إيلاف من برلين: يولد بعض الأطفال بوجود خلل في صمامات القلب، ويضطر الجراحون إلى استبداله بآخر صناعي لانقاذ حياته. لكن الحاجة تستجد دائماً إلى تغيير هذا الصمام كي يتناسب كل مرة مع حجم قلب الطفل النامي.

وبعد تجربة زرع صمام قلب مصنوع من الخلايا الجذعية في قلب عنزة أجراها فريق العمل السويسري في العام2009، توصل نفس الفريق، بقيادة البروفيسور سيمون هورستروب، إلى زرع هذه الصمامات "النامية" في قلوب11 خروفاً. 

وانتظر العلماء سنة كاملة قبل الكشف عن نتائج التجربة الحالية، ويقولون ان قلوب الخراف تقبلت الصمامات تماماً، وان الاخيرة عملت 12 شهراً بكفاءة عالية دون أن تصاب بعطب.

ويبدو أن العلماء السويسريون وضعوا اللبنة الأولى على طريق التغلب على مشكلة عدم تناسب حجم الصمام الصناعي مع حجم القلب. وكتب العلماء من جامعة زيورخ انهم طوروا صمامات، من خلايا جسم الطفل، تنمو مع نمو الطفل.

وكتب العلماء في مجلة"ترانسليشونال ميديسن" انهم جربوا الصمامات النامية في الخراف وانها اثبتت كفاءة في العمل، ولم يرفضه جهاز المناعة الجسدي. وذكروا ان المشروع، الذي قادته جامعة زيورخ، مدعوم مالياً من السلطات الصحية في الاتحاد الأوروبي.

معروف أن الطب يحاول منذ أكثر من عشرين سنة انتاج صمامات"طبيعية" يجري استنباتها من خلال الجسم في المختبر بتقنية"هندسة الأنسجة". ويفترض أن تكفي هذه الصمامات الطفل مضاعفات عملية تغيير الصمامات المستمرة.

وسبق للأطباء أن نجحوا في تنمية مثل هذه الصمامات مختبرياً إلا ان هذه المستنبتات يرفضها الجسم بعد حين، أو تتعرض نفسها إلى العطب أو انها تتسبب بارتجاع الدم في تجاويف القلب.

زراعة الصمامات النامية في قلوب الخراف

وكتب الباحث سيمون هورستروب، من جامعة زيورخ التقنية، ان الصمامات النامية الجديدة صمدت بنجاح في قلوب الخراف. إذ تمت زراعة هذه الصمامات في قلوب9-11 خروف وواصلت عملها طوال سنة دون أن تتعرض للتلف أو الرفض من الجسم.

تمت زراعة هذه الصمامات في قلوب الخراف بواسطة القثطرة دون الحاجة إلى عمليات كبرى، وانتظر الأطباء سنة قبل الإعلان عن النتائج. وزرعت هذه الصمامات محل الصمامات الثلاثية الشرف المعطوبة في قلوب الخراف(بين البطين والاذين الايمن)، وصمدت رغم الضغط العالي الناجم عن انضغاط القلب ولم يحدث أي ارتجاع في الدم إلى حجرات القلب السفلى. 

وقبل تنمية هذه القلوب في المختبر درس العلماء، بطؤقة المحاكاة على الكومبيوتر، المناطق التي تتعرض لضغط الدم أكثر من غيرها في صمامات القلب وصمموا الصمامات النامية على هذا الأساس.

واستخدم العلماء من زيورخ خلايا خلايا من بطانات الأوعية الدموية في تنمية الصمامات مختبرياً بتقنية هندسة الأنسجة، وهذا منح"مارتكس" الصمامات المستنبتة القدرة على النمو مع نمو القلب. وعادة يحصل الارتجاع حينما تنمو عضلات القلب ولاينمو معه حجم الصمام.

تنمية الخلايا الجذعية في قوالب 

في تجاربهم السابقة، استمد العلماء من جامعة زيورخ الخلايا الجذعية من بطانات الشرايين في عنق عنزة. وتقبل القلب الصمام ولم يرفضه لأنه مصنوع من خلايا جسم نفس العنزة.

وجعل العلماء الخلايا الجذعية تنمو داخل قوالب مصنوعة من مادة تتحلل ذاتياً في الجسم بعد فترة. ونمت هذه الخلايا طوال ثمانية أسابيع إلى صمامات قلب أخذت شكل القالب.

وانتج العلماء منذ ذلك الوقت أكثر من 100 صمام بانتظار تجربتها على قلوب الأطفال، وتحدثوا آنذاك عن الحاجة إلى سنوات عديدة وصولاً إلى ذلك، ثم استبقوا التجارب على البشر بالتجارب الحالية على الخراف.

تجارب مقبلة على الأطفال

ويقول هورستروب ان تحدي النجاح في قلوب الأطفال يبقى قائماً إلى ان يثبت نجاح التجارب على البشر. ويخطط فريق العمل لتجربة الصمامات النامية على الاطفال الذين يولدون بخلل في صمامات القلب في مستشفى الأطفال في جامعة زيورخ الطبية.

ويضيف الباحث ان المعضلة الرئيسية هي انه من غير المكن حتى الآن إنتاج صمامات قلب نامية تصلح لكافة الطفال، ولابد من استنبات صمامات قلب خاصة بكل طفل في المختبر من الخلايا البطانية المستمدة من جسمه.

صمامات "ذائبة" لقلوب الأطفال من ألمانيا

وسبق لجراحي القلب الألمان، لأول مرة في العالم، أن استدخموا صمامات قلب تتحلل في جسم الإنسان تلقائياً بعد انتهاء الحاجة لها. وزرع جراحوا القلب صماماً ذا مظلة مزدوجة لمعالجة ثقب بين حجرات قلب طفل رضيع.

وذكر البروفيسور كريستيان يوكس، من عيادة القلب في جامعة غوتنغن (غرب)، ان المادة التي صنعت منها الصمامات الذائبة لا تحرك ظاهرة رفض الأجسام الغريبة. واعتبر يوكس الانجاز خطوة هامة على طريق معالجة التشوهات الخلقية في قلوب الأطفال. وتم تطوير نظام المظلة المزدوج، الذي اطلق عليه اسم "بيوستارBioStar®"، بالتعاون مع شركة "ن م ت NMT" الاميركية لصناعة الأجهزة الطبية (بوسطن).

وتم زرع بيوستار لأول مرة في العالم في قلب طفل في عيادة غوتنغن. وذكر يوكس أن مادة الصمام تححل بيولوجياً تلقائياً خلال 18-24 شهراً تلي زراعته، وبعد أن يكون الثقب بين حجرتي القلب قد اندمل. وتم تصنيع الصمام من انزيمات جسم نفس الطفل ومن أنسجته، وهي سر عدم رفضه من قبل الجسم. ونال الابتكار رخصة الاستخدام الأوروبية ويمكن خلال أشهر استخدامه في مختلف عيادات القلب في أوروبا.

جدير بالذكر أيضاً ان الخلل الولادي في صمامات القلب ليس نادراً جدا، وتشير إحصائيات وزارة الصحة الألمانية إلى خلل في قلوب1% من حديثي الولادة. ويتركز الخلل عادة في الجزء الايسر من القلب حيث الصمام الاكليلي وصمام الأورطة.