واشنطن: دافع الرئيس الاميركي دونالد ترمب مجددا الثلاثاء عن سياسته المثيرة للجدل حول فصل العائلات المهاجرة، مؤكدا انه الخيار الوحيد لمحاربة الهجرة غير الشرعية بشكل فعال. وقال "لا أريد فصل الاطفال عن والديهم. عندما تعتقل الاهل بسبب دخولهم غير القانوني الى البلاد، وهذا ما يجب فعله، عليك عندها ان تفصل الاطفال".

ومع تشديده على ضرورة محاربة المهربين، اتهم الرئيس الاميركي وسائل الإعلام بالتواطؤ معهم. اضاف "لا نريد أن يتدفق الناس الى بلادنا. نريدهم أن يأتوا من خلال عملية قانونية ونريد، في النهاية، نظاما قائما على الجدارة".

تابع ان "أولئك الذين يتقدمون بطلبات لجوء من خلال الوسائل القانونية لا تتم مقاضاتهم، لا تذكرهم ابدا وسائل الاعلام التي تنشر اخبارا كاذبة. انها تساعد هؤلاء المهربين بشكل لا يمكن لأحد ان يصدقه". وعلى غرار عادته في الايام الاخيرة، اتهم الرئيس الاميركي الديموقراطيين مجددا بالمسؤولية عن الازمة الحالية قائلا انهم يعطلون اي اصلاح حول الهجرة في الكونغرس.

وغرد ترمب صباح الثلاثاء "في حال لم تكن لدينا حدود لن تكون لنا بلاد"، مضيفا "علينا ان نوقف على الدوام الاشخاص الذين يدخلون بلادنا بشكل غير شرعي".

ورغم انتشار صور الاطفال باكين وتسجيلات اصواتهم وهم ينتحبون بعد فصلهم عن ذويهم، فان الرئيس الاميركي يؤكد تمسكه بموقفه انطلاقا من سياسته المتشددة ازاء الهجرة غير الشرعية، والتي تسببت بتذمر حتى داخل معسكره الجمهوري في الكونغرس الذي يلقي كلمة امامه عصر الثلاثاء.

وامام نتائج استطلاعات الرأي التي كشفت تأييد الغالبية الجمهورية لقراره هذا، تمسك ترامب اكثر فاكثر بمواقفه محملا اعضاء الكونغرس كمشرعين مسؤولية العمل "على تغيير هذه القوانين السخيفة بشأن الهجرة التي مر عليها الزمن".

وسيدعو ترمب امام الكونغرس الاعضاء الجمهوريين الذين يشكلون الغالبية في مجلسي النواب والشيوخ الى التصويت ابتداء من الخميس على اصلاح لقوانين الهجرة. الا انه وامام كثرة الخلافات بين الاعضاء فان نتيجة التصويت لن تكون بالضرورة مضمونة لترمب.

ومع اعلانهم من دون مواربة انزعاجهم لما يحصل للاطفال الذين يفصلون عن اهاليهم، فان عددا من كبار ممثلي الحزب الجمهوري مثل السناتورين ماركو روبيو وتيد كروز او الرجل الثاني للجمهوريين في مجلس الشيوخ جون كورنين، يؤكدون رغبتهم باقرار قانون يتيح لافراد العائلات البقاء معا بانتظار مثولهم امام قاض للبت بامرهم.

الا ان آخرين من كبار قادة الحزب الجمهوري لا يخفون اشمئزازهم من قرار ترامب، على غرار السناتور جون ماكين المعروف بمواقفه المنتقدة للرئيس الاميركي. وكتب ماكين الذي يعاني من سرطان في الدماغ "ان السياسة الحالية الفظة (...) صفعة للمبادئ والقيم التي قامت عليها امتنا".

الموضوع يصبح دقيقا اكثر مع سعي عدد من اعضاء الكونغرس لاعادة انتخابهم في نوفمبر المقبل، عندما ستجري الانتخابات لجميع اعضاء مجلس النواب ولثلث اعضاء مجلس الشيوخ. وامام هذا الاستحقاق الانتخابي يؤكد ترامب ان المعارضة هي التي تتحمل المسؤولية.

وقال في تغريدة "ان الديموقراطيين هم المشكلة. انهم لا يكترثون للاجرام ويريدون ان يتدفق المهاجرون غير الشرعيين على بلادنا بمعزل عن نسبة خطورتهم". ورد عليه السناتور الديموقراطي شاك شومر "سيدي الرئيس انت الوحيد القادر على حل هذه المشكلة بشحطة قلم (...) رمي المسؤولية على الاخرين سهل وغير شريف".

نمط حضاري
وتفيد الارقام الاميركية الرسمية انه منذ اعلان الادارة الاميركية عدم التسامح مع مسألة المهاجرين غير الشرعيين في مطلع مايو الماضي، تم فصل 2342 طفلا مهاجرا عن عائلاتهم (من الخامس من مايو حتى التاسع من يونيو).

السبب يعود الى قرار البيت الابيض بملاحقة جميع الاشخاص الذين يعبرون الحدود بشكل غير شرعي مع المكسيك سواء كانوا برفقة اطفال او لا. ومع ان القانون لا يزال نفسه، فان السلطات كانت تفضل في السابق عدم احتجاز من يصلون مع عائلاتهم لتجنب فصل الاطفال عن اهاليهم ما دام لا يمكن سجن الاطفال.

واعتبرت منظمة العفو الدولية ان السياسة الاميركية الجديدة هي "نوع من التعذيب"، في حين اعتبرت الامم المتحدة انها "غير مقبولة"، كما ندد بها كبار القادة الدينيين الاميركيين الذين يؤثرون عادة في الناخبين الجمهوريين.

ويدافع البيت الابيض عن هذه السياسة مؤكدا ان الهدف منها هو "ردع" الراغبين بالهجرة غير الشرعية، وان القانون الحالي لا يقدم بديلا اخر من فصل الاطفال عن اهاليهم.

وفي فرنسا اعلن المتحدث باسم الحكومة الفرنسية بنجامين غريفو ان اوروبا والولايات المتحدة "لا تعتمدان النمط الحضاري الواحد" منددا بالصور "الصادمة" لاطفال فصلوا عن ذويهم.