«إيلاف» من بيروت: بعد الإعتداءات على مرشحين في لبنان، وكان آخرها الإعتداء على المرشح والإعلامي علي الأمين من قبل عناصر من حزب الله، يطرح السؤال هل الخطابات الموتورة والاعتداءات على المرشحين تبقى كلها من ضمن الصياغة الانتخابية أم هي انتهاك للديموقراطية في لبنان؟

يعتبر الوزير والنائب السابق بشارة مرهج في حديثه لـ"إيلاف" أن الخطاب السياسي المتطرف يبقى تقليدًا انتخابيًا قديمًا، لأن معظم المرشحين يرغبون شد العصب الطائفي ولمّ الطائفة المعنية حولهم، على اعتبار أن أساس الطائفة هو المعمول بها في قوانين الانتخاب وفي إدارة شؤون الدولة، لذلك كل المرشحين أو معظمهم يسعون إلى مخاطبة الغرائز وهذه العصبيات لتأمين أكبر عدد من الأصوات، وبالتالي فيما هم يربحون بعض الأصوات المتطرفة، فإن الوطن يخسر بسبب التوتر الطائفي، لأن كل خطاب طائفي يستوجب خطابًا طائفيًا في المقابل، وبالتالي نشهد اليوم هستيريا طائفية وسببها الرئيس ليس فقط التقليد الانتخابي، بل أيضًا القانون الانتخابي الجديد، الذي كرّس النسبية بمفهوم أكثري، وهو لم يعتمد في أي دولة غير لبنان، حيث أن الصراع ليس بين اللوائح في ما بينها فقط، بل انتقل الصراع إلى داخل اللائحة الواحدة بفعل الصوت التفضيلي الذي يساهم في شرذمة الحياة السياسية.

وبحسب مرهج أنه كان يجب إعادة النظر في هذا القانون بطريقة جذرية، ويجب على هيئة الإشراف على الانتخابات أن تلاحق أي تصرف أو اعتداء على المرشحين، والناس يلمسون الكثير من التصريحات، والكثير من تلك الاعتداءات تبقى خروجًا عن القانون.

الاعتداء الجسدي

من هذه الأعمال نلاحظ أن الخطاب السياسي أوصل اليوم إلى حد الاعتداء الجسدي على بعض المرشحين، يؤكد مرهج أنه عندما يصبح التجييش الطائفي هو المحرك الأساسي للعملية الانتخابية تحصل كل تلك الاعتداءات، تتوتر النفوس ويتراجع العقل وتصبح المشاكل والإشكالات قريبة جدًا، وكلما تواجه خصمان متنافسان وأُطلقت الشعارات والشعارات المضادة، وفي كثير من الأحيان تحصل الاعتداءات.

ويشير مرهج إلى أن الاعتداء الذي يقع حاليًا أساسه الطبقة السياسية العليا، هي التي تحرّض وهي التي تساهم في الإشتباكات وعدم الإستقرار، في سبيل مصالح فردية وفئوية.

علمًا أن الشعب لو تُرك له الخيار فهو لا يحب النزاع والإشتباك، إنما بسبب هذه الظروف وتحريض الطبقة السياسية واعتماد الطائفية والخطاب الطائفي يتم الاعتداء.

اعتداءات متكررة

ولدى سؤاله هل الوضع مرشح إلى المزيد من الاعتداءات على المرشحين قبل الانتخابات النيابية التي أصبحت قريبة؟ يجيب مرهج أن كل الاحتمالات واردة، والأمور قد تتجه الى المزيد من الاعتداءات، والتي لها طابع انتخابي وطائفي في العمق، وكل مشاهد الاعتداءات قد تكون الى ازدياد حتى الـ6 من مايو المقبل.

ضبط الخطاب

كيف يمكن العمل أكثر لضبط الخطاب السياسي في لبنان كونه السبب المحرض لكل الاعتداءات التي نشهدها خلال فترة الانتخابات في لبنان؟ يجيب مرهج أن ذلك يبقى من واجب الطبقة السياسية أن تكون بمستوى الدستور وبمستوى العمل الحضاري للعملية الانتخابية، فكل العالم ينتظر من لبنان أن يشكّل تجربة ديموقراطية في الانتخابات مقبولة ولا نقول رائدة، لكن للأسف الشديد، يتابع مرهج، ما نراه حتى اليوم من اعتماد خطاب تحريضي طائفي موتور لا يدل على أن هناك رغبة عامة في تهدئة الأوضاع وفي اتاحة المجال للناس في الانتخاب بصورة طبيعية وحسب إرادتهم، إذا أن هناك ضغوطًا تُمارس على اللبنانيين، وهذا الخطاب الطائفي يبقى من ضمن تلك الضغوط.

عن الفساد في العملية الانتخابية هل يمكن ضبطه بموازاة ضبط الخطاب السياسي، الذي يؤدي الى الاعتداءات؟ يرى مرهج أنه من ضمن القوانين يمكن ضبط الفساد والخطاب الطائفي والمتطرف بتدخل سلطة القضاء وتدخل هيئة الإشراف على إجراء الانتخابات، لكن القانون نفسه هو الذي يكرّس الطائفيّة والمذهبيّة ويفتح المجال واسعًا أمام الفساد.