنفذ إرادته". فرد عليه لي برون إن زعيم كنيسة انكلترا في ذلك مثل حاله هو.

أحدث مشاريع رئيس الأكاديمية كان أكبر التحديات التي واجهها حتى الآن، وهو الإشراف على تجديد الأكاديمية بكلفة 56 مليون جنيه إسترليني. وستُفتتح الأكاديمية بحلتها الجديدة في 19 مايو بمناسبة ذكرى تأسيسها قبل 250 سنة. استغرق تنفيذ المشروع ثلاث سنوات، وهو يضم جسرًا من الخرسانة الصناعية والزجاج، يربط بين مجمعي الأكاديمية، بما في ذلك مدرستها الفنية.

ثماني رؤى متكاملة
"الأكاديمية الملكية الجديدة" كما يُعرف المشروع هي من تصميم السير ديفيد تشيبرفيلد، الذي انتُخب عضوًا فيها عام 2007. وبصفته معماريًا وعضوًا كان من القلائل الذين استطاعوا التعامل بنجاح مع مشروع كهذا.

وأوضح تشيبرفيلد أن المشروع ليس رؤية واحدة كبيرة، بل ثماني رؤى صغيرة، تشكل رؤية كبيرة. وأكد "أن إقناع الفنانين والنحاتين والزملاء الأكاديميين لم يكن معقدًا، فهم مجموعة راقية". 

أُنشأت الأكاديمية الملكية في عام 1768 عندما نجح لفيف من 22 فنانًا ومعماريًاً في نيل "رعاية الملك جورج الثالث وحمايته". وأعضاؤها اللاحقون الذين دائمًا ينتخبهم الأعضاء العاملون أسماء لامعة، بينها غينزبورو وترنر وكونستابل وليتون وزوفاني وميليس وسون وكاوفمان ونايت وفرنك وهوكني، و"جلبرت وجورج"، اللذان انتخبا في العام الماضي بصفة عضو واحد.

تجديد صورة
تعتبر مجموعة الأكاديمية، التي تتألف من أعمال يتبرع بها الأعضاء، أو يتركها لها أعضاء راحلون، من أفضل المجموعات الفنية الموجودة في أي غاليري أو متحف في بريطانيا، تجمع بين روائع من عصر النهضة وما قبل الرفائيلية والفن الحديث. 

بعض الأعمال كانت محفوظة في مخازن الأكاديمية، ولكن بعد تجديدها ستُعرض في غاليري خاص سيُفتتح بمختارات لي برون الشخصية، ومنها رائعة ليوناردو دافنشي "العشاء الأخير"، التي رسمها في القرن السادس عشر. تضاف إلى ذلك رقمنة أكثر من 10 آلاف عمل من المجموعة ستكون متاحة على الانترنت بالتزامن مع حلول ذكرى تأسيس الأكاديمية.

يقول مراقبون إن تجديد مبنى الأكاديمية سيعمل على تجديد صورتها القديمة، ويعيد المؤسسة إلى الغرض الذي وجدت من أجله، وهو ألا تكون مجرد مكان لإقامة المعارض فحسب، بل ومركز علم أيضًا. وتتمتع مدرسة الأكاديمية بسمعة كبيرة، حتى إن 688 متقدمًا تنافسوا في العام الماضي على 16 مقعدًا للدراسات العليا. ويضم مبناها الجديد قاعة محاضرات ذات 250 مقعدًا.

حين بدأ مشروع تجديد الأكاديمية الملكية عام 2015 قال تشبرفيلد مازحًا: "نحن نفتح ثغرة في الجدار، ونمد جسرًا صغيرًا". ولكن الأكاديمية الملكية للفنون أكثر من ذلك بكثير. 


أعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "دايلي تلغراف". الأصل منشور على الرابط:

https://www.telegraph.co.uk/art/artists/royal-academy-250-inside-sir-david-chipperfields-new-56-million/amp/?WT.mc_id=tmg_share_tw&__twitter_impression=true