روما: يؤدي اول تحالف حكومي بين حركة فتية مناهضة للمؤسسات وحزب يميني متطرف، اليمين الدستورية بعد ظهر الجمعة في روما برئاسة جوزيبي كونتي رجل القانون الحديث العهد بالسياسة، الذي وعد باتباع سياسة امنية ومعارضة لاجراءات التقشف.
وبعد نحو ثلاثة أشهر من المفاوضات والتطورات غير المسبوقة حتى في هذا البلد المعتاد على الازمات السياسية، توصلت حركة خمس نجوم (المناهضة للمؤسسات) والرابطة (يمين متطرف) الى تسوية مع الرئيس سيرجيو ماتاريلا الذي طالب بضمانات حول بقاء ايطاليا في منطقة اليورو.
وكان الرئيس لجأ الى تعطيل لائحة أولى للحكومة مساء الاحد. لكنه وقع مساء الخميس لائحة معدلة بوزراء من المفترض ان يقسموا الدستورية عند الساعة 16,00 (14,00 ت غ)، على ان تعقد جلسة طلب الثقة في البرلمان في مطلع الاسبوع المقبل.
واختار التحالف الحكومي كونتي استاذ الحقوق والمحامي البالغ 53 عاما الذي لم يكن معروفا في الاوساط السياسية قبل 15 يوما، لتولي رئاسة الحكومة. وسيجلس الى جانب ماتاريلا السبت لحضور العرض العسكري بمناسبة العيد الوطني.
وسيمثل كونتي الذي كان لا يزال يواصل صباح الخميس محاضراته في جامعة فلورنسا، ايطاليا في قمة مجموعة السبع الاسبوع المقبل في كندا.
وعُين لويجي دي مايو زعيم حركة خمس نجوم وماتيو سالفيني زعيم الرابطة نائبين لرئيس الحكومة بعد ان كانا في مقدمة الحملة ولعبا دورا اساسيا في المفاوضات الطويلة، على ان يتولى الاول وزارة التنمية الاقتصادية والعمل والثاني وزارة الداخلية.
وافتتحت بورصة ميلانو تداولاتها الجمعة على تحسن بالمقارنة مع اليوم السابق وارتفع مؤشر "ميب" بنسبة 2,10% ليسجل 22,241 نقطة بعد زيادة بأكثر من 2,5% في التبادلات الاولى.
ويسود الترقب الجمعة ازاء رد فعل الاسواق المالية التي شهدت نشاطا حثيثا في الاسابيع الماضية خصوصا مع ارتفاع الفارق بين معدلات الفائدة الألمانية والإيطالية على عشر سنوات.
توازن بين الحلفاء
تم تعيين جيوفاني تريا استاذ الاقتصاد السياسي المقرب من رؤية الرابطة لكنه مؤيد لبقاء البلاد في منطقة اليورو، في منصب وزارة الاقتصاد والمالية الحساسة.
وبعد ان كان باولو سافونا (81 عاما) خبير الاقتصاد الذي يعتبر اليورو "سجنا المانيا"، مرشحا لحقيبة الاقتصاد، تم تعيينه في الحكومة الجديدة وزيرا للشؤون الاوروبية.
ويتولى وزارة الخارجية اينزو موافيرو ميلانيزي المؤيد لاوروبا والذي عمل طيلة 20 عاما في بروكسل وكان وزيرا للشؤون الاوروبية في حكومتي ماريو مونتي وانريكو ليتا (20112014).
وفي النهاية، تتألف الحكومة من 18 وزيرا بينهم خمس نساء فقط وموزعين بشكل شبه متساو بين الحزبين مع ان الرابطة لم تحصل سوى على 17% من الاصوات في الانتخابات التشريعية في الرابع من اذار/مارس في مقابل أكثر من 32% لحركة خمس نجوم.
"مقاربة ثقافية مختلفة"
وكان كونتي تعهد الخميس بعد ان عرض لائحة حكومته "العمل بجد لتحقيق الاهداف السياسية التي أعلناها في اتفاق الحكومة وسنعمل بتصميم من أجل تحسين مستوى معيشة كل الايطاليين".
وبموجب "اتفاق الحكومة" الذي استغرق عشرة أيام من المفاوضات وتم اعلانه قبل اسبوعين، ستتخلى البلاد نهائيا عن اجراءات التقشف و"تعليمات" بروكسل لتركز على سياسة نمو اقتصادي من اجل الحد من العجز الهائل في الدين العام الايطالي.
وتعهدت الحكومة بخفض سن التقاعد والحد بشكل كبير من الضرائب وهو احد الوعود الاساسية للرابطة، وتأمين "مدخول للمواطنين" بقيمة 780 يورو في الشهر وهو احد ابرز وعود الحملة الانتخابية لحركة خمس نجوم.
وتمثل هذه التشكيلة الحكومية مواقف حركة خمس نجوم ازاء البيئة والتقنيات الحديثة وايضا خطاب الرابطة الداعي الى اعتماد مبادئ اخلاقية في الحياة السياسية وتشديد الاجراءات الامنية والمعادي للهجرة والمسلمين.
ورحبت زعيمة حزب الجبهة الوطنية (يمين متطرف) الفرنسي مارين لوبن بتشكيل الحكومة في ايطاليا معتبرة انه "انتصار للديموقراطية على تهديدات" بروكسل.
وقال سالفيني أمام مؤيدين مساء الخميس "بدون ان أعد بتحقيق معجزات، آمل ان نتوصل بعد الاشهر الاولى لحكومة التغيير هذه الى ضرائب اقل وأمن أكبر وزيادة في التوظيف وعدد أقل من المهاجرين غير الشرعيين"، في تأكيد لوعود حملته.
كما تعهد سالفيني ب"مقاربة ثقافية مختلفة قليلا مع "اقتطاع كبير" في الاموال المخصصة لاستقبال طالبي اللجوء.
التعليقات