تتجه الكتل السنية والكردية للاندماج بتحالفين يضمان الكتل السنية الفائزة بالانتخابات والكتل الكردية لدخول مفاوضات توزيع المناصب الوزارية.
ويأتي هذا النكوص في التحالفات الطائفية والقومية بعد الإعلان المفاجئ بين كتلة سائرون المدعومة من زعيم التيار الصدري (الفائز الأكبر في الانتخابات) وتحالف الفتح بزعامة رئيس منظمة بدر والقيادي البارز في الحشد الشعبي هادي العامري في الثاني عشر من الشهر الجاري بعد أن كان تحالف سائرون متشدداً في أي تحالف يعيد التكتلات الطائفية مما حدا بالمتابعين للعملية السياسية في العراق الى الجزم بالضغوط الكبيرة التي مورست ضد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر للعودة الى التحالف الشيعي الذي دعمته إيران في الدورات الانتخابية السابقة.
تحالف الكتل السنية
ووفقاً لهؤلاء المتابعين فأن ضغوطاً مقابلة مورست على الصدر للخروج من التحالف مع العامري داخلية وخارجية أدرى عدم نجاحها الى رضوخ الكتل السنية لدخول المفاوضات الحكومية بتحالف طائفي مماثل كشف عنه القيادي السني البارز خميس الخنجر راعي كتلة القرار في مقابلة من التلفزيون الالماني يوم أمس .
قال فيها إن "السنة مكون رئيسي من مكونات الشعب العراقي ولا يمكن تهميشهم، وأن مشاركة السنة في أي تحالف سياسي موسع لتشكيل الحكومة يظل مرهونا بالبرامج والضمانات لا بالأشخاص" محذراً من أن "التجارب منذ عام 2003 أثبتت أن تهميش أي مكون، وتحديدا السنة، لا يؤدي إلا للمزيد من المشكلات وعدم الاستقرار".
ورفض الخنجر اعتبار أن دور السنة والأكراد في مفاوضات تشكيل الحكومة سيكون تكميليا للتحالفات الكبرى من أجل تشكيل "الكتلة الأكبر"، ومن ثم ضمان تشكيل الحكومة دون إشراكهم بشكل جدي في النقاش حول برنامج عمل الحكومة أو تشكيلتها".
وأكد على أن هناك حرص كبير من الجميع على أن يكون المكونان السني والكردي مشاركين بفاعلية في الحكومة القادمة. وبين أن "هذا ما لمسناه عند عودتنا لبغداد مؤخرا ولقائنا بالعديد من القيادات بداية من رئيس حكومة تصريف الأعمال حيدر العبادي أو رئيس قائمة الفتح هادي العامري وغيرهما من القيادات".
وكشف الخنجر عن سعي جدي "لتوحيد الصف السني ومحاولات لتوحيد الصف الكردي، الأمر الذي يساعد الجانبين على تحسين فرص اختياراتهم بشأن الانضمام للتحالفات الساعية للفوز بتشكيل الحكومة القادمة".
وأكد أن "الأيام القليلة القادمة ستشهد الإعلان عن تحالف جديد يضم تقريبا نصف الشخصيات السنية التي فازت بالانتخابات، وبالتالي سيكون هذا التحالف لاعبا مهما في العملية السياسية بموازاة محاولات تجرى لتوحيد المواقف بين الأحزاب الكردية".
وقلل الخنجر من المخاوف التي تولدت لدى بعض السنة عقب إعلان تحالف بين قائمة "سائرون" بزعامة مقتدى الصدر وقائمة "الفتح" بزعامة هادي العامري، لقرب العامري من طهران.
وشدد :"هذا الموضوع لا يقلقنا، سترتكز خياراتنا كسنّة على البرامج والضمانات لا على الأسماء والشخصيات ... سنفاضل بين ما يطرحه كل جانب من برامج لتشكيل الحكومة، وما يطرحه من رؤى وحلول لمشاكل العراق عموما ومشاكل المناطق السنية على وجد التحديد، والأقرب لرؤيتنا سيكون هو الطرف الذي نتعاون معه".
وفيما يتعلق بقرب العامري من طهران، قال :"نحن أمام كتل سياسية معترف بها وشخصيات موجودة وفاعلة بالمشهد السياسي ... وسنسعى إلى أن يكون هناك اتفاق فيما بيننا كعراقيين أولا وأخيرا بغض النظر عن علاقات البعض بهذه الدولة أو تلك".
وأقر الخنجر "أن انطلاق التحالفات الكبرى بالتحالف بين "سائرون" و"الفتح"، وإن لم يغلق بابه حتى الآن أمام انضمام آخرين إليه، فإنه مَثّل لكثيرين عودة بالعراق للمربع الأول للطائفية". مستدركا "لكن بالنهاية كل طرف حر ويعرف مصلحته فيما يختار. ربما يرون أن مصلحة البلاد تستدعي هذا التحالف، هم لهم أولوياتهم وخياراتهم ونحن أيضا لنا خياراتنا وأولوياتنا. وعلى أي حال، فإنه في كل دول العالم، لا تتحقق الكثير من الشعارات التي ترفع بالحملات الانتخابية ".
وبين الخنجر، وهو رجل الاعمال، أن "الأولوية الأبرز لإعادة الإعمار وإعادة النازحين لمدنهم و سحب الحشود العسكرية من كافة مناطقنا، والإفراج عن المخطوفين والمعتقلين لدى بعض الميليشيات المندرجة بالحشد الشعبي: لدينا أسماء ما يزيد عن 3200 فرد من مناطقنا بسجون تلك الميليشيات".
وشدد على أهمية حدوث "اتفاق حول موضوع حصر السلاح بيد الدولة"، وقال :"نريد تحديد التوصيف الصحيح للسلاح المطلوب ضبطه وهل هو سلاح الميليشيات أم العشائر ... ومدى توافق ذلك مع متطلبات الأمن وحماية الأهالي خاصة في ظل استمرار تهديد داعش لبعض المناطق".
وكشف عن امكانية ذهاب السنة الى مقاعد المعارضة "إذا لم نجد من بين التحالفات القائمة من يقدم لنا ضمانات كافية، فسوف نذهب للمعارضة ونعلن بوضوح أنه لا يوجد طرف مستعد لتلبية مطالب مناطقنا".
وحول ما يتردد عن اعتزام العبادي تقديم تنازلات جوهرية للكتل السياسية ليفوت على منافسيه فرصة تشكيل الكتلة الأكبر، وبالتالي ضمان استمراره بموقعه، قال الخنجر :"كل الكتل السياسية ستقدم تنازلات وستخفض سقف مطالبها من أجل ضمان مشاركتها بفعالية في التشكيل الحكومي، وبالتالي فإن من حق العبادي أن يقوم بالشيء نفسه".
وبالمقابل أقر بأن يُطلب من القيادات السنية تنازلات في المشاورات "التنازلات ستكون في جملة المناصب، ونحن كقيادات، بسبب ما حدث بمناطقنا من دمار هائل ونزوح كبير وما تعانيه أسر المعتقلين والمخطوفين، لن نتوقف كثيرا عند المناصب وسنركز، كما قلت، على ما يطرح من برامج حكومية وما تتضمنه من حلول للمشاكل والمطالب، فضلا عن الضمانات".
وحول احتمال تقلد شخصية سنية منصب رئاسة الجمهورية أشار الخنجر الى أن صفقة تبادل الأدوار بين الأكراد والسنة في رئاستي الجمهورية والبرلمان لا تزال حبيسة الإطار الإعلامي ولم تشهد أي تدرج ينقلها لأرض الواقع، وقال :"خلال لقائي برئيس إقليم كردستان السابق رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني ،مسعود بارزاني، لمست استمرار تمسك الأخوة الأكراد بموقع رئاسة الجمهورية، وإن كنا نميل إلى أن يصبح الأمر مفتوحا ليكون من حق أي عراقي الترشح لأي منصب".
تحالفات الكرد
وكان وفد رفيع المستوى من الديمقراطي الكوردستاني، برئاسة نائب رئيس الحزب نيجيرفان البارزاني، اجتمع متنصف الشهر الماضي مع وفد من الاتحاد الوطني الكوردستاني، برئاسة مسؤول الهيئة التنفيذية في المكتب السياسي للوطني الكوردستاني، ملا بختيار، في العاصمة أربيل، وفق مانشرته مواقع كردية محلية.
وقال القيادي في حزب الاتحاد الوطني الكوردستاني، هريم كمال آغا، إن "حزبي الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني متفقان على ضرورة مشاركة جميع الأطراف الكوردستانية في فريق واحد للذهاب إلى البرلمان العراقي"، مشيراً إلى أن "الحفاظ على المكاسب يحتاج إلى صوت كوردستاني واحد".
من جانبه، أوضح عضو قيادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني، خسرو كوران، أن "حزبنا مستعد للجلوس مع الأطراف الكوردستانية للذهاب إلى بغداد بموقف موحد"، مشدداً على أن "الديمقراطي يؤكد على ضرروة الذهاب إلى بغداد بتحالف كوردستاني".
وكان زعيم الحزب الديمقراطي الكوردستاني، مسعود البارزاني شدد في أكثر من مناسبة بعد اعلان نتائج الانتخابات البرلمانية على إنه "يجب أن تضع الأطراف الكوردستانية، المصالح الوطنية أمام المصالح الحزبية، وأن لاتضحي بمصالح شعب كوردستان لأجل مكاسب وقتية وحزبية وسياسية، ويجب أن تفهم أنه بوحدة الصوت نحقق المكاسب ونحافظ على حقوقنا".
يذكر أن الكتل السياسية العراقية تنتظر الانتهاء من اجراءات العد والفرد اليديوي لما نسبته 5% من نتائج الانتخابات قبل اقرار النتائج النهائية التي فاز بها تكتل سائرون وتلاه تحالف الفتح وجاء تحالف النصر لاذي يترعمه رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي ثالثاً. ويتوجب على الكتلة الاكبر داخل البرلمان الحصول على 165 مقعداً لضمان ترشيح رئيس الحكومة. وشهدت نتائج الانتخابات طعوناً واتهامات بالتزوير مما حدا بالبرلمان والمحكمة الاتحادية الى اقرار العد والفرز اليدوي لـ 5% من النتائج لمعرفة توافقها مع نتائج التصويت الالكتروني. ومن ثم اقرار المضي بذات النتائج أو اعادة الانتخابات من جديد مما يعرّض البلاد لعدم استقرار وفراغ دستوري، حسب متابعين.
التعليقات