واشنطن: بدأ وزير الخارجية الأميركي الجديد مايك بومبيو خلال يومه الأول في منصبه الجمعة محادثات مع شركاء واشنطن في حلف شمال الأطلسي في مهمة للدفاع عن أحد أهم مرتكزات سياسة رئيسه دونالد ترمب ألا وهو مطالبة الدول الأعضاء في الحلف بدفع مستحقاتهم. 

وقال وزير الخارجية الأميركي للأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ "قفزت على طائرة وجئت مباشرة إلى هنا" وذلك لدى لقائهما قبل بدء اجتماع وزراء الخارجية في مقر الحلف في بروكسل. 

وفي مستهل ترحيبه بالمدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية، قال ستولتنبرغ إن مسارعة بومبيو للحضور بعد وقت قصير من تثبيته من قبل مجلس الشيوخ الخميس يعد "تعبيرا عظيما عن أهمية الحلف". 

لكن الرسالة التي يحملها بومبيو معه من واشنطن لن تلقى ترحيبا مشابها من جميع اعضاء حلف الأطلسي. ويطالب ترمب الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي بزيادة إنفاقها العسكري وبالتالي تخفيف العبء عن الدولة الأكثر مساهمة في الحلف. 

وأبدت بعض الدول، على رأسها ألمانيا الثرية، ترددا في الوفاء بالالتزامات التي اتخذتها خلال قمة للحلف في ويلز في سبتمبر 2016 والمتمثلة بزيادة النفقات الدفاعية للوصول إلى هدف 2% من اجمالي الناتج الداخلي. 

واعتبر ترمب مرارا أن عدم الوفاء بهذا الالتزام يعد بمثابة عدم دفع الدول الاعضاء لمستحقاتها. وقال مسؤولون أميركيون إن بومبيو سيحمل هذه الرسالة إلى بروكسل كما فعل سلفه ريكس تيلرسون. 

ولدى وصوله، أشار وزير الخارجية الألماني هيكو ماس إلى مساهمة برلين في العمل الإنساني في العراق وسوريا قائلا "تلعب ألمانيا دورا هامة للغاية". 

وعند استقباله رؤساء جمهوريات البلطيق في وقت سابق هذا الشهر، أشاد ترمب بالدول الثلاث الواقعة في الخاصرة الشرقية لحلف شمال الأطلسي مع روسيا بالمقارنة مع الدول الشريكة الأقدم في أوروبا الغربية. 

وتهدف محادثات يوم الجمعة لوزراء الخارجية الـ29 إلى جانب اجتماع وزراء الدفاع المقبل في مايو للتحضير لقمة في يوليو قد تشهد مواجهة بين الولايات المتحدة من جهة واعضاء في الحلف في مقدمتهم ألمانيا من جهة أخرى. 

"تهديد واحتلال"

وفي مسعى لإقناع شركاء واشنطن بزيادة انفاقهم الدفاعي، سيؤكد بومبيو على الخطر الذي تشكله روسيا التي قال مسؤول أميركي رفيع إنها "أظهرت قدرتها على التهديد والإكراه والتقويض وحتى احتلال جيرانها". 

وقال "سنؤكد كم هو مهم بالنسبة لجميع الحلفاء أخذ هذا التهديد بجدية للوفاء بالتزاماتهم في قمة ويلز بدفع 2% من إجمالي الناتج الداخلي وتكريس 20 بالمئة من ميزانياتهم الدفاعية للمعدات الثقيلة بحلول 2024". 

وأضاف أن "ست دول في حلف شمال الأطلسي تقوم بذلك حاليا وقدمت تسع دول خططا ذات مصداقية للقيام بذلك وحان الوقت للاعضاء الـ13 الباقين في الحلف لزيادة للتحرك، وخاصة ألمانيا، أكبر وأغنى عضو في حلف شمال الأطلسي". 

وفي الوقت الذي يجتمع الوزراء في بروكسل، ستكون المستشارة الألمانية انغيلا ميركل في واشنطن لاجتماع منتظر مع ترمب، مباشرة بعد زيارة دولة ناجحة قام بها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون. 

وشاركت مقاتلات فرنسية وبريطانية في ضربات عقابية قادتها واشنطن واستهدفت ترسانة النظام السوري من الأسلحة الكيميائية. لكن ألمانيا لم تشارك في العملية بينما يرجح أن يكون لقاء ميركل بسيد البيت الأبيض أقل ودية من ذاك الذي جمعه بماكرون. 

وقال مسؤول أميركي رفيع إن ألمانيا لا تنفق إلا 1,24 بالمئة من إجمالي ناتجها الداخلي على الدفاع وتخطط لزيادة ذلك فقط إلى 1,25 بالمئة بحلول 2021. وأضاف "أعتقد أن هناك ادراك في ألمانيا بوجود حاجة للقيام بالمزيد وأتوقع أن يتم التطرق إلى ذلك خلال اجتماعات هذا الأسبوع". 

وسيتصدر التهديد الروسي جدول أعمال اجتماع الجمعة، الذي سيكون أول تجمع لوزراء خارجية حلف شمال الأطلسي منذ تسميم العميل الروسي المزدوج السابق سيرغي سكريبال في بريطانيا والأخير قبل ترك الحلف مقره العائد إلى حقبة الحرب الباردة إلى مقر جديد. 

وانتقد الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ خلال مؤتمر صحافي قبيل المحادثات سلوك موسكو "الخطير" مشيرا إلى ضمها شبه جزيرة القرم والتدخل في أوكرانيا والانتخابات في الدول الغربية والهجمات الالكترونية ونشر المعلومات الكاذبة.

وسينظر وزراء حلف شمال الأطلسي في ما سيكون بإمكانهم القيام به لمواجهة التهديد الروسي لكن ستولتنبرغ قال إن الحلف سيبقى منفتحا تجاه "الحوار الجاد". 

مئات الجنود

لكن بعض الدول الأعضاء في حلف الأطلسي تخشى من أن سمعة بومبيو كشخصية صدامية قد تنعكس على سياسة الحلف ثنائية المسار حيال روسيا والتي تجمع بين الردع العسكري والدبلوماسية. 

ويتوقع أن يتحدث ستولتنبرغ في نهاية الاجتماع الأخير للوزراء في قاعة مجلس شمال الأطلسي التاريخية حيث تم تفعيل المادة الخامسة التي تنص على الدفاع المشترك للمرة الأولى والوحيدة بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة. 

وسيناقش الوزراء كذلك خطط توسيع مهمة التدريب التي يقوم بها حلف الأطلسي في العراق. وسيتم تأكيد التفاصيل خلال القمة التي ستعقد في يوليو. لكن ستولتنبرغ أشار إلى أن مئات العناصر سينخرطون فيها. 

وسيناقش الوزراء كذلك الملف الافغاني بعدما قال ستولتنبرغ إن حلف الأطلسي سيساعد في ضمان أمن الانتخابات المقبلة في افغانستان. وسلم حلف الأطلسي مسؤولية الأمن في افغانستان للقوات المحلية في نهاية العام 2014 لكن لا يزال لديه هناك قوة دعم وتدريب قوامها 13 ألف عنصر. 

وبعد بروكسل، سيتوجه بومبيو إلى الشرق الأوسط حيث سيتوقف في اسرائيل والأردن والسعودية وهي محطات اختارها بحسب المتحدثة باسم الخارجية الاميركية هيذر نويرت نظرا إلى "اهمية هؤلاء الحلفاء والشركاء الاساسيين في المنطقة".