كتب آلان غريش في صحيفة لوموند دبلوماتيك أن برنارد لويس توقع أن يدشن غزو العراق "فجرًا جديدًا وان يُستقبل الجنود الأميركيون في العراق بوصفهم محررين".

باريس: توقع المؤرخ الراحل برنارد لويس في مقابلة مع صحيفة دي فيلت الألمانية في عام 2004 أن تصبح أوروبا مؤَسلَمة بنهاية القرن. وأثار هذا التوقع ردات فعل متباينة في الأوساط السياسية والأكاديمية. 

عداء جوهري للغرب

في هذا الشأن كتب آلان غريش في صحيفة لوموند دبلوماتيك أن لويس ذو وجهين مثل الإله الروماني جانوس. فهو أكاديمي بريطاني انتقل إلى الولايات المتحدة في عام 1974، وباحث معترف به له كتب عديدة عن العالم الاسلامي. مفكر يتدخل في السياسة منذ زمن طويل ومعروف بدعمه الثابت للسياسة الاسرائيلية، كما لاحظ غريش مشيرًا إلى إدانة موقف لويس في فرنسا لإنكاره الابادة الجماعية التي تعرض اليها الأرمن في تركيا العثمانية في عام 1915. 

تابع غريش أن لويس اصبح مستشارًا كبيرًا في ادارة جورج بوش، وكان قريبًا من المحافظين الجدد خصوصًا بول وولفويتز نائب وزير الدفاع في إدارة بوش حين قررت غزو العراق. 

أعاد غريش التذكير بأن لويس توقع أن يدشن الغزو "فجرًا جديدًا وان يُستقبل الجنود الأميركيون في العراق بوصفهم محررين، وأن صديقه أحمد الجلبي رئيس المؤتمر الوطني العراقي سيعيد بناء عراق جديد". 

صدام الحضارات

بحسب غريش، في بحوث لويس أكثر من وجهة نظر سياسية، لكن خيطًا واحدًا يسري فيها هو الفكرة القائلة إن العالم الاسلامي متكلس في عداء جوهري للغرب. لويس هو الذي نحت مصطلح "صدام الحضارات" منذ عام 1957 في مؤتمر حول الشرق الأوسط استضافته جامعة جونز هوبكنز.

وعلى الرغم من أن كاتبًا آخر هو صاموئيل هانتنغتون روج نظرية صدام الحضارات، فلويس عاد اليها في مقالة نشرها في عام 1990، وقال فيها ما معناه إن المسلمين لا يحبون الغرب ليس بسبب ما فعاله ويفعله بهم، بل "لأنهم يرفضون حبنا للحرية ولأنهم على الجانب الخاسر منذ 200 سنة"، كما كتب غريش في لوموند دبلوماتيك. 

رأى غريش أن لويس يفضل الاستغراق في الخيال على التعامل مع حقائق ملموسة مثل المصالح النفطية ومأساة الفلسطينيين والتدخلات الغربية.

في أقل من 10 صفحات، يمر لويس على نحو 1000 سنة من التاريخ الحافل بالقوى المتصارعة والانقسامات والتحالفات، بعضها تحالف المسلمين مع قوى مسيحية، مختزلًا ما يفكر فيه المسلمون، سواء أكانوا قادة أو مواطنين اعتياديين، بلدانًا أو طبقات، سنة أو شيعة. 

مسألة الموسيقى

منطلق غريش "أنه يختلفون عنا بصورة اساسية، وهم لا يحبون حتى الموسيقى الغربية". وينقل غريش احتجاج المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد الذي كان يعشق الأوبرا والموسيقى الكلاسيكية، ورد سعيد على لويس بالقول إن في العديد من العواصم العربية معاهد راقية للموسيقى الغربية، مثل القاهرة وبيروت ودمشق وتونس والرباط وعمان وحتى رام الله في الضفة الغربية. 

وأنتجت هذه المعاهد آلاف الموسيقيين الذين تعلموا الموسيقى الغربية وعملوا في فرق سيمفونية وفرق اوبرالية عدة، تقدم حفلاتها في قاعات تغص بالجمهور في أنحاء العالم العربي، فضلًا عن العديد من المهرجات الموسيقية. 

نوه غريش إلى أن سعيد تساءل لماذا استخدم لويس الموسيقى الغربية للتهجم على الإسلام الذي له تقاليد غنية في الموسيقى. واشار غريش إلى قول سعيد: "إن جوهر أيديولوجيا لويس عن الاسلام هو انه دين لا يتغير ابدًا... وأي نظرة سياسية وتاريخية وأكاديمية إلى المسلمين يجب أن تبدأ وتنتهي بحقيقة أن المسلمين مسلمون".

اختتم غريش تعليقه في لوموند دبلوماتيك بالقول إنه لن يمضي وقت طويل قبل أن يكتشف عالم أميركي ما وجود جين اسلامي يفسر لماذا يختلف المسلمون عن باقي البشر المتحضرين. 

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "لوموند ديبلوماتيك". الأصل منشور على الرابط:
https://mondediplo.com/2005/08/16lewis